رفعت رشاد يكتب: قضايا الأسرة فى الحوار الوطنى

بيانقضية فى غاية الخطورة يناقشها هذا المقال لكاتبه الكبير رفعت رشاد، والمنشور قى صحيفة “الوطن” ، والقضية تتعلق بتشريعات الأحوال الشخصية الخاصة بالأسرة، وفى التفاصيل مزيد من إلقاء الضوء على هذه التشريعات وخاصة الزواج والطلاق، والميراث، اقرأ المقال كاملا فى التالى:

شهدت لجنة الأسرة والتماسك المجتمعى بالحوار الوطنى مناقشات موسعة خاصة بقضايا الأحوال الشخصية وطرحت بعض عضوات اللجنة اقتراحات بشأن «الكد والسعاية» وطالبن بأن يكون للزوجة نصف ثروة الرجل فى حالة وفاته أو طلاقهما.

إن جلسات الحوار الوطنى مفتوحة للحوار بكل أبعاده ولذلك ينتهز البعض الفرصة لإبداء آراء متطرفة بهدف الحصول على مكاسب وقتية دون النظر المتعمق لآثار ما يطالب به، وهذا ما حدث من بعض عضوات اللجنة اللاتى طالبن بأمور لا تتفق والشرع ولا تتفق وقيم المجتمع وتقاليده ولم ينظرن إلى الأثر السلبى الذى يمكن أن تحدثه هذه المطالب.

المطالبة بنصف ثروة الزوج للزوجة لمجرد أنها زوجته أو كانت زوجته أمر غريب وعجيب، فكيف لرجل سعى واجتهد وربح مالاً وفيراً أو قليلاً أن يشاركه مع شخص آخر؟!استندت عضوات اللجنة المطالبات بنصف الثروة للزوجة برأى أبداه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وهذا الرأى ليس حديثاً شريفاً ولا قاعدة فقهية ملزمة وإنما توجه أبداه الخليفة عمر بن الخطاب لستر حياة المرأة فى ذلك الوقت الذى لم تكن فيه المرأة قادرة على العمل أو الخروج وتكوين مال خاص بها أو يكون لها ذمة مالية منفصلة.

طالع المزيد:

حقوق المرأة في ظل قانون الأحوال الشخصية الجديد.. تعرّف عليها

وقد فسّر الأزهر قول فضيلة الإمام بأنه «يجب تعويض المشترك فى تنمية الثروة العائلية كالزوجة التى تخلط مالها بمال الزوج والأبناء الذين يعملون مع الأب فى تجارة ونحوها فيؤخذ من التركة قبل قسمتها ما يعادل حقهم إن عُلم مقداره أو يتصالح عليه بحسب ما يراه أهل الخبرة والحكمة إن لم يعلم مقداره».الأمر إذن ليس مطلقاً، ولو طبق كما نادت عضوات اللجنة لصار كارثة، وقد عقب الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر على من طالبن به فقال: إن مسألة الكد والسعاية تختلط فى بعض الأذهان فهى تتعلق بالمشاركة المالية ومن يزعم أنه يجب مقاسمة ثروة الزوج لصالح الزوجة فذلك فيه مخالفة للشريعة، أما الشراكة فتكون فى حالة المشاركة المالية الواضحة وليس لمجرد مسألة الزواج.

وإن القول بهذا الأمر فيه اتهام للشرع بالتقصير وهو أمر مرفوض عملاً بقوله تعالى: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا». ولما كانت الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فهذا الأمر مرفوض لمخالفته الشريعة.

إذا كان المجتمع يسعى لإعطاء المرأة مزيداً من الحقوق فإن هذا لا يعنى الافتئات على الشريعة ويجب كذلك الالتفات إلى أن مثل هذا الأمر لا يؤدى إلى راحة الأسرة وزيادة الروابط بين أعضائها، إنما سيدمر الأسر، ولو وضعنا سيناريوهات لمثل هذا الأمر لذهلنا مما سيحدث.

ولندرك أن لكل قانون وتشريع فلسفة وأهم فلسفة ومقصد للشريعة والتشريع والقانون جلب المصالح للعباد ودفع الضرر عنهم.

وهذه المصالح ليس ما يراه البعض من مصلحة له ونفعاً حسب هواه وإنما المصلحة ما كانت مصلحة فى ميزان الشرع لا فى ميزان الأهواء والشهوات.

ماذا لو كانت هناك امرأة تتخذ من الحصول على الثروات من الرجال مهنة؟ ماذا لو أن الزوجة لها ذمة مالية منفصلة ولم يحصل الزوج منها على أى مال تشاركه به وكان ينفق عليها إنفاقاً كاملاً؟ لماذا لا تطالب العضوات بأن يحصل الزوج على نصف ثروة زوجته فى حالة طلبها الطلاق أو وفاتها، ألم يشاركها فى الكد والسعاية؟. قبل أن نسارع بالطلبات علينا أن ندرس فلسفة الشريعة والتشريع والقانون وأثر مطلبنا على المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى