داليا هلال تكتب: سر تشفى المصريون في “غادة والى”
الاعتراض والتشفّي المحموم ليس مردّه هي مين أو بنت مين أو قريبة مين، أو إنها مش محجبة وسافرة ومتبرّجة كما يدعى البعض، ليس مردّه ثراؤها وٱنها “مش محتاجة”، ليس مرده أنها وصلت بالواسطة وأخدت أكتر من حقها وأخدت حقوق من هم أولى وأحق منها،….
و… حتى ليس مردّه بجاحتها إلى حد الهشاشة و التفاهة، وافتقاد ذكاء الحوار لدرجة إعترافها بالسرقة في أكثر من موضع خلال لقائها التليفزيوني…
محض تدليس
فأية محاولة لاختزال تشفّي المصريين واستهدافهم المحموم لـ”غادة والي” كشخص وكظاهرة في أي مما سبق، هو محض تدليس وسعي لتصوير هذا السعار المصري (المقبول جدًّا بالمناسبة) بإعتباره صراع طبقي أو حقد فئوي أو غل عنصري، كلها توصيفات كاذبة بل وتحركها طبقة نخبة النكبة لتحيد بها عن جوهر الدافع الحقيقي لتشفّي المصريين وغضبهم من الـ”والي” وكل ما تمثله.
فما هو هذا الدافع الحقيقي إذن؟
هو ببساطة التساؤل المنطقي المشروع ليه؟؟؟!!!
لــيـــــه؟ لـــــــــــيـــــــــــــــــــــــــه كــبـــيـــــرة قوي!
١. “والي” تعلمت أحسن تعليم، تلقت تعليمّا مكلّفًا للغاية، وأغلب الظن أنها لو تمنت على ذويها استكمال دراستها بالمريخ، لحققوا لها ما أرادت دون نقاش!
٢. “والي” لو واجهت صعوبة في دراستها، لأتى لها ذووها بهيئات التدريس في الجامعات العالمية ليعطوها ما تريد من دروس خصوصية!
٣. “والي” بعد كل هذا الزخم التعليمي والتلقيني، لو رسبت، لما تضايق أحد، ولما “شال الهم أحد”، ولأمكنها إعادة ما تشاء من سنوات الدراسة والمرور بكل ما هو مسموح من ملاحق و”سمر كورسز” لتنجح وتحصل على شهادة!
٤. “والي” لم تكن في منافسة مع أحد، على الإطلاق، لا زملاءها، ولا أقاربها؛ لا بنت خالتها ولا ابن عمها… إلخ.. بل أن الأنظمة التعليمية الدولية الممولة التي تنعمت بها تكتفي بالحد الأدنى اللازم للنجاح في أغلب المواد الدراسية، قد يتطلب الأمر التفوق (بتقديرات عالية وليست خارقة بالمناسبة) في مادة او إثنتين؛ وهو أمر غير معجز سيما بالنسبة للطالب المجتهد، أو الطالب الذي يحب هذه التخصصات، يعني ليست “والي” بالضرورة.
٥. “والي” إن لم تكن ترغب في “دوشة” التعليم مهما كانت ضآلة وضحالة متطلباته، فيمكنها دومًا ان تتزوج من أحدهم من ذوي النفوذ والمال وتعيش كوجه لطيف في مخدعه أو كدبوس في عروة چاكتته، تمامًا كما نظرت هي بنفسها لكل سنوات دراستها.
ببعض من أدنى مجهود ضئيل لأمكن لـ”والي” النجاح والحصول على شهادة، وكفى بها نعمة.
وببعض من ثمة اجتهاد لأمكن لها أن تصير طالبة متميزة تدير بزنس مربح جدًا، ولربما نالت شهرة عظيمة من خلاله أيضًا.
لكنها حصلت على كل شيء، وأبت إلا أن تكون “حرامية جاهلة” باعترافها، وفق ما استخدمته هى وعمرو أديب، وأكدت على إتهامه لها!
التعليم بالمعلقة !
أن تمثل طبقة تُطعم التعليم بالملعقة، ويمكنها التربح المشروع الفج بأقل مجهود، ثم تختار بحُرّ إرادتك الجهل!
أن توضع العراقيل كل يوم أمام الطلاب في مراحل تعليمهم المختلفة، فيساقوا إلى تنافسية غير عادلة في ظروف ظالمة، ويطلب منهم التفوق والتقدم المستمر، ويجتازونها عامًا تلو عام ليتخرجوا في عز شبابهم بلا عمل، وبلا أدنى فرص إعاشتهم الشخصية رفعًا لحرجهم أمام ذويهم، فيما تصل “والي” برغم كل الطرق الأفضل المشروعة عبر الطرق اللامشروعة؛ لتقف تلك الـ”لـيـــه” الكبيرة في وجه الجميع!
السيستم واقع !
لم تجلس الـ”والي” في اللجنة “متقفّصة زي الفراخ” حيث السيستم واقع والتابلت الحكومي ما اشتغلش، لتواجه مع أكثر من ربع مليون طالب ثانوية عامة مهزلة عدمية؛ يضيع فيها جهد وعرق وفلوس عدة أعوام من تحصيل المادة، فيما يشبرق عليهم النظام الذي يأبى الاستقالة بدرجات النجاح جميعًا كله زي بعضه والإعفاء من التصحيح، ربما ليعود يخصم بخطأ التصحيحات الكارثية درجات مادة أخرى وهكذا على طريقة “من دقنه وافتل له”.
فيما شباب في عز عنفوان الغضب والثورة ورعونة وطيش المراهقة جالسون في اللجان بلا إمتحان لا يمكنهم الفكاك والمغادرة وقضاء الوقت الذي يمر من عمرهم عبثًا في أمر ممتع، ولا يستطيعون حتى الاستفادة من الوقت في الاستعداد للامتحان التالي، جالسون تمامًا كالخصايا لا يحركون ساكنًا لأن “كله محصل بعضه’.
مَن قال إنه حقد طبقي؟
غل ؟!
مَن قال إنه غل موجه ضد طبقة امتلكت كل شيء؟
لو نجحت “والي” وحصدت الجوائز المعنوية والمالية لأنها استفادت ولو “بربع جنيه” تعليم، لما تضايق أحد!
فساد خيارات
إن ما يزعج المصريين هو فساد خيارات هذه الطبقة إذ لم تعد هذه طبقة ذات طبيعة وصولية فاسدة فقط، بل هي صارت طبقة ملوثة المعايير فاسدة الخيارات الأخلاقية، بمعنى أنها لا تتبنى سياسة فاسدة بحكم الضرورة، أو بمنطق ممارسة بقاءها ذاته، بل هي طبقة – إن وُضِعتْ أمام الصواب والخطأ – لإنحازت ببساطة وبلا أدنى تفكير للخطأ “باي ديفولت / بطبيعة إعدادتها الافتراضية يعني” حتى حال توافر البديل الصائب غير المكلف وغير الشاق!
الـ”والي” لم تعد تمثل تيارًا أو طبقة أو جماعة أو حتى طغمة بعينها..
ال”والي” صارت اتجاهًا أيديولوجيًا بحد ذاته..
أيديولوجية الخطأ كمنهج سلوكي مفيش غيره!!!
…………………………………………………………………………………………….
كاتبة المقال: أديبة ومترجمة وكاتبة صحفية
* المقالات تعبر عن آراء كتابها