طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (2).. منى عبدالناصر والسفير الإسرائيلى
لم تقتصر حملات التشويه الضارية على شخص الزعيم جمال عبد الناصر فقط بل امتدت إلى أسرته فكان من نصيب هدى عبدالناصر أكذوبة ارتدائها فى يوم زفافها تاج الأميرة فوزية الذى أهداه إليها شاه إيران.
أما منى عبدالناصر فكانت من نصيبها أكذوبتان.
الأولى تتعلق بارتداءها عقد الأميرة فريال وذلك أثناء حفل زفاف نجل منى عبدالناصر.
أما الأكذوبة الثانية التى انتشرت كالنار في الهشيم فتمثلت فى قيام منى عبدالناصر بالرقص مع السفير الإسرائيلى وذلك فى نفس المناسبة وهى حفل زفاف نجل منى عبدالناصر .
……
والبداية فى تكذيب هذه الروايات الملفقة ستكون من خلال هدى عبدالناصر التى ارتدت يوم زفافها تاج اكسسوار وليس تاجا ماسيا، ويختلف تاج هدى عبدالناصر اختلافا جذريا في شكله عن تاج الأميرة فوزية الذى أدعى أصحاب الحملة المشبوهة أنه هو نفس التاج الخاص بحفل زفاف هدى عبدالناصر.
وبمراجعة الصور المنشورة لتاج الأميرة فوزية نجد أنه عبارة عن ثلاثة أدوار من حبوب الماس ويختلف تماما فى شكله وتصميمه عن تاج هدى عبدالناصر الذى يتكون فى شكله من دورين فقط وفى تصميمه يختلف حتى فى شكل حبات الماس التى يتكون منها التاج.
وحاول أصحاب هذه الأكذوبة أن يجدوا صورة واحدة للأميرة فوزية وهى ترتدى نفس التاج الذى ارتدته هدى عبدالناصر يوم زفافها فلم يجدوا.
أما منى عبدالناصر التى تم اتهامها بسرقة عقد الأميرة فريال فإن أكبر دليل على كذب هذا الادعاء أن الأميرة فريال من مواليد ١٩٣٨ وغادرت مصر وهى فى الرابعة عشرة من عمرها وهى طفلة فهل يعقل أن ترتدى منى عبدالناصر عقد طفلة فى الرابعة عشرة من عمرها؟.
وأذكر هنا الدليل القاطع على كذب هذه الرواية والذى جاء على لسان الأميرة فريال فى حديثها مع المذيع أحمد المسلمانى فى برنامج “الطبعة الأولى” والذى أقرت فيه بأنها لم تكن لتمتلك مجوهرات لأنها كانت طفلة عند مغادرتها لمصر عقب ثورة يوليو ١٩٥٢.
ومن المعروف للجميع أن الملكة نازلى والدة الملك فاروق قد حملت كامل مجوهراتها معها أثناء خروجها من مصر قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ بسنوات وقامت الملكة السابقة نازلى بعد إشهار إفلاسها ببيع هذه المجوهرات في مزادات علنية وهى نفس المجوهرات التى حاول أعداء عبدالناصر الاستعانة بها لتوجيه تهمة السرقة لهدى ومنى عبدالناصر.
وبزيارة سريعة لمتحف المجوهرات فى زيزينيا بالإسكندرية يتضح للزائر أن مجوهرات أسرة محمد على باشا موجودة فى المتحف بعد مصادرتها ورصدها وتسجيلها.
ويذكر البكباشى محمود محمد الجوهرى أحد المشرفين على لجان الجرد الملكية فى كتابه: “سبع سنوات فى مجلس قيادة الثورة” أن لجان المصادرة سمحت لكل أسرة من عائلة محمد على باشا بالاحتفاظ ببعض المجوهرات وسيارة واحدة ومسكن واحد وجميع الملابس والأغراض الشخصية، وأن العديد من هذه الأسر باعت فيما بعد هذه المجوهرات التى يتم اتهام أعضاء مجلس قيادة الثورة بالاستيلاء عليها.
