رفعت رشاد يكتب: “عادل.. إمام المضحكين”
فى مناسبة عيد ميلاده، قدم الكاتب الكبير رفعت رشاد، على سبيل التهنئة، وردة للفنان الكبير عادل إمام، غلفها له بمقال منسوج من كلمات حرير، وعنونها بـ “عادل.. إمام المضحكين”.
وفى مقاله المنشور بجريدة “الوطن” فى عددها الصادر أمس الجمعة 19 مايو الجارى، ومن خلال واقعة حدثت معه شخصيا، استطاع رشاد، فى جمل قليلة أن يعكس جماهيرية، ونجومية عادل إمام لدى عشاقه ومحبيه العرب، ثم استعرض حيثيات نجومية إمام المضحكين، فى باقى المقال الذى نعرض فى التالى نصه:
كنت فى زيارة إلى تونس منذ سنوات ودُعيت إلى عشاء فى منزل مطربة صديقة. خلال العشاء جلست بجانبى الشقيقة الأصغر للمطربة. لم يكن لها من حديث إلا عن عادل إمام. هل أنت صديق لعادل إمام؟ هل تقابله كثيراً؟ هل يمكن أن تبلغه تحياتى وسلامى؟ هل توجد وسيلة لكى تحادثنى تليفونياً خلال وجودك معه فأتبادل معه الحديث؟ أسئلة واستفسارات عن عادل إمام الذى صار أيقونة كوميدية عربية وصلت إلى مكانة لم يصل إليها أحد من قبل.
نعتز بممثلينا المضحكين الذين أدخلوا علينا البهجة فى الماضى وما زلنا نضحك لأعمالهم فى الحاضر، نعتز بالريحانى وإسماعيل ياسين والمهندس وغيرهم، لكن عادل إمام استطاع أن يرسِّخ مكانة هائلة للكوميديا والإضحاك فى نفوس ووجدان الشعب العربى، ساعده على ذلك طول تاريخه التمثيلى وتعامله مع كل الممثلين الكبار فى الماضى ودفعه بالجدد فى الحاضر.
قدّم عادل إمام الأعمال المسرحية والدراما التليفزيونية والمسلسلات الإذاعية، وكانت السينما ملعبه الرئيسى الذى صنع من خلاله مجداً كبيراً. لا توجد شخصية لم يتقمصها عادل إمام، فهو السياسى، الصحفى، المحامى، أستاذ الجامعة، رجل الأعمال، المهندس، النصاب، اللص، الحشاش، لاعب الكرة، الطيار، المتسول، المتشرد، النائب البرلمانى، ضابط الشرطة، الجاسوس الوطنى.. والعديد غيرها.
استطاع عادل أن يطور من أدائه الكوميدى الذى بدأ فى دور بسيط كوكيل محامٍ مع فؤاد المهندس يرتدى ملابس «منعكشة» وطربوش «مطبق» بلحية نابتة بشكل قبيح، إلى أشكال متعددة من الشخصيات بعدما صقل ثقافته بالقراءة ومتابعة تفاصيل السياسة محلياً وعالمياً. وبعد أن امتلك الشعبية والتأثير والقرار اتبع منهجه الخاص فى الكوميديا وصار بطلاً أول منذ ما يقرب من خمسين عاماً، كان لديه الإصرار والعزيمة والثقة بالنفس ما جعله يحقق هذا القدر من النجاح.
ابتدع عادل لنفسه منهجاً كوميدياً يقوم على توليفة تُكتب له خصيصاً يركز فيها على التشويق، كما أنه يحرص على أن تكون تيمتها شعبية مساندة لأولاد البلد الغلابة، وهو بذلك يمنحهم صورة البطل الغائب فى حياتهم، ورغم صغر جسم عادل إمام الذى يفتقر إلى ملامح رياضية إلا أنه فى معظم أعماله السينمائية يقترن دفاعه عن قضايا الغلابة بالقدرة على قهر الخصوم بالقوة، لم يعتمد فقط على أنه بطل ينادى ويساند حق الغلابة وحقه، إنما يقدم الدليل على قدرة البطل على الفوز.
اقتران الكوميديا بالحركة أمر أساسى، فالكوميديا الواقفة التى تعتمد على أن يُلقى البطل النكات والدعابات لم تعد تُحدث تأثيراً على المشاهد، وهى تشبه الأعمال المسرحية المحكومة بمساحة صغيرة هى خشبة المسرح، فلا تتيح للمثل الكثير من الحركة.
تجاوز عادل إمام بحركاته تلك المرحلة ورسَّخ مفهوم الحركة فى الكوميديا.
لقد أضحكنا عادل إمام، أضحك مئات الملايين من المحيط إلى الخليج، وبطبعى أنحاز فوراً لمن يجمع كلمة العرب ولو بضحكة، أضحكنا عادل بدون مناسبة، يكفى أن يطل على الشاشة أو على خشبة المسرح، يكفى أن تنظر إلى تعبيراته فتضحك، تضحك بدون مناسبة، تضحك كثيراً وإن كنت لا تعرف من أين جاءت كمية الضحك تلك ولماذا.
تمنياتى لفناننا المحبوب بطول العمر ودوام إسعاد جمهوره.