أمريكا “شيكا بيكا”.. الوجه الأخر لسيدة العالم


كتبت: أسماء خليل

إن مجرد الاعتماد على خلفية ذات مرجعية سماعية فقط لتكوين رؤى حول قضية ما؛ يعد بحق تضليلًا فكريَّا، إذ ينبغي بشكل جاد تحرى الدقة في الاستقصاء؛ لتقديم ما هو سليم فكريًّا للمجتمعات.


وعَلَيه.. فإن الموروث الفكري المغلوط لدى الشعوب العربية عن “الولايات المتحدة الأمريكية”، وما تتمتع به من عصمة وتنزه عن وجود أي شيء مُشين على أراضيها أو من شعبها، أو “أنها جنة الله في الأرض”؛ لشيء يدعو إلى وقفة للتحقق.


إنَّ ما يدعو للعجب فعلا كم المشكلات الاقتصادية والتعصب والانحياز الفكري والعنصري التي تعاني منهم ولايات أمريكا، إنها لم تعد أحد أحلام الليل أو اليقظة، هناك العديد من الملفات التي يجب التريث في طرحها لمعرفة الحقائق المجهولة؛ ونطرح بعضًا منها على سبيل المثال لا الحصر..

سوء أوضاع “ البنية التحتية”

هل كان يرقى لمسامعك مصطلح “ البنية التحتية” سوى بإحدى الدول النامية؟!.. حقَّا إن أمريكا تعاني من قصور في الهياكل التنظيمية بالمجتمع، من الخدمات والمرافق بما يتضمن ذلك الطرق والجسور و موارد المياه و الصرف الصحي و الشبكات الكهربائية والاتصالات.
ولذلك وضع الرئيس الأمريكي “ جو بايدن” ميزانية مقترحة بمقدار 88 مليار دولارًا، بعضها لتحديث طرق السكك الحديد و المطارات، ولإصلاح 20 ألف ميل من الطرق السريعة، وتعديل 10 جسور، وإصلاح أسوأ 10 آلاف جسر صغير.

تلوث “مياه الشرب”

ارتبط بالأذهان أيضًا مشكلات تلوث مياه الشرب بالمجتمعات الفقيرة ولكن من المدهش أن أكثر من 14 مليون أسرة أمريكية تعاني من انقطاع مياه الشرب، وقد انقطعت المياه عن 50,000 أسرة من المواطنين الأمريكيين بسبب عجزهم عن سداد الفواتير.

كما توجد مشكلة بالغة في تلوث مياه الشرب واحتوائها على عنصر الرصاص، الذي صنعت منه الأنابيب، و بمرور الوقت تهالكت وسمحت للرصاص بالتسرب إلى مياه الشرب، وكذلك الريف الأمريكي يعاني من مشكلات تلوث المياه إما من الأسمدة الزراعية أو من مخلفات الفحم أو من أنابيب المياه المستخدمة منذ أكثر من 60 سنة.. تحتاج أمريكا – على أقل تقدير – إلى 30 مليار دولار لاستبدال جميع أنابيب الرصاص.

أزمة “البطالة”

يعاني الكثير من الأمريكيين من البطالة، ويناشدون المسؤوليين بصفة مستمرة – على وسائل التواصل الاجتماعي – بإيجاد فرص عمل لهم؛ وهل تصدق أن الأمريكيون يقفون في الطوابير للحصول على إعانات البطالة، في بلد تضاعفت فيه نسبة البطالة بعد سنوات من النمو، وقد انكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2.4٪.

كما تشير بعض التقارير إلى عدم وجود مساعدات مالية للأسر ذات الأطفال، وهناك زيادات ضريبية بالغة، وكذلك توجد مشكلات بالرعاية الصحية، إذ لا يتوفر لكل السكان نظام صحي. كما يشير تقرير لمؤسسة “غالوب” أن ربع الأمريكيين صرّحوا أنهم أو أحد من أفراد أسرهم يفتقدون لعلاج ضروري للغاية بسبب ارتفاع التكاليف.

ارتفاع “تكاليف المعيشة”

ما برح الشعب الأمريكي يناشد الحكومات المتعاقبة بالسنوات الأخيرة من ارتفاع فواتير الكهرباء والغاز وإيجار البيوت، في البلد الذي يرسل عشرات المليارات من المساعدات للخارج لظهوره بصورة المنقذ، وتم نشر خلاصة دراسة أمريكية لمؤسسة “بروكنجز”، حيث أكدت أن الملايين من الأمريكيين يعيشون تحت دولارين فقط، وهو خط الفقر العالمي المطبق في دول نامية.
ومقارنة مع كل دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2017، حلّت الولايات المتحدة في آخر القائمة كثاني دولة تملك معدلات فقر مرتفعة ، بنسبة 17.8 من مجموع السكان، أي أنها أسوأ من دول تتلقى مساعدات أمريكية كالمكسيك وتشيلي، ووفقا للدراسة فإن 38 مليونا في أمريكا تحت خط الفقر.

“عنصرية”و “عنف شرطة”

في البلد التي تدعو العالم للسلام وتعلي شعار حقوق الإنسان في كل مؤتمراتها، تغيب المساواة الاجتماعية، ومازال التمييز القائم ضد الأمريكيين من أصل أفريقي كما هو حتى الآن، وقد احتج الشعب الأمريكي كثيرًا جدا ولا جدوى من ذلك، كما توجد حتى هذه اللحظة قوانين تأصل عدم المساواة رغم قانون الحقوق المدنية لعام 1964.
ولا عجب أن تسمع تلك الإحصائية، حيث أودى عنف الشرطة الأمريكية بحياة 1098 شخصا في عام 2019، ربعهم من السود، وذلك برغم أن عدد السود في المجتمع الأمريكي لا يتجاوز 13 ٪، بحسب مشروع توثيق عنف الشرطة في أمريكا.

“انتهاك حقوق” و “أزمة بالديموقراطية”

يؤكد تقرير لمبادرة “بريزن بوليسي” على ارتفاع أرقام السجناء، وهذا يستدعي التفكير بأن هناك ارتفاع في حجم الجريمة؛ وذلك ما نفاه التقرير، حيث أشار إلى أن 74 ٪ من المحكوم عليهم بالسجن النافذ- كل عام- لم تتم إدانتهم بعد؛ فبعضهم يستطيع الخروج بكفالة، والبعض الآخر لا يملك المال لدفعها ما يجعله يبقى وراء القضبان.
وهناك ما يدعو للعجب، حيث أن 13 ولاية لم تحدد السن الأدنى لمحاكمة القُصر، ما أدى إلى محاكمة أطفال بعمر 8 سنوات في عدة ولايات، حسب مبادرة “ إكوال جستس”.
وبالنظر إلى ردود المدونيين على صفحات التواصل الاجتماعي؛ تجد الكثير والكثير من التعليقات من جانب أفراد الشعب الأمريكي تنتقد التراجع بالمسار الديموقراطي والتراجع في حقوق التصويت، ويتجلى ذلك في الردود على الصفحات الشخصية بمنصة التدوينات “تويتر” لكثير من السياسيين مثل “كاملا هاريس” نائبة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”.

زر الذهاب إلى الأعلى