أسماء خليل تكتب: فن التعامل والكَذِب
مُسميات وراءها الكثير من التحليلات والتأويلات، ولكنها خادعة تخفي الكثير، ومنها مصطلح “ فن التعامل” ، الذي لا يخلو من “الكذب” في طياته ،،
في تواصلك مع أحد البائعين أثناء شرائك لأحد المنتجات، وأنت تسأله بكم ذلك المنتج، فتراهُ مُجيبًا – على سبيل المثال – بـ ٥٠٠ جنيها، ثم تحاول تقليل ذلك المقدار ، بما هو متعارف عليه في كل المجتمعات باسم “الفِصال”، لتصل معه بعد التفاوض ربما إلى ثلاثمائة وخمسين جنيهًا، ثم تتعجب كيف يكون ذلك!!..
حاول أن تتناقش مع ذلك البائع عن كيفية ما حدث، لتراهُ مجيبا، بأن ذلك فن البيع والشراء.. فن التعامل.. وفي نفس الوقت يؤكد لك أن الناس هم من دفعوه لذلك، فأسلوبهم في التفاوض ليبخسوا الناس أشياءهم، هو ما دفعه ليفعل ذلك بوضع مبلغ أكثر من الثمن المستحق للمنتج، لأنه يعلم جيدا أن الشاري سيبخس بالثمن.. ولكن هل فكرت أن ما يحدث كذبا ؟!..
إذا اتصلت بمحامٍ أو طبيب أكثر من مرة لتجده متاح ويحدثك بشكل جيد ولا يتأفف من أنك أخذت من وقته، إذا وقعت في مأزق – على سبيل المثال – فلن تذهب إلى ذلك المحامي، للاعتقدات والموروثات البالية الخاطئة بأن من لديه سلعة إذا لم يزدحم عليه الناس فلن يكون منتجه جيدا..
وبالطبع مع مرور الوقت وتراكم الخبرات لصاحب تلك المهن، سيضطر للرضوخ ضحية “فن التعامل”، وإذا اتصلت به وهو متاح ربما إذا رد قال لك إنه غير متفرغ الآن لوجود قضايا يفكر بها مع الزبائن، وربما يستعير ببعض الناس يجلسون لديه كي يعلم الجميع أن لديه عمل، إلى أن يزدحم محل عمله حقا بالعملاء، لأنها طبيعة البشر الذين ينخدعون بالظاهر !!..
وبضرب أكثر من مثال، إذا كانت هناك فتاة مخطوبة أو ما تزال عروس جديدة، وتتعامل مع شريكها بكل حب واشتياق وتسأل عليه دوما وربما هي رهن إشارته، وفي نفس الحين تجد مردودا لا يعكس ما تفعله معه بشكل إيجابي، وحينما تحاول استشارة الخبراء، تجدها تقول لها استخدمي بحياتك ” فن التعامل” ، لا تكوني متاحة طوال الوقت، إذا طلب منكِ التحدث الآن بعد فترة غاب عنكِ، تعللي بأنكِ مشغولة، رغم أنكِ لستِ كذلك، إذا لم تكوني في ذلك الحين تفعلين شيئا قولي له أنا أفعل الآن كذا وكذا وأنتِ لم تفعلي.. على أن يتم نجاح العلاقة بينهما بالمراوغة أو المعنى المستعار للكذب،،
متى سيدرك المجتمع أن“الصدق مُنجي” مهما تكن عواقبه؟!.. وإن المراوغة والتلاعب والحيل النفسية في طرقات فن التعامل؛ تُعد كذبا..
لا تكذب.. كن أنت.. لا ترضي مخلوق في معصية الخالق، ويكفى أن نتعلم ذلك الحديث النبوي الشريف، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ؛ رضِيَ اللهُ عنه، وأرْضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ، سخِط اللهُ عليه، وأسخَط عليه الناسَ.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.