رفعت رشاد يكتب: طائرة الأهلى المسيَّرة

استطاع جيش النادى الأهلى وقواته المسلحة تحقيق النصر والفوز بكأس أبطال أفريقيا للأندية. بعدما انتصر الجيش الأحمر فى معركته الأولى بالقاهرة استطاع دحر فريق الوداد وتحقيق النصر بعد استعانة الشياطين الحمر بأحدث الأسلحة الكروية والمعدات العسكرية من دبابات وصواريخ ومدافع.

وحسمت طائرات الأهلى المسيَّرة المعركة وعاد الجيش الأحمر متوجاً بكأس أفريقيا للمرة الحادية عشرة.

عاشت مصر أمس الأول ليلة بهيجة. غمرت الفرحة شوارع البلاد من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها.

خرجت المسيرات وأطلقت السيارات «زماميرها» واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى. لا فرق بين غنى وفقير فى فرحته، لا فرق بين رئيس ومرؤوس فى بهجته.

اجتمع الناس حول الشاشات الكبيرة فى الأندية ومراكز الشباب، تزاحموا فى المقاهى والكافيهات. فى اللحظة التى أُحرز فيها هدف الأهلى تعانقت مصر رجالاً ونساء، شباباً وفتيات، صبية وأطفالاً.

كان الناس فى انتظار الفوز. كانوا فى انتظار النصر والاعتراف بالتميز والسيادة لناديهم المتصدر للقارة والمسمى «نادى القرن الأفريقى» بحجم ما حقق من بطولات.

استمتعت الجماهير المصرية بالمباراة، وتراوح استمتاعهم بين الأمل والقلق، الأمل فى تحقيق النصر والعودة بالبطولة، والقلق من غدر المستديرة وشماريخ الوداد.

استمتاع الجمهور بلعبة كرة القدم يظل ناقصاً ما لم يحقق فريقهم الفوز.

صارت كرة القدم عاملاً مهماً فى تحقيق رغبة الناس وآمالهم فى التسيد والسيطرة.

أصبحت مباريات الكرة حرباً حقيقية، تقهر الفرق منافسيها فى حرب دون دماء.

تستعد الأندية لتلك الحروب بكل ما لديها من عتاد، تبذل الغالى والنفيس من أجل تدعيم جيشها باللاعبين، تشتريهم من كل مكان بأغلى الأثمان.

تصنف الأندية اللاعبين كما تصنف الدول جيوشها، فهذا دبابة، وذاك مدفع، وآخر طائرة، ومنهم الصاروخ، وحديثاً صارت هناك طائرات مسيَّرة تلدغ الأهداف عن بُعد.

لعبت الرياضة دوماً دوراً فى تحقيق السلم بعد أن كانت هناك حروب مشتعلة، حققت مباراة فى كرة المضرب «بينج بونج» الصلح بين الصين وأمريكا، كان فوز فريق جنوب أفريقيا ببطولة العالم للرجبى – بطولة لدول الكومنولث البريطانى – عاملاً أساسياً فى تحقيق الاستقرار فى العلاقة بين شعبَى جنوب أفريقيا الأبيض والأسود.

الآن تسيطر كرة القدم على العقول والقلوب، يحقق النصر المكاسب للجميع؛ النادى تمتلئ خزائنه بعد الفوز بالبطولات، اللاعبون تنتفخ جيوبهم، أما الجمهور فهو الذى يسدد التكاليف المادية والمعنوية، لكنه يحظى بمتعة النصر، وهو على استعداد أن يدفع المزيد من التكاليف فى سبيل الشعور بتحقيق السيادة والسيطرة والاعتراف بالتميز والتفوق.

تشكل جماهير النادى روابط منظمة للتشجيع والمساندة للفريق فى حروبه ضد الأعداء الذين نسميهم منافسين أو خصوماً تأدباً.

لا يهتم الجمهور بمستوى أداء اللاعبين، لكنه يتمنى النصر الدائم، يسيطر عليه شعور بالشغف للفوز. ترتفع شعبية الأندية بحجم الانتصارات التى يحققها فريقها، خاصة فى كرة القدم.

صارت الكرة تمثل الشوفينية – الوطنية المتعصبة – عند الجمهور، فنتيجة المباراة تعتبر حياة أو موتاً لدى بعض الشعوب، والنصر بمثابة اعتراف لشعب أو لدولة بأكملها بالتفوق.

لذلك كانت ردة فعل نسبة كبيرة من الجمهور المصرى بالفرح والابتهاج بعد فوز الأهلى بالبطولة.

اقرأ أيضا:

رفعت رشاد يكتب: سياحة زمنية

رفعت رشاد يكتب: أنا وهو والبنات

زر الذهاب إلى الأعلى