د. قاسم المحبشى يكتب: الأمن القومي العربي وتحدياته الراهنة (١من٢)
يعد مفهوم الأمن من أكثر المفاهيم التباساً و غموضاً، وذلك بما ينطوي عليه من دلالات ومعاني كثيرة ومتعددة, إذ بات الناس يطلقون الكلمة على أشياء وظواهر وعلاقات ومؤسسات لا حصر لها: الأمن السياسي , امن الدولة, الأمن الوطني , الأمن المركزي , الأمن القومي , الأمن العام , الأمن, الغذائي الأمن الصحي ,الأمن المائي , الأمن البيئي , الأمن الاجتماعي , الأمن الثقافي , الأمن المعيشي, الأمن السيكولوجي, الأمن العائلي, الأمن الحقوقي الأمن التقني الأمن المستقبلي.
ويعود مفهوم الامن القومي الي منتصف القرن السابع عشر بعد ابرام معاهدة ويستفاليا عام 1648 والتي انهت الحروب الدينية في اروبا كما شاع استخدامه بعد الحرب العالمية الثانية إذ أنشاءت الولايات المتحدة مجلس الامن القومي الامريكي 1947 , فالامن القومي هو هدف اي وحدة سياسية تسعي لتحقيق الاستقرار الداخلي وذلك عن طريق “تحقيق الحريات وتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين مثل : (غذاء بسعر مناسب- تعليم يخدم التنمية ,رعاية صحية – توفير عمل مناسب مسكن – أمن وطمأنينة – بيئة غير ملوثة) وكذلك الحرص على تماسك الوحدة الوطنية وتحقيق سلام اجتماعي بين قوى الدولة وعناصرها وطبقاتها المختلفة
الأمن – لغة- ضدّ الخوف، فهو الطمأنينة التامة على النفس والمال. قال ابن منظور: (أمن ، يأمن، أمنْاً، وأماناً ضد الخوف) ، وفي التنزيل العزيز: ﴿وآمنهم من خوف﴾. والأمن في المنظور الإسلامي يبيّنه القرآن الكريم في مواضع عديدة ليشير إلى معاني مختلفة منها الأمان وعدم الخوف والطمأنينة والوثوق، لقوله تعالى ﴿ فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف﴾. في هذه الآية الكريمة تقديم لغريزة الجوع على الخوف، لتبرهن في ذلك على أن الأمان من الخوف ينتج أولاً من خلال إشباع حاجات الفرد الغذائية، وكما هو معلوم أن حاجات الفرد تتدرج تبعا لأهميتها في صيرورة الإنسان واستمرار حياته، فهناك حاجات أساسية ينبغي إشباعها وإلا هلك الفرد، أو تعقد نفسيا، أو اتجه نحو مسارات انحرافية. فالأمن في أي مجتمع ـ حسب وظيفته ـ لا يتوفر إلا بعد حماية المصالح الحيوية لأفراد المجتمع: (وعُِرّف الأمن على أنه نقض الخوف، ومعناه الطمأنينة والثقة وهدوء النفس الناتج عن عدم الإحساس بالخوف من كل ما يُهدد الفرد من أخطار عمدية أو غير عمدية، طبيعية كانت أم بشرية)
والأمن في أساسه الاجتماعي “يعني غياب الخطر المادي والحماية من القلق النفسي، فهو إذن يتضمن جانبين، التحرر من الحاجة ومن الخوف”.
وعرفه البعض على أنه: (الكفاية المعيشية لأفراد المجتمع واكتسابهم لحقوقهم الأساسية والسياسية في الصحة والتعليم والعمل، وحمايتهم من ظروف الأزمات والطوارئ، فالكفاية الاقتصادية والمعيشية تعد عنصراً من عناصر الاستقرار وحفظ التوازن النفسي والعاطفي)
اما العالم روبرت مكنمارا فيعرف الأمن بأنه ( التطوير والتنمية سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة)