هاني الجمل يكتب: سد النهضة والعد التنازلي
هل بدأنا العد التنازلي لحسم الموقف بالنسبة لسد النهضة ؟ وهل تملك مصر والسودان بدائل أخرى لوقف التعنت الإثيوبي ؟. فقبل يومين فقط من بدء اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة هذا الملف الخطير ، أعلنت إثيوبيا رسمياً على لسان وزير الري بها أنها بدأت بالفعل الملء الثانى لخزان سد النهضة، وهو موقف رفضته مصر ووصفته بأنه ” إجراء أحادي يعد خرقاً صريحاً وخطيراً لاتفاق إعلان المبادئ، وانتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الأضرار بها”.
ولقد أحسنت الدبلوماسية المصرية صنعاً ، حينما حرصت على وضع مجلس الأمن الدولي في الصورة الخطيرة وطلبت من رئيس المجلس إحاطة أعضائه بهذا التطور الخطير، والذي يكشف مجدداً سوء نية إثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية لفرض الأمر الواقع وملء وتشغيل سد النهضة دون اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ، ويحد من أضرار هذا السد على دولتي المصب، وهو الأمر الذي سيزيد من حالة التأزم والتوتر في المنطقة، وسيؤدي إلى خلق وضع يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الاقليمي والدولي.
وبغض النظر عما سيصدر من مجلس الأمن يوم الخميس المقبل ، أو من الجمعية العامة للأمم المتحدة من قرارات ، فإنها لن تكون -في رأي معظم المراقبين- على مستوى الخطب الذي تمثله عملية بناء السد ، وإن وضعت العالم في صورة الموقف وما يمكن أن يترتب عليه من تطورات تمس منطقة القرن الأفريقي كلها .
ومرة أخرى نعود للتساؤل الأهم الذي يشغل بال كل المصريين .. هل تملك مصر أوراقاً أخرى غير الضغط الدبلوماسي ؟ الاجابة بالتأكيد نعم ولكنها أرادت أن تمهد الساحة الدولية للخطوة التي لا مناص منها وهي العمل العسكري المحدود الذي سيوقف استمرار عملية البناء ، ويجبر الإثيوبيين ومن يدعمونهم على التفاوض الجدي والوصول إلى اتفاق عادل يسمح لإثيوبيا بالتنمية ولا يحرم نحو مائتي مليون مصري وسوداني من حق الحياة .
خلاصة القول : مع كل ثقتنا كمصريين في قيادتنا السياسية وادارتها للأزمة ، فإننا نقول إن اثيوبيا لن ترتدع بأي ضغط قد يمارس عليها من قبل المجتمع الدولي، وتريد كسب الوقت للإنتهاء من عملية التخزين الثانية ، حتى تجبر مصر والسودان على الرضوخ لشروطها واعادة تقسيم المياه والتنصل من أي اتفاقيات سابقة ،لأن ضرب السد حينئذ سيغرق مناطق ومدناً سودانية كثيرة ، ويضر بمصر أيضاً .