شريف عبد القادر يكتب: على خطى عم أحمد بائع الصحف الكذاب
فى ستينيات القرن الماضى كانت الصحف: أهرام وأخبار وجمهورية، وكانت قيمة الصحيفة ثلاث تعريفات ( ١٥ مليما ) وأتذكر عم أحمد بائع الصحف الذى كان يقف بشارع زين العابدين مع ناصية شارع التلول بالسيدة زينب عندما كان يريد بيع الصحف المتبقية معة كان يضعها بغلاف من الجلد ويحملها على كتفة ويمر بالشوارع الداخلية صائحا: “اقراااااا.. أم كلثوم ماتت”، ومرة أخرى: “اقرااااا.. قبضوا على فريد الاطرش وهو بيلعب قمار”، ومرة ثالثة: “اقراااااا قفشوا عبد الحليم حافظ تحرى”.
وكان غير المعتادين على شراء الصحف يتكالبون عليه ويشترون منه، ومنهم من كان أميا و يطلب من البعض أن يقرأ له الخبر بالجريدة ولا يجدوا أثر للخبر الكاذب، وعلى الرغم من ذلك كان كثيرون ممن تم التغرير بهم يشترون منه عندما يصيح بكذبة جديدة.
ومع مرور السنين ظهرت الصحف الحزبية تسير على خطى عم أحمد بائع الصحف، فكانت بعضها تضع عناوين كاذبة بالصفحة الأولى وكان البعض يتكالبون على شرائها وعندما يتابعون المكتوب بالصفحة الداخلية يجدون أنة موضوع هايف وليس فى سطوره أى أهمية كالمكتوب بعنوان الصفحة الأولى، وازدادت الطين بلة مع ظهور الصحف الخاصة.
وتمر السنين ونبتلى بالفضائيات الخاصة ونشاهد برامج مذيعيها منهم من كانوا صحفيين ويعتنقون مبدأ خالف تعرف بالإضافة لمواهبهم التمثيلية حيث نجد من يرفع صوته وهو “يحذق” ومن يصرخ أثناء حديثه، ومن ينفخ رقبته، ومن يتحدث بانفعال مفتعل لدرجة احمرار صلعته مع لمعانها، وأغلبهم كاذبين بمزاجهم او بناءاً على أوامر صاحب القناة أو المعد أو المخرج.
وكنت و غيرى نرى أن هؤلاء إما مرضى نفسيين أو يمثلون ذلك لإقناع المشاهدين ورفع نسب المشاهدة.
وأخيراً ابتلينا بـ “السوشيال ميديا” أو وسائل التواصل، التى تعج بنسبة كبيرة من الكاذبين والمرضى نفسياً ومعدومى الإنسانية والأخلاق.
واغلبهم يلهثون وراء “الترند” وارتفاع نسبة المشاهدة لتحقيق عائد مادى ولا يخجل الواحد منهم من أن يعلن كذباً عن زيادة بعدة الاف من الجنيهات لاقرانى أصحاب المعاشات، وغيرها من الأكاذيب على خطى عم أحمد بائع الصحف. وهو ما يستدعى تشريع قانون رادع للكذابين، والمنحلين، وناشرى الإباحية، وخونة الأوطان.