إدوارد: 25 عامًا صراع مع الاكتئاب.. كيف تخلص منه وبدأ حياة جديدة؟!

كتبت- أسماء خليل

خلال رحلة حياته التي تخللها خمس وعشرون عامًا من الاكتئاب، عاش إدوارد حياةً ذات وجهين، وجهٌ يحي به أمام العالم كمطور عقاري مع زوجته الجميلة وأطفاله سعداء وحياة مهنية ناجحة، ووجهٌ آخر يعيش به وحيدًا ما بين أدوية الاكتئاب والقلق والعقارات المنومة.
يبدأ يوم “إدوارد جرانت” البالغ من العمر ٣٦ عامًا، وزوج كلوي ديليفين أخت عارضة الأزياء الشهيرة، بشكل طبيعي أمام أسرته، يمارس كل طقوسه اليومية وقد تناول العقاقير التي تصلح من صحته العقلية، ثم يذهب لعمله كمطور عقاري في النوادي غرب لندن ، وحينما يتواجد في أحد الاحتفالات كنوع من أنواع الترفيه لأسرته، يرتدي وجهه الآخر ويبتسم ابتسامات دون صدى داخل ذاته.

بداية الاكتئاب

في سن ال 21 ، في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، تعرض إدوارد لهجوم الذعر الأول أثناء وجوده في مطعم مع أصدقائه – وبدون أدنى فكرة عما كان يحدث ، اعتقد أنه يموت وهو غير قادر على التنفس.
كانت صحته العقلية سيئة للغاية لدرجة أنه لم يكن قادرًا على النهوض من الفراش في بعض الأيام ، وبعد أن عرف والده طبيعة معاناته بعد عام ، بدأ في زيارة طبيب نفسي وصف له مضادات الاكتئاب وجلسات استشارية مرتين في الأسبوع.
ورغم أن إدوارد كان يتناول الأدوية بانتظام؛ إلا أنه كان لايزال يعاني من نوبات من الاكتئاب والقلق، وعندما بلغ سن الثلاثين كان يشرب بكثرة ويعتمد على الحبوب المنومة التي تصرف بوصفة طبية لمساعدته على التأقلم.

حياته العاطفية

بدأ إدوارد في مواعدة كلوي في عام 2010 ، حيث تزوج الزوجان بعد أربع سنوات، معتقدًا أن الزواج ربما يخفف عنه ما يعاني.. وإلى حدٍّ ما تحسنت صحته العقلية في السنوات الأولى من زواجهما، لتتراجع مرة أخرى بمجرد ولادة ابنهما الأول أتيكوس.
أصيبت كلوي – زوجة إدوارد – بمرض ما بعد ولادتها للمرة الأولى ، وأثناء حملها بابنته جونو ، ظل إدوارد حبيسًا لمدة عشر ليالٍ متتالية بقلق وزعر شديدين خائفًا من إصابة زوجته بالمرض مرة أخرى.

حياة تشبه عقوبة السجن

يحكي إدوارد أنه على الرغم من أنه بدا وكأنه يحلق عاليًا في حفلات تشيلسي الفاخرة مع مسيرة مهنية ناجحة وحياة أسرية سعيدة؛ إلا أنه كان تعيسا للغاية، فيقول: “ لقد حُكم عليَّ بعقوبة السجن مدى الحياة منذ أوائل العشرينات من عمري” .
وكشف إدوارد الأب لطفلين أتيكوس ، سبعة أعوام ، وجونو ، خمسة أعوام ، في كوتسوولدز ، أنه كان يعيش في حرب مع حياة مليئة بالقلق المزمن ونوبات الهلع الشديدة والأرق المعوق بعد مغادرته جامعة بريستول.

تعافى من الاكتئاب

يحكي إدوارد أنه عندما ضرب الوباء البلاد ، بدأت صحته العقلية له في الانهيار ، خائفًا من المرض والخراب المالي وهو معزول عن عائلته وأصدقائه، وبدأ اليأس يتخلل ذاته، فجلس يتصفح ويقرأ بعض المعلومات عبر الإنترنت في محاولة يائسة للوصول إلى جذر مرضه بشكل نهائي ، إذ وجد مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من نفس مرضه من اضطراب الاكتئاب والقلق الحاد يشكلون “جروب” ويعرفون بعضهم البعض.
كتب إدوارد وهو يسرد حكايته لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية : “ لقد بدأت حقًا – لأول مرة- في محاولة فهم مرضي ، من أين نشأ ، وما الذي يمكنني فعله أخيرًا لمنعه من إملاء حياتي، فقد كان الأعضاء مثقفون للغاية ومتعاونون، ويكفي أن كل منهم متفهم طبيعة ما يؤلم الآخر”.
تجتمع تلك المجموعة بانتظام لدعم بعضها البعض ، وإلى جانب العلاج ، بدأ إدوارد في السيطرة على مرضه من خلال معاونتهم له والتمارين اليومية.
وظل إدوارد في تواصل معهم طوال فترة إغلاق كوفيد Covid-19 وبدأ ولأول مرة يشعر بالسعادة، لمجرد أن هناك من يفهمه.
يقول إنه بينما ينفتح العالم مرة أخرى بعد الوباء ، يشعر كما لو أنه تغلب على مرضه لأول مرة منذ 25 عامًا ، ويصر على أنه يشعر بحصوله على بداية حياة جديدة.

زر الذهاب إلى الأعلى