هاني الجمل يكتب: سد النهضة .. لا ضوء في نهاية النفق

ماذا بعد نقل ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن ، وهل من المتوقع صدور قرارات تنهي الأزمة ؟ . الواقع الذي جسّدته كلمات الدول الأعضاء في المجلس تؤكد أنه لن يصدر قراراً يلبي طموحات مصر والسودان المشروعة ، ولن يطالب بوقف الملئ الثاني للسد ، وربما يكتفي ببيان باهت يرجع فيه الأمر إلى الاتحاد الأفريقي لمواصلة المفاوضات. ورغم هذه الصورة التي تبدو للبعض قاتمة ، إلًا أن مناقشات مجلس الأمن تحتاج إلى وقفه موضوعية مع بعض أعضائه خاصة روسيا والصين وما لهما من مصالح اقتصادية ضخمة مع مصر. فالأولى تبني محطة الضبعة النووية بخمسة وعشرين مليار دولار ، والثانية لديها مشروعات بالمليارات في السوق المصري ومن خلاله مع السوق الأفريقي . وهنا فإن الأمر يحتاج الى مراجعة مواقف الدولتين ومواقف غيرهما من دول العالم ، لأننا أمام قضية لا تقبل المناورة أو المماطلة ، لأنها تتعلق بحياة مائة وخمسين مليون مصري وسوداني سيموتون عطشاً .
كما كانت مناقشات مجلس الأمن مفيدة أيضاً لوضع العالم من خلال المنظمة الدولية أمام مسؤلياته ، خاصة أن الجانب الاثيوبي ضرب عرض الحائط باتفاق المبادئ الموقع عام 2015، ولم يعر أدنى انتباه إلى المطالبات بتقديم ضمانات حول صلاحية هذا السد من حيث البناء، والمنطقة الجغرافية المقام عليها.
وإذا كان بعض المفكرين قد تحدث عمّا سماه وساطة إسرائيلية لإنهاء الأزمة ، فإن دور تل أبيب في التخطيط والدعم لاثيوبيا معروف للقيادة المصرية من البداية. فإسرائيل تستهدف في النهاية وصول مياه النيل إليها، واثيوبيا تريد التنصل من أي اتفاقيات سابقة ، بل وبيع المياه لمصر والسودان ، ويؤكد ذلك اعلانها عن نيتها بناء مائة سد العام المقبل، وتحويل مياه النيل الأزرق بأكمله إلى بحيرة إثيوبية، من غير مراعاة لحقائق الجغرافيا وشواهد التاريخ، الأمر الذي يؤكد انه لا وجود لضوء في نهاية النفق .
ومع التحرك الدبلوماسي المصري الذي يقوده سامح شكري وزير الخارجية تجاه الاتحاد الأوربي ، وزيارة مريم الصادق وزيرة الخارجية السودانية لروسيا ، نأمل ان يكون هناك تحرك مشابه تجاه الجانب الصيني والافريقي والآسيوي لوضع الجميع أمام خطورة الموقف ، وما يمكن أن يحدث مستقبلاً. وكي تؤتي هذه الجهود أكلها ، فإن هناك حاجة أيضاً لتحرك عربي جاد أسوة بالموقف السعودي، لدعم مصر والسودان في المحافظة على حقوقهما المائية المشروعة. وبجانب كل ذلك بل قبله ، لابد من إتاحة المعلومات الضرورية والتحليلات البسيطة للمواطن المصري ، خاصة أن هناك متابعة وطنية من جانب جميع المصريين لهذه القضية الحياتية .
خلاصة القول ما أمر به أجدادنا الفراعنة وما زال منقوشاً علي جدران مقياس النيل بالمنيل ” إذا انخفض منسوب النيل فليهرع كل جنود كمت ولا يعودون إلّا بعد تحرير النيل مما يقيد جريانه”.

زر الذهاب إلى الأعلى