أسماء خليل تكتب: هؤلاء لا يأتيهم العيد

ربما يأتى العيد ببهجته التي يغمر بها الأرض، وزخرفه وزينته التي يزين بها العالم، اشتياقًا لمن يستقبله بمثل ذلك الترحاب؛ ولكنه ربما يسجل غيابًا كثيرا عن الحضور،،

فهناك مَن لا يحضرون العيد ..مَن لا يمر عليهم ..وربما لم يكن لمروره وقعٌ على نفوسهم، وإذا كان العيد هو الفرحة التي تسكن القلوب، فهناك مَن تسكنهم مشاعر أخرى جعلتهم يتخلفون عن الحضور ،،

هناك من لا يأتيهم العيد، لتلاشي الكثير من المعاني داخلهم، فحينما تتأرجح الأرجوحة يُمنةً ويسرةً، تُغربل معها كل ما مر به الأطفال من مواقف سيئة، وكأن شيئا لم يكن، دليلا على أنهم لا يعرفون من الدنيا إلا القليل، ولا تعرف أفئدتهم من المشاعر الأساسية الستة سوى السعادة، ويا ليت للكبار مثل أفئدتهم،،

كلما اصطدمَ المرء بالحياة أكثر؛ كلما اختلف مذاق العيد داخل روحه، وكلما اختلطت أحاسيسه تجاه كثير من الأشياء، وربما وجد نفسه حزينا وداخله الكثير من المعاني العميقة التي لا يستطيع تفسيرها ..

إن العيد ليس فقط ذلك اليوم التاريخي المحدد؛ ولكنه أيضا كل يوم ووقت يمر على الإنسان وهو سعيد، راضٍ عن نفسه، وإذا كانت السعادة هي شعور المرء أن كل شيء على ما يُرام، إذن فهاك هو العيد،،

لقد أعقب الله – سبحانه وتعالى – الأعياد بعد فترة زمنية بها عمل واجتهاد وعبادة، فعيد الفطر يعقب اجتهاد وصيام وقيام شهر رمضان، وعيد الأضحى يعقب الحج لمن يزور الأرض المقدسة بالكعبة المشرفة، أو من لم يزرها ولكنه يتعبد إلى الله – جل في علاه- في العشر الأُول من شهر زي الحجة، ثم يتكلل جهده بالعيد ليفرح بما قام به في الأيام الماضية،،

وكذلك لدى قدماء المصريين، لم تكن أعيادهم إلا للاحتفال بفترة جهد وعمل، كعيد الحصاد فرحا بما قاموا به من زراعة الأرض وبذر وري وحرث، إلى أن تدق ساعة الحصاد فيفرحوا ويحتفلون بالأعياد،،

إن العيد الذي ينتظره الكثيرون يأتي في يوم واحد، ولكنه لن ينتظر أحدا ليستفيق من حزنه أو عنائه، فروح العيد لا تمنح السعادة إلا لمن ينتظرها بالفرحة، إنها لا تعرف التعساء،،

هناك أعيادٌ ليس لها أي تاريخ، لا تعرفها سوى قلوبنا التي تفرح، إن تلك الأعياد الغير مؤرخة تعقب كل عمل يتقرب به العبد لربه..تعقب كل عمل يرضى الإنسان فيه عن نفسه..تعقب كل إنجاز لمهمة يصنعها المرء.. يعقب كل رضا عن الحال..يعقب جبر خاطر لأشخاص ترى الفرحة في أعينهم،،

إن العيد الحقيقي هو أن تشعر بالسعادة، هو أن تتوصل يقينًا أنه لا يوجد أحد بيده مفاتيح الفرح سوى الله – سبحانه وتعالى – وليس بيد مخلوق ذلك، فلا تترك مشاعرك مُستباحة لسارقي السعادة، يعبثون بها كيف يشاؤون، لا تترك العيد يمر مرور الكرام، بل استضفه مُرحبًا ليمنحك مزيدًا من الطاقة الإيجابية.

اقرأ أيضا للكاتبة:

أسماء خليل تكتب: قرار أم نصيب ؟!

أسماء خليل تكتب: فن التعامل والكَذِب

زر الذهاب إلى الأعلى