د. عصام المغربي لـ «بيان»: كيف يساند المجتمع مريض الاكتئاب ؟
كتبت: أسماء خليل
المساندة الاجتماعية للمريض- بصفة عامة – من أهم الدعائم المُساهِمة في شفائه، حيث يكون ذلك الدعم مؤشرًا يدل على حب من حوله له وتمسكهم به.
وفي حال المرض النفسى، وخاصة “مريض الاكتئاب”، يجد الأخير نفسه ليس في مجابهة المرض فقط؛ لكن نجدهُ – أيضا – في تحدٍ مع من حوله ليعترفوا بمرضه ومدى خطورته.
ولا يخلو الأمر من التدخل غير المُجدٍ؛ من الأهل والأقارب كالذهاب – مثلا – بالمريض إلى المُشعوذين والدجالين، عسى أن يستطيعوا إخراج ما به من مس الجن، أو فى حالات أخرى يتركوه وشأنه بالكلية، علَّه يعود لرشده!.. ومثل هذا المريض يعاني – في كثير من الأحوال – من عدم مساندة الآخرين له، ومراعاة حالته المرضية.
ظاهرة قديمة
حول هذا الموضوع يحدثنا دكتور عصام المغربي، خبير علم النفس السلوكي والتنمية البشرية، فى حواره التالى مع “بيان” مستنكرًا ما يحدث من عدم ثقافة ومعرفة جيدة حول مرض الاكتئاب، ويقول “ تعد المساندة الاجتماعية لمرضى الاكتئاب ظاهرة قديمة، قِدَمِ الإنسان نفسه، وهي من الركائز الأساسية، التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية؛ إذ تحمل المساندة الاجتماعية في طياتها معنى المؤازرة والدعم، حيث يدرك الشخص أن هناك بعض الأشخاص، الذين يقعون في نطاق شبكة علاقاته الاجتماعية، يمكنهم تقديم يد العون له عند الحاجة؛ وبذلك تؤثر درجة المساندة الاجتماعية، ومدي رضا الفرد عنها في كيفية إدراكه لما يواجه من ضغوط الحياة المختلفة، وأساليب مواجهته وتعامله مع تلك الضغوط”.
إشباع الحاجات النفسية
ويستكمل أستاذ علم النفس، بأن تلك المساندة، تؤدي دورًا مهمًا في إشباع الحاجات النفسية، كالحاجة إلى الأمان وخفض مستوى المعاناة الناتجة عن الأحداث والمواقف الضاغطة، وتجعل الفرد أكثر سعادة وتوافقا مع ذاته والآخرين، وأكثر مرونة في مواجهة مشكلات وأزمات الحياة، في الحين الذي يشعر بأهمية الآخرين ويقدر دورهم في حياته،،
ويرى د.عصام، أن المساندة الاجتماعية تشير إلي درجة انتماء الشخص إلي شبكة من العلاقات الاجتماعية، التي يمنحها ويتلقى منها المودة والمعونة والالتزام، وتشمل أفراد الأسرة والمجتمع والزملاء وأعضاء المجتمع، كما يتلقى منهم الدعم والمساندة والمؤازرة على المستوى النفسي والاجتماعي، ومستوى الاحتياجات المادية والمعلومات،،
اضطراب وجداني
يوضح خبير التنمية البشرية، أن الاكتئاب يعد أحد فئات الاضطرابات الوجدانية، التي تعتبر بدورها من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا، ومن ثم مسئولة عن كثير من المعاناة النفسية، بين الأفراد وأن كثيرا من محاولات الانتحار التي تحدث، تكون بسبب الاكتئاب، وعلى الرغم من إمكانية حدوث الاكتئاب في أي مرحلة عمرية، فإنه ينتشر بصورة أكبر خلال مرحلة المراهقة حتى منتصف العشرينات من العمر، وينتشر الاكتئاب بصورة أكبر لدى الإناث منه لدى الذكور؛ إذ أظهرت الدراسات أنه نحو ثلث النساء يخبرن الشعور بنوبة اكتئاب رئيسية مرة واحدة على الأقل في حياتهن، وعلى الرغم من أن الاكتئاب بالنسبة للغالبية العظمى من الناس يعبر عن استجابة عادية تثيرها خبرة مؤلمة؛ كالفشل في علاقة أو خيبة أمل أو فقدان شيء مهم، أو فقدان إنسان غال؛ فإن مايميز هذا النوع العادي من الاكتئاب هو أنه يحدث لفترات قصيرة قد لا تزيد على أسبوع، كما أنه عادة ما يكون مرتبطا بالموقف الذي أثاره،،
اكتئاب مرضي
ويؤكد خبير علم النفس السلوكي، أن ما يُسمى بالاكتئاب المرضى أو الاكلينيكي، هو عادة ما يتميز بأربع خصائص؛ حيث يكون أكثر حدة ويستمر لفترات طويلة، ويعوق الفرد بدرجة كبيرة عن أداء نشاطاته ووجاباته المعتادة، كما إن الأسباب التي تثيره قد لاتكون واضحة أو متميزة بالشكل الذي نراه عند الغالبية العظمى من الناس،،
أعرض حقيقية للاكتئاب
يُشير د.عصام، إلى أن الاكتئاب يعبر عن مجموعة من الأعراض الاكتئابية؛ منها اللوم وتأنيب الذات وقد تختلط بشكاوى جسمانية وأمراض بدنية بصورة قد لا نعرف الحدود بينها، وقد يعبر البعض الآخر عنه في شكل مشاعر اليأس والتشاؤم والإحساس بالملل السريع من الحياة والناس وقد تجتمع كل هذه الأعراض..
التقدير الذاتي
يختتم أستاذ علم النفس السلوكي، بأن المساندة الاجتماعية، لها دور بأشكالها المتعددة لمرضى الاكتئاب، حيث المساندة العاطفية والتي تتضمن التعبير عن مشاعر التعاطف، والحب والثقة والرعاية والقبول للأشخاص وإشعارهم بالتقدير الذاتي، ويطلق على هذا النوع من المساندة أيضا مساندة التقدير..المساندة الأدائية.. وتتضمن تقديم المساعدة اوالعون المادي وما يمكن تقديمه من أشكال الخدمات المختلفة.. المساعدة المعلوماتية.. وتتضمن تقديم النصيحة والمقترحات والمعلومات في المواقف الحياتية المختلفة.. المساندة التقسيمة.. وتتضمن المعلومات المفيدة للتقويم الذاتي من المعلومات والنصائح.