إسلام كمال يكتب: الخاسرون والرابحون من عودة سوريا للجامعة العربية!
لا أعرف، هل أسعد بتحقق أمنية كنت أدعو لها منذ زمن، وهى عودة سوريا للجامعة العربية، أم أحزن لأنها مشروطة، ومرتبطة بمصالح دول تعتبر شقيقة لها وغير من دول المصالح؟!
منطقيا أن يكون الأمر في النهاية فيد صفقة، بالذات مع تأزم الأجواء في كل المشاهد تقريبا، القريبة والبعيدة، فتصوروا أن من أعاد سوريا للجامعة العربية، هى إيران واللاجئين والإنشغال الأمريكى بملفات أخرى!
اللاجئون السوريون
فمثلا، طهران إشترطت على الرياض إعادة دمشق للجامعة العربية بتوصية من الرئيس السورى بشار الأسد، بينما تدعو الدول المجاورة لسوريا على العودة في الغالب ليتحمل النظام السورى مسئولياته وأزماته التى عانت منها منذ إندلاع الحرب الأهلية في سوريا، وكل طموحها ان يستعيد النظام السورى مواطنيه اللاجئين لديهم، وفي مقدمة هذه الدول طبعا لبنان والأردن والعراق.
مصر والإمارات
بينما مصر والامارات كانتا على علاقات مبكرة مع دمشق، ومصر كانت السباقة، وكان هذا واضحا في المواقف المصرية مع كل تطورات المشهد من البداية للنهاية.
شكل العودة
فيما كانت هناك حسابات اخرى لدى البعض حول شكل العودة، ونظام بشار نفسه، وبالطبع إسرائيل تتابع عن كثب، لكن الرياض كانا قد أعلماها بالموقف، بتنسيق امريكى، هذا وإن كانت لم تكن هى نفسها من ضمن المحركين، لخلفيات ملفات ومتطلبات أخرى، منها الموافقة على عودة النظام السوري للمحفل الدولى عموما، في مقابل إبعاده عن النظام الإيرانى.
لكن هذا بالأحرى مرتبط أكثر بالموقف الروسي، والقوة الروسية التى تتحدد خلال الأيام القادمة، فهل تستمر أم لا مع حالة الاستنزاف غير المسبوقة في حربها مع أوكرانيا التى نازهت العامين، وهذا من العناصر المؤثرة جدا في المشهد، خاصة أن بوتين هو من حمى بشار من السقوط، ومن ضمن ما يعاقب عليه الآن في اوكرانيا، ما فعله في دمشق.
مسودة القرار
وبالمناسبة مسودة قرار العودة المشروطة كان لدى دمشق وكل الدول الأعضاء منذ نهاية الاجتماع التشاورى الذي تم بعمان، وهى شبيهة لمذكرة مصرية قدمت في هذا الشأن الى الامانة العامة للجامعة مؤخرا، تؤكد فيها حرص الدول الأعضاء على أمن واستقرار سوريا و”عروبتها، وسيادتها، ووحدة أراضيها، وسلامتها الإقليمية.
بخلاف المساهمة في إيجاد مخرج للأزمة السورية يرفع المعاناة عن الشعب السوري الشقيق، ويحقق تطلعاته المشروعة في الانطلاق نحو المستقبل، ويضع حداً للأزمة الممتدة التي تعيشها البلاد، وللتدخلات الخارجية في شؤونها، ويعالج أثارها المتراكمة والمتزايدة من إرهاب، ونزوح، ولجوء، وغيرها”.
الشعب السورى
إضافة الى “التضامن التام مع الشعب السوري إزاء ما يواجهه من تحديات تطال أمنه واستقراره، وما يتعرض له من انتهاكات خطيرة تهدد وجوده، وحياة المواطنين الأبرياء، ووحدة وسلامة الأراضي السورية” و “الترحيب بالجهود المبذولة من أجل تهيئة الظروف الملائمة الرامية إلى تحريك مسار التسوية السياسية الشاملة في سوريا، والحرص على تفعيل الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمة السورية لمعالجة جميع تبعاتها”.
السيادة السورية
المسودة، تتضمن “تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا، ووحدة أراضيها، واستقرارها، وسلامتها الإقليمية” و التأكيد على “أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها” و “الترحيب بالبيانات العربية” الصادرة عن اجتماعي جدة وعمان بشأن سوريا و “الحرص على إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها” على شعبها ودول الجوار و “الترحيب” باستعداد دمشق “التعاون مع الدول العربية لتطبيق مخرجات البيانات العربية ذات الصلة، وضرورة تنفيذ الالتزامات والتوافقات التي تم التوصل إليها في إجتماع عمّان واعتماد الآليات اللازمة لتفعيل الدور العربي”.
“التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج في حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254”
كما تضمنت مسودة القرار “التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج في حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، بدءاً بمواصلة الخطوات التي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية لكل محتاجيها في سوريا، وبما في ذلك وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، وصولا الى “استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من 7 مايو 2023”.
فيما يقرأ كثير من الأطراف العربية وغيرها موقف إدارة بايدن، التى تجاهر برفض التطبيع مع بشار، لكن مع عدم عرقلة أية محاولة عربية لإعادته للحياة، بأنها لا تعطي أولوية للملف السوري و “لم تعد تضع ثقلها السياسي كي تعرقل التطبيع”، لكنها تريد من الدول العربية أن تحصل على “ثمن” من التطبيع، سواء كان يخص أمورا ثنائية مثل المخدرات أو اللاجئين أو الإرهاب، أو جماعية يخص التسوية السياسية والقرار 2254 والمحاسبة وأن يكون هناك تنسيقا مشتركا بين “جميع المبادرات” نحو دمشق، يسهل عليها المهمة أمام ضغوط الكونجرس التي تسير باتجاه تمديد “قانون قيصر” العام المقبل، وإقرار “قانون الكبتاجون” بعقوبات شديدة.