اقرأ أيضا:
طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (1).. مذبحة القضاء
وانتقل الآن إلى الملك فاروق الذى قام عند خروجه من مصر بنقل صناديق محملة بالذهب على يخت “المحروسة” أثناء رحيله إلى إيطاليا يوم ٢٦يوليو ١٩٥٢ وتوجد وثيقة أمريكية مرفقة بالمقال منشورة في كتاب الأستاذ محسن محمد بعنوان: “سقط النظام فى أربعة أيام…ثورة يوليو بالوثائق السرية”، والوثيقة كتبها وأرسلها جيفرسون كافرى السفير الأمريكى فى القاهرة إلى وزارة الخارجية الأمريكية بواشنطن ويذكر فيها قيام على ماهر الذى شغل منصب رئيس وزراء مصر بعد ثورة يوليو، بالاتصال به ليبلغه أن ثوار يوليو يريدون إرسال طائرة عسكرية لملاحقة اليخت الملكى “المحروسة” لإرغامه على العودة مرة أخرى إلى الإسكندرية لعلمهم أن فاروق قام بنقل صناديق محملة بالذهب ضمن امتعته.
ومن أبرز ماقام بتهريبه الملك فاروق ضمن هذه المجوهرات ماستين شهيرتين الأولى أطلق عليها “نجمة الشرق” وكانت مثبتة في عمة السلطان عبدالحميد آخر سلاطين الدولة العثمانية والماسة الأخرى “الأمل” وكانت ضمن مقتنيات لويس الرابع عشر وقيمة كل ماسة مليونان من الدولارات، وادعى فاروق أنه لم يخرج بهما من مصر بل وطالب باسترجاعهما ولكن أمين فهيم سكرتير فاروق الخاص شهد بأنه شاهد الماستين مع الملك فاروق فى ايطاليا وقال له: “لقد حكمت يامولاى بالإعدام على هاتين الماستين”.
وحتى لايتهمنى أحد باختلاق هذه الرواية فإنى أحيل القارىء إلى كتاب: “من سرق مجوهرات أسرة محمد على” تأليف الأستاذ جميل عارف والذى ذكر القصة كاملة في هذا الكتاب.
…..
أما الشق الثاني من الاكذوبة و القائم على اتهام منى عبدالناصر بدعوة السفير الإسرائيلى فى مصر “ديفيد جوفرين” لحفل زفاف نجلها وقيامها بالرقص معه فإن أكبر دليل على كذب هذا الإدعاء أن السفير الإسرائيلى “ديفيد جوفرين” كان قد غادر مصر قبل أربعة أشهر من حفل زفاف نجل منى عبدالناصر بعد أن قامت إسرائيل لدواعى أمنية بسحبه فى فبراير ٢٠١٧ ولم يعد لمصر إلا فى أغسطس ٢٠١٧ فى حين أن حفل زفاف نجل منى عبدالناصر تم فى مارس ٢٠١٧.
وكانت الصحيفة الإسرائيلية “المصريون في إسرائيل” ، هى أول من أطلق أكذوبة دعوة السفير الإسرائيلى ديفيد جوفرين إلى حفل زفاف نجل منى عبدالناصر وقيام منى عبدالناصر بالرقص معه وتلقفت اللجان الإليكترونية الخاصة بالإخوان المسلمين والصفحات الملكية هذه الأكذوبة وقامت بالترويج لها على نطاق واسع.
وقبل أن أنهى هذا المقال سأقدم دليل قاطع ينسف هذه الأكذوبة من أساسها وهو ظهور السفير الإسرائيلى ديفيد جوفرين فى تل أبيب قبل ٢٤ ساعة فقط من حفل زفاف نجل منى عبدالناصر وهو يلقى محاضرة فى معهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب.. والمدهش والغريب أن وكالة أنباء الأناضول أدّعت أن السفير الإسرائيلى حضر إلى مصر بشكل مفاجئ بعد حضوره لندوة فى تل أبيب ليلبى دعوة منى عبدالناصر لحضور حفل زفاف نجلها ثم تبين لاحقا أن من عاد إلى مصر كان القنصل يهودا جولان وليس السفير الإسرائيلى ديفيد جوفرين.
…………………………………………………………
– الموضوع فصل من الكتاب المعنون بـ: ” عبدالناصر بلاتشويه” الجزء الأول، لكاتبه طارق صلاح الدين
طارق صلاح الدين