دمية مطاطية بدلا من الزواج.. الدين والقانون يحسمان الجدل

كتبت: أسماء خليل

لم يكن مقصد المُشرِّع الحكيم – الله سبحانه وتعالى – من الزواج مجرد إشباع البشر للغريزة الجنسية فقط، وإغفال المشاعر الإنسانية السامية مثل الحب والمودة والتعاطف، وباقى الدوافع إلى تكوين الخلية الإنسانية الأولى، وهى الأسرة، هذه المؤسسة التى تعكس جانبا كبيرا من الحكمة الإلهية فى خلق الإنسان على الأرض.

وأنشأ الخالق سبحانه وتعالى، فى المخلوق غريزة الانجذاب، والميل للجنس الآخر ليُتوّج بالزواج، وطرفا الزواج، ذكر وأنثى بشريين من خلق الله، لكن – للأسف والأسى – انحرف بعض من خلق الله، وراحوا يبحثون عن بدائل للبشر فى صورة دمى مصنوعة ليستعينوا بها فى تفريغ طاقتهم الجنسية، وهو اختراع قادم من خارج بلادنا، والمقصود به تلك الدُمى المطاطية التى على شكل “إناث”، والتى انتشر فى الآونة الأخيرة الحديث فى شأنها، حتى وصل الأمر إلى طلب فتوى “دينية” بشأن استخدامها.

بلا مشاعر ولا روح

وانتشار هذا الحديث عن الدُمى المطاطية ، التى يطورون فيها حتى زودوا بعضها بآلات لنطق بعض العبارات الإباحية، لتصير آلة مرغوبة لقضاء غرض تحل فيه محل أحد الزوجين؛ تبقى دمى بلا مشاعر ولا روح.

أما الحديث عنها فقد انتشر ليخلق شبه حالة من النقاش، والجدل، وصل إلى طلب رأى الدين والقانون، وجاء الرأى كالتالى:

فتوى

أوضح الشيخ “أحمد القصاص” مختص الفتوى والدراسات الإسلامية، وعضو المقارئ المصرية، فى تصريحات خاصة لـ “بيان”؛

الشيخ أحمد القصاص
الشيخ أحمد القصاص

أن أي استمتاع جنسي بغير الزواج المشروع، الذي أنزله الله – جل وعلا – في دينه الحكيم حرام شرعًا، سواءً كان بأي وسيلة، بل هو جُرم كبير لقوله تعالى بسورة المؤمنون، التي حرم فيها تلك الأفعال: “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ”.

واستكمل بأنه بناءً على ذلك؛ فلا يجوز اقتناء تلك الدُمى التي تشبه الإنسان، في الشكل والهيئة، ولا يجوز مُقارنتها بالبشر، لأنها لا مشاعر لها ولا روح، فهي مجرد جمادات.

اتجاه لا ديني

وصف العالم الأزهرى الدكتور“خالد عمران”، أمين الفتوى بدار الإفتاء، اقتناء دُمى ومحاولة استبدالها بوجود زوجة، بأنه “اتجاه لا دينى”، وفي ذلك السلوك هدم لفكرة الأسرة السليمة، التي هى أساس المجتمع الصالح، فالله – سبحانه وتعالى – أوجد الميل الجنسي، تزكية للنفس البشرية وإعمارا للكون.

كما أوضح أن ذلك الفعل الشنيع، يؤدي إلى العزلة الاجتماعية، والإصابة بالانحرافات السلوكية التي من شأنها الإصابة بالاعتلالات النفسية، وقد شرع الله تعالى الزواج للسكن والتناسل، وليس لمجرد إشباع الرغبات بلا هدف، فقد قال سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} صدق الله العظيم.

 قانون العقوبات 137

أما رأى القانون فيوضحه  المستشار أحمد خليل ، عضو اتحاد المحامين العرب، والمحامي بالاستئناف العالي

المحامى أحمد خليل
المحامى أحمد خليل

ومجلس الدولة، فيقول فى تصريحات خاصة لـ “بيان” إن المجتمع محمي بعدة قوانين، وعلى الجميع احترامها، واقتناء دُمية مشابهة للفتاة، بغرض الزواج الوهمي به ضرر بالغ على المجتمع؛ حيث يضر بالمجتمع رجاله ونسائه، لارتفاع نسبة العنوسة، وإلحاق الضرر بالأسرة لأنه يؤدي إلى انهيارها، والضرر للشخص نفسه لإصابته بالعديد من الأمراض النفسية.

قانون العقوبات

ويستكمل “خليل” أن المادة 137 من قانون العقوبات، تنص على معاقبة من يُسيء للغير، بالحبس مدة 6 أشهر، وعليه فإنني أناشد المسؤولين بضرورة تطبيق تلك المادة من الدستور على من يشتري تلك الدمى بغرض إقامة علاقات أشبه بالعلاقات الزوجية، لأنه لا يضر بشخص واحد، بل يضر بمجتمع بأكمله.

وينتهى “خليل” إلى القول إن هذه الأزمة من شأنها دمار الأسرة المسلمة، بل والقضاء عليها، وربما أصبح العالم فُرادى، إلى أن ينتهي الأمر بدول عجوزة بلا أطفال أو شباب، بالإضافة إلى الانغلاق على النفس وزيادة نسبة العنوسة، والأوهام وأحلام اليقظة، وربما ارتفاع نسبة الطلاق للمتزوجين لوجود بديل أسهل غير مكلف.

اقرأ أيضا:

القومي لحقوق الإنسان يكشف أسباب ارتفاع نسب الطلاق في مصر

إجراء الفحص الطبي لـ176 ألفا من راغبي الزواج خلال شهرين

الطلاق الغيابي.. ظاهرة جديدة تضرب مؤسسة الزواج وتهدد استقرار السوريين

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى