رفعت رشاد يكتب: هوايات في أجواء الأزمات
بيان
فى هذا المقال يستعرض الكاتب الكبير رفعت رشاد هواياته المفضلة ، فى أوقات الفراغ، وخلال الأزمات التى اضطرته كغيره فى المكوث بالمنزل، مثلما حدث أيام اشتداد أزمة كورونا.. مقال ممتع ويستحق القراءة، وهذا نصه:
للأزمات مثالب، ومزايا أيضاً. عندما مرت علينا كورونا حل النكد على البيوت ومواقع العمل وفى الشوارع وفى كل مكان. حُبسنا جميعاً داخل الجدران وضربنا لخمة، لم نعرف كيف نقضى الوقت، لكن قريحة كل منا ابتكرت طريقة لقضاء الوقت.
البعض بدأ فى إصلاح ما يستحق الإصلاح فى منزله. آخر انهمك فى تنشيط ذاكرة أولاده فى مجال الدراسة.
سيدات تفنن بإعداد طبخات جديدة وابتكار أصناف طعام كيفما اتفق لمجرد التسلية وقضاء الوقت. ومن أهم الإيجابيات التى عشناها فى فترة وجود كورونا لم شمل العائلة لفترات طويلة.
ربما كورونا أجبرتنا على الوجود مجتمعين فى مساكننا، وكان ذلك عاملاً إيجابياً فى رأب صدع الخلافات داخل العائلات.فى أيامنا الحالية أجبرتنا الموجة الحارة غير العادية على تقليل خروجنا إلى الشارع بل امتنع كثير منا عن الخروج نهائياً، خاصة كبار السن خشية حدوث ضربات شمس أو افتقاد الكمية المناسبة من المياه أو التعرض لزحام كبير فى وسائل المواصلات التى لا يوجد بها مكيفات.
وفى ظل الانحباس الإجبارى داخل المنزل ومع الخوف من ركوب المصاعد التى يمكن أن تتوقف فى أى لحظة، اضطر بعضنا إلى البحث عن طريقة لقضاء الوقت والاستفادة منه بدلاً من إهداره.
أنا شخصياً قررت تقليل الخروج نهاراً إلى أقصى درجة، فكمية العرق التى أفقدها فى درجات الحرارة العالية تؤثر سلباً على حالتى العامة ولست ممن يحملون زجاجات المياه خلال وجودهم فى الخارج.
لذلك كانت الفرصة متاحة لى لممارسة ثلاث هوايات مفضلة عندى. الأولى فى تفضيل التجول داخل مكتبتى العامرة بما يزيد على عشرة آلاف كتاب جمعتها من كل الدول التى زرتها ومن كل المحافظات وكل دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب ومن باعة الكتب المقروءة من قبل، وهى الكمية الأكبر فى مكتبتى.
أتمتع بإعادة قراءة العناوين وأمسك كتاباً وأعيد قراءة بعض صفحاته والاطلاع مرة أخرى على الفهرس فربما أتذكر أمراً أو أقرر إعادة قراءة هذا الكتاب أو ذاك، وأحياناً أجد أكثر من نسخة لكتاب واحد فأضطر إلى وضعها جانباً للتصرف فيها، إما بالتبرع بها لنقابة الصحفيين أو لجامعة أو مدرسة ضمن مجموعات أخرى من الكتب.
وأحياناً أعيد صف الكتب الخاصة بموضوعات متشابهة.
أعترف بكل سرور بأن وجودى فى مكتبتى أولى المتع فى حياتى وأفضلها وأفيدها، فخير جليس وصديق لى للأبد الكتاب.
أما الهواية الثانية فهى ترميم الكتب، أحياناً أشترى كتاباً مستعملاً وأجده مهلهلاً ولكنى لا أتردد فى شرائه، ففى هذه الحالات يصعب أن تجد الكتاب مرة أخرى، وحالة الكتاب السيئة لا تشغلنى، فلدىّ من الأدوات فى البيت والخبرة فى ترميم الكتب ما يجعل معالجة حالة أى كتاب مسألة بسيطة بل ممتعة لى ولو قضيت وقتاً طويلاً، فأنا لا أمل ولا أكل من ممارسة هذه الهواية، وبعد الترميم أنظر للكتاب بإعجاب وأضعه بين أقرانه سليماً معافى يزهو بحلته الجديدة.
والهواية الثالثة أرشفة الصحف. فقد تعودت أن أحتفظ بالصحف مهما مر عليها من زمن، وفى وقت ما أضع كل الصحف أمامى وأفرزها بدقة وأقطع منها صفحات أو أقص من الصفحات موضوعات أو مقالات مكوناً أرشيفاً خاصاً ثرياً لا علاقة له بعلم التصنيف والمكتبات، وإنما له علاقة بمزاجى الشخصى ومتعتى بقراءة تلك الموضوعات.