نهال سماحة تكتب «خيوط»: “إنيجما”  أول طرف خيط للذكاء الإصطناعي

بيان
بين الانبهار والسخرية والضحك والمخاوف، تدور الأحاديث حول الذكاء الاصطناعي .. وفي قرارة نفسي اعي تماما فكرة أن أساس البحث العلمي والإختراع، هو تطوير ما لدي و التحكم فيما لدي الخصم، خصوصاً و أن الدول العظمي بأنظمتها الدفاعية هي التي أبتدعت السباق في البحوث العلمية؛ كي تضمن سيادتها، والقوة هنا تكمن في فارق توقيت الإكتشاف..
دليلى فيما سبق، واقعة شهيرة تعد أول طرف لخيط الذكاء الإصطناعي، تلك الواقعة الشهيرة التي حدثت قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، عندما وصل العقل البشري لاختراع جهاز التشفير الألماني “إنجما” الذي كان له السيادة والتفرد في الحفاظ علي سرية الرسائل العسكرية والدبلوماسية والتجارية لألمانيا النازية، لفترة حيرت العالم كله ، إلي أن استطاع العقل البشري الخصم في تلك المعركة وفي هذه الفترة الزمنية، باستخدام الخوارزميات المعقدة ذاتها ، أي أنه فَكّر، و بنفس الطريقة، وتكاملت جهوده، بحصيلة عملٍ ومساهماتٍ كثيرة، بدأت من بولندا وانتهت لإنجلترا؛ حيث استطاع ” آلان ماتيسون تورنغ ” عالم الرياضيات البريطاني، و أبو علوم الكمبيوتر النظريّة والذكاء الإصطناعي الذي نتكلم عنه اليوم؛ التوصل لبناء جهاز هو – الفكرة الأم للكمبيوتر – وبواسطته نجح في فك شفرة “إنجما”؛ لذلك القوة هنا تكمن في فارق توقيت الإكتشاف، وسرعة التحكم فيه.

ولأن العقل البشري المنافس، ستتوارد لديه نفس الأفكار، مع فارق التوقيت، فقد يسبق أو يتأخر أو ربما يتزامن، مما يجعل القوة تتساوي بوصول طرفي التنافس لنفس امكانات الإختراع، أو حتي بوصولهم لنتائج بحثية متقاربة، تُجهض في حد ذاتها إمتياز مثل الذي كانت تتفرد به آلة إنجما لألمانيا النازية في المثال الذي تحدثنا عنه.

وهنا .. كان من الطبيعي أن يتم التفكير في إيجاد فارق عميق، يُحاكي تعقيد العقل البشري في إدارة وتركيب الخوارزميات، علي أن يكون هذا الفارق قادر علي أن يفكر بحلول خارج صندوق “ذكاء العقل البشري” ، بمعني ضرورة التوصل لإختراع ذكاء متفاوت القدرة الإبداعية، بخلاف الذكاء البشري متقارب القدرة والنتائج، بحثا عن التفوق ، من خلال التخلص من تزامن وصول الفكر البشري لنتائج البحوث، ولكن بمُحاكاة للعقل البشري الذي هو السلاح الحاكم لكوكب الأرض منذ الأزل ، والذي ميز الله به البشر عن سائر مخلوقاته ، فوجدوا أنه قادر باستخدام ذكاءه علي المعجزات، وبالفعل تمكن العلماء من مُحاكاة الذكاء البشري ، رغم خطورة الفكرة .. وهكذا كانت إنجما أول طرف في خيط الوصول للذكاء الإصطناعي.

