د. عادل القليعي يكتب.. وماذا بعد العيد يا عيد؟!
أحبتي الكرام ،صلينا العيد ،كبرنا الله تعالى على ما هدانا ، وذبحنا ما رزقنا الله عز وجل من بهيمة الأنعام ووزعنا أضاحينا على أقاربنا وأصدقائنا وأحبابنا الذين أنا واحد منهم ولي الشرف وهم مني.
اقرأ المزيد.. د. عادل القليعي يكتب: بدر.. وواقعنا المعاصر
وأكلنا وشربنا واستمتعنا بكل ما أحله الله لنا وشاركنا وفود الرحمن فرحتهم بعرفات الله وابتهلنا ولهجت ألسنتنا بالدعاء ، أن يكتب الله لنا الوقوف بعرفات واعتلاء جبل الرحمة تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .
ولكن يبقي السؤال مادا تبقي من العيد .؟! ستمضي أيام العيد سراعا وهذه سنة الله في خلقه (ولن تجد لسنة الله تبديلا) _ولا يفوتنا القول وتزاورنا فيما بيننا مهما بعدت المسافات حتى وإن لم نلتقي أحبابنا التي حالت الظروف بيننا وبينهم أن نلتقي.
لكني والله هم في قلبي وملء سمعي وبصري وعانق قلبي قلوبهم جميعا حتى من أغضبني لكن لهم في قلبي وفؤادي منازل ولهم مني شوق واشتياق وحنين وأنين ، إلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
ماذا بعد العيد ،العيد فرحة ورحمة وود ومحبة وسلام وطمأنينة.
يا سادتي كل يوم نستيقظ من نومنا على فطرة الإسلام وكلمة التوحيد فهذا عيد ، من بات آمنا مطمئنا في سربه معافا في بدنه لا يشرك بالله (يا بنى لا تشرك بالله، إن الشرك لظلم عظيم) فقد حاز الدنيا بحذافيرها.
ولكن إذا كان لقاءنا فى العيد بالبشر والفرح والسرور والوجه الطلق البشوش فلماذا يا أحبابي لا يكون هذا هو دأبنا بعد العيد .
ألا تعلم أيها الأخ الكريم والأخت الوقورة أن تبسمكم في وجه إخوانكم وأخواتكم صدقة من الله تعالي وتؤجر عليها من الله .
ألا تعلم أن الكلمة الطيبة صدقة إذا لماذا لا نطبق قول الله (وقولوا للناس حسنا) ، المعصوم صلى الله عليه وسلم فتح الدنيا بالكلمة الطيبة ألم يرسل رسله الي البلاد قبل أن يفتحها بالسلام.
المعصوم كان رقيق القلب مرهف الحس ألم يقل الله له خذ العفو وأمر بالعرف ، ألم يقل الله تعالي( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)، فلماذا لا نتأسى بهذا النبي الأمي الذي علم الدنيا كيفية المعاملة الحسنة .
خادمه أنس ألم يقل خدمت النبي ما يقرب من عشر سنين لم يقل لي كلمة اغضبتني ولم يسألني ولو مرة لم فعلت كذا أو كذا هذه هي أخلاق النبوة والخلفاء الراشدين المهديين من بعده .
ثم لماذا لانتعامل بالحسني مع الناس لماذا التعصب والانفعال -أمراض السكري والضغط اتنشرت بصورة رهيبة -لماذا للانفعال الزائد والشتم والسب واللعن.
وقد يصل الأمر إلى الضرب ،ألا تعلم أن العصبية والغضب من الشيطان وأن الحلم من الرحمن ،تذكروا قول الله تعالى ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) .
فلما التناحر والتشاجر على ماذا؟!
على منصب سبحان الله ، المناصب زائلة ثم ألا تعلم أيها الشجاع المتناحر أن من يلي أمر عشرة ولم يوفيهم حقهم يأتون يوم القيامة معلقين في رقبته .
نتشاجر وأنا سأفعل كذا وكذا ويتوعد ويعد ويهدد، وهو لا شيئ وهو عند الله لا يساوي جناح بعوضة صدق الله .
(كلا إن الإنسان ليطغى) ، ولتعلم صديقي الحبيب أن الدنيا لا تدوم لأحد فاعقلها جيدا أن تتركها وتذكر بالخير أم يصب عليك وابل من اللعنات وتضرب بالمراكيب والبلغ العفنة النتنة فاعقلها جيدا وقولوا للناس حسنا وتعاملوا بالرفق واللين.
فالمؤمن لين الجانب طيب الخاطر ،(واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين)، وكذلك لا تقسوا علي أهل بيوتكم وأهلك وأقاربك وهذه نصيحة أوجهها لنفسي أولا ولا تقسوا علي زملائكم فى العمل ، وتعاملوا بالحب فبالحب تحيا الحياة وتحيا القلوب .
ولكن في نفس الوقت لا يكن المرء لينا فيعصر ولا يابسا فيكسر بل الوسط والاعتدال في كل شيئ.
جعل الله تعالي كل أيامكم وأوقاتكم في طاعة الله أعياد وكل عام وحضراتكم بخير وصحة وسعادة. شكرا لكم ولكم في قلبي محبة ومودة فإن القلوب لها عيون وما أدراكم برؤيا القلب رؤيا القلوب ليس بينها وبين أهلها حجاب.
قلوب العارفين لها عيون & ترى ما لا يراه الناظرونا.
كل العام أنتم بخير وإلى الله أقرب.
د. عادل القليعي
أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان.