محمد عبد الجليل يكتب: المسجد الأقصى
بيان
للمسجد الأقصى منزلته العظيمة، ونطقت بذلك نصوص الوحي الشريف ، فالقدس محور معجزة الإسراء والمعراج ، حيث أن الله تعالى أسرى بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].
وهو القبلة الأولى للمسلمين ، والصلاة فيه تعادل خمسمائة صلاة ، ويؤكد العلماء على أن قبة الصخرة في المسجد الأقصى كالحجر الاسود في المسجد الحرام ، لأن الملائكة يصعدون منها إلى السماوات العلى.
وهو المكان الذي ينادى فيه يوم القيامة على الناس؛ لقربها من السماء ، وأنها أرض المحشر والمنشر ، هناك سيفصل القضاء بين الجميع ، أرض الانبياء المبعوثين منها ، ومنها انتشرت شرائعهم في العالم.
والحمد لله الذى أختار المسجد الأقصى ليكون ثالث المساجد التى تشد إليها الرحال ، والصلاة والسلام على من بشر بفتحه وأوضح فضله وأسرى به وعلى اله وصحبه وسلم، والسؤال: من بنى المسجد الأقصى؟.
تعددت الأقوال في أول من أسس المسجد الأقصى ، قيل آدم عليه السلام ، وقيل الملائكة ، وقيل سام بن نوح عليه السلام ، وقيل يعقوب عليه السلام .
لا خلاف أن المسجد الأقصى هو أقدم بقعة على الأرض عرفت عقيدة التوحيد بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة ، والفرق بين وضعها في الأرض أربعين سنة ، وأن من بنى المسجد الأقصى هم الانبياء وتعاهدوا عليه.
وذكر السيوطى أن آدم نفسه هو الذى وضع المسجد الأقصى ، وأن بناء سليمان للمسجد الأقصى تجديدا لما أسسه غيره، وكذلك بناء إبراهيم عليه السلام للكعبة تجديدا لما أسسه غيره ، بمعنى أن الثابت بالأدلة الشرعية المعتمدة لدينا نحن المسلمين أن بناء سليمان عليه السلام للمسجد الأقصى بناء التجديد والتوسع والإعداد للعبادة.
وتؤيد العلماء أن آدم عليه السلام لما بنى الكعبة المشرفة أمره الله بالسير إلى بيت المقدس، وأن يبنه فبناه ونسك فيه.
وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثا: حكماً يصادف حكمه، وملكا لاينبغى لأحد من بعده، وألا يأتى هذا المسجد أحد لا يريد الصلاة فيه، الا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فقال النبى صلى الله عليه وسلم (أما اثنتان فقد اعطيهما، وارجو أن يكون قد أعطى الثالثة).
وأول من بنى المسجد في الإسلام، هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ٦٣٦م بعد أن فتح الله على المسلمين بدخول بيت المقدس ، وقد أقام مسجدا متواضعاً يسع لثلاثة ألف مصلى.
وفى الخلافة الأمويه ، قام خليفة المسلمين عبد الملك بن مروان بإنشاء مسجد قبة الصخرة ، تلك الدرة المعمارية في جبين العمارة الإسلامية.
وتوالت عمارة المسجد في عهد الخلافة العباسية والعهد الأيوبي والعهد الفاطمى والعهد المملوكى والعهد العثماني ، ومازالت عمارة المسجد الأقصى يقوم عليها المسلمين حتى الآن.
وأهم واجبات المسلمين تجاه بيت المقدس الآن، ثلاثة أمور:
أولا: التضامن الإسلامي والعربي مع جموع الشعب الفلسطيني ضد الاستبداد الصهيوني والانتهاكات التى يقوم بها في بيت المقدس ولمصر دورها الرائد والمشرف تجاه القضية.
ثانياً المطالبة بالحقوق الأخلاقية الدولية لمنع الانتهاكات الصهيونية في بيت المقدس وتدشين الرأى العام تجاه الحق العربي الفلسطيني في القدس والوقوف بجانب أصحاب الأرض والحق.
ثالثاً توظيف منابر الإعلام لكشف مخططات الاعداء وعقد مؤتمرات وندوات للتأكيد على أهمية القضية بالنسبة للمسلمين في كل مكان ، وتاريخية الصراع العربي الصهيوني ، وبيان استبداد الكيان الصهيوني الغاشم ، ومخالفة القوانين والأعراف الدولية
رابعاً الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني ، ودعوة المجتمع الدولي لتخليصها من الاحتلال الصهيوني.