الـ “AI بين الحُلم والكابوس”

النقلة التكنولوجية التي أنطلقت بظهور الكمبيوتر و الهواتف النقالة والذكية وعصر الإنترنت، والإنترنت فائق السرعة ، يمكن إدراجها تحت مُسمي مرحلة الذكاء البشري الصناعي ، الذي هو تحت السيطرة؛ معني أن مخاطر استخدامه تكمن في سوء نوايا واستخدامات البشر، لكن الثورة التكنولوجية التي يُحدثها الذكاء الإصطناعي، ربما لن تصبح تحت السيطرة الكاملة؛ حيث إنه يصطنع قراراته، وقدراته وأفكاره، بدون تدخل البشر وهنا مكمن المخاوف ، من مدي قدرته علي التطور ، وستجد أن إرهاصات أو مقدمات ذلك تم مناقشاتها عبر الدراما و السينما العالمية مثل العديم من الأعمال والتي أشهرها الآتى:

فيلم ” I Robot ” ، عندما تمردت الروبوت علي محدودية فكر البشر ، وقرروا السيطرة عليهم ،وهنا كان الحل الذي قدمه الفيلم، و هو تزود الروبوت بمشاعر بها الصبغة الإنسانية ، تضمن التعاطف والإحترام وعدم التمرد علي البشر.

لكن السؤال هنا .. أليس من الممكن للذكاء الإصطناعي أن يصطنع معتقدات تُعيد تقييم المشاعر وتتبني منطق العقل وترفض التراجع عن التمرد ؟!.

أليست سقطة في الفيلم أحدثها تجاهلهم لواقع أن المنطق في الآلة هو الحسابات وليس العاطفة؟! حتي أن البشر ذاتهم، بمقدورهم تغليب التفكير العملي تجاهل الدافع العاطفي رغم وجوده؟!.

لذلك أعتقد أن ما قدمه الفيلم كان حلا سطحيا ونظريا ولولاه لأنتهي الفيلم بسيطرة الروبوت علي البشر، وفشل الحل المتمثل بتغذيتهم بمشاعر إنسانية، وهذا طبعا يُحاكي المخاوف من تطبيق الروبوتات في الذكاء الإصطناعي مثل الروبوت صوفيا مثلا، بخلاف مخاطر التطبيقات التي قد تُغَيّر خرائط التوظيف في كل المهن والمجالات.

وبالتالي سيتغير التعليم؛ لأنها ستفرض متطلبات جديدة علي سوق العمل، وهذا بخلاف التطبيقات مثل التي يتم استخدامها في استنساخ البصمة الصوتية لتجد أم كلثوم تُغني جرح تاني لشيرين عبد الوهاب و حليم بيغني لعمرو دياب ، في مجتمع شرقي يعتمد الثقافة السمعية ويهاب القراءة والبحث، ما يُهدد بخلط التاريخ وتبديده.

وربما مع الوقت ينعدم الخط الفاصل بين الحقيقة والتزوير، باستخدام نفس مجموعة التطبيقات التي كان الهدف منها تسهيل الحياه علي الإنسان، لتجد الإنسان نفسه متحير، لا يعرف ما إذا كان بأزهي أم بأصعب عصور البشرية.

أسئلة سابقة لأوانها لكنها مع الوقت ستُثار

هل التغيرات المناخية ستُغير الخرائط الجيولوجية وتنعكس علي الخرائط الجغرافية وبالتالي السياسية لنصل لما تنبأ به لفيلم The Matrix ويلجئ البشر بقرارهم إلي الحياة في Metaverse أضمن من أهوال الكون الخَرِبْ؟ أم أنها مجرد تصورات قلقه، ومراحل تحتاج لعشرات السنين حتي تتبين!!
👈 لذلك أدعو كل متخصص، لفر مساحة لشرح الوعي في التعامل مع الذكاء الإصطناعي ؛ لأن المخاطر فيه، مختلفه كليا عن مخاطر العصر التكنولوجي الفائد المتمثلة في النقر علي زر الموافقة، علي كل البنود والأحكام لتطبيق نقوم بتحميله دون قراءة شروطة وأحكامة.

“لا تخافوا من الAI ولكن إحذروا”

ختماما أتصور أن الذكاء الأصطناعي مهما بلغت قوته، سيظل الذكاء البشري هو الأقوي؛ لأن قوة الصنعة دائما من قوة صانعها، وما أوجده البشر حتما لن يتفوق عن ما أوجده الواجد سبحانه وتعالي، إلا إذا أراد الله ذلك .

اقرأ أيضا:

أول عملية نصب باستخدام الذكاء الاصطناعى

الذكاء الاصطناعي يحسّن تشخيص السرطان ويساعد في إنقاذ الأرواح

زر الذهاب إلى الأعلى