إيكونوميست: طموح الخليج اللامحدود لتغيير العالم.. فصل جديد في الشرق الأوسط

كتب: أشرف التهامي

مقدمة

نشرت صحيقة “إيكونوميست” عبر موقعها الإليكترونى المقال التالى تحت عنوان:

  The Gulf’s boundless ambition to change the world
Now it wants to export its model. But the region faces grave dangers

وترجمته: “طموح الخليج اللامحدود لتغيير العالم.. الآن يريد تصدير نموذجه لكن المنطقة تواجه مخاطر جسيمة”

ونقدم فى التالى ترجمة للمقال بشىء من التصرف:

المقال:

إن كنت تعتقد أن الشرق الأوسط يعيش حالة جمود، فلا بد من إعادة النظر برأيك، وذلك لأن اقتصاد دول الخليج أصبح الأغنى والأشد حيوية على مستوى العالم بفضل سعر نفط برنت الخام الذي قفز ليتجاوز عتبة التسعين دولارا للبرميل الواحد خلال هذا الأسبوع، وهنالك 3.5 تريليون دولار من الوقود الأحفوري تصرف على كل شيء بدءاً من نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة محلياً، مروراً بالمدن الجديدة المبهرة التي تقام وسط الصحراء، وصولاً إلى صناديق الثروة السيادية الضخمة المكتظة بالأموال والتي صارت تجوب الأسواق العالمية لرأس المال بحثاً عن فرص وصفقات.
مع تدفق الأموال، ظهرت بوادر لتراجع الفوضى، وذلك بفضل تسيد الدبلوماسية للمشهد طوال عقود، فلقد تفاوضت السعودية وإيران للتوصل إلى انفراج في علاقتهما القائمة على التنافس منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979. مما أدى لتراجع أعداد الضحايا في حربي سوريا واليمن، بما أن ممولي هذين النقيضين باتوا في سعي دائم لخفض التصعيد.

وبعد الاتفاقيات الإبراهيمية التي عقدت بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية، أصبحت السعودية الآن تفكر بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، بعد مرور 75 عاماً على تأسيسه.

أما نفوذ هذه المنطقة على المستوى العالمي فآخذ بالازدياد، إذ توشك أربع دول في المنطقة على دخول محور البريكس الذي يضم دولاً لا تنحاز لأي طرف بما يشبه منظمة عدم الانحياز بمنتصف القرن المنصرم وتسعى نحو عالم تضعف فيه هيمنة الغرب على كل شيء.

ولكن هل تتخل إيجابياً ، أن هذه التبدلات تفتتح فصلاً جديداً في الشرق الأوسط يتسم بفرص وتحديات جديدة، فربما يجرب زعماء المنطقة أفكاراً انتشرت في معظم دول العالم، ومنها اعتناق البراجماتية الاستبدادية كبديل عن الديمقراطية، والدبلوماسية ذات الأقطاب المتعددة بدلاً من النظام العالمي الذي تقوده أميركا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945.

وقد يستطيع الشرق الأوسط إمكانية الاكتشاف المبكر للمخاطر التي قد تهدد العالم بأسره في العشرية الثالثة من الألفية الثالثة، ومن بينها انتشار السلاح النووي، والظروف المناخية القاسية، وانعدام المساواة بين البشر بشكل أكبر، في الوقت الذي تزداد فيه الدول الضعيفة ضعفاً وتراحعاً عن الركب.

الشرق الأوسط يهم الجميع أكثر من ذي قبل.

رحل كثير ممن سكنوا البيت الأبيض عن منصبهم وهم يحلمون بنسيان كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، ولكن سواء أكنت تدير دولة عظمى أو مشروعاً صغيراً، سيبقى الشرق الأوسط يهم الجميع أكثر من ذي قبل، إذ على الرغم من أنه يحوي 6% فقط من سكان العالم، إلا أنه يسيطر على الاقتصاد العالمي.

وعلى الرغم من أن هذه المنطقة تعتبر من أرخص المناطق المصدرة للنفط، إلا أن حصتها من الصادرات الخام تتجاوز 46%.

أما نصيبها من الغاز الطبيعي المسال الذي زاد الطلب عليه كثيراً منذ أن أغلقت روسيا خطوط الغاز لديها دون أوروبا، فأصبح يزيد على 30%.

وبفضل الموقع الاستراتيجي للشرق الأوسط، فإن 30% من التجارة البرية و 16% من الشحن الجوي يمر بها.

ومع وجود أصول لها، تصل قيمتها إلى ثلاثة تريليونات دولار أميركي، أصبحت صناديق الثروة السيادية فيها من بين أكبر الصناديق في العالم.

أما حروب المنطقة والفوضى المنتشرة فيها فغالباً ما تقطع الحدود لتصل إلى أماكن أخرى، ويؤثر اللاجئون القادمون من الشرق الأوسط على سياسات دول كثيرة، قد تكون بعيدة، كأوروبا مثلاً.

وكان العقدان الماضيان تعيسين على الشرق الأوسط، فقد انتهت المشاريع الديمقراطية بالفشل وسفك الدماء، وذلك في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، وفي عدد من الدول عقب ظهور الربيع العربي عام 2011.

كما أخذ تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي يقتل كل من يقف في طريقه لإنشاء دولة الخلافة المزعومة، في حين احتدمت الازمة على أشدها في سوريا ولم تنته بعد.

تغيرات جذرية جديدة

ومع انحسار القتال اليوم، أخذت تغيرات كبيرة تظهر في الأفق كالتالى:

أولاً: المنطقة أصبحت تتحمل مسؤولية أمنها بنفسها، مع تراجع شهوة أميركا ومزاحمتها بالتدخل عسكرياً في المنطقة. أضف إلى ذلك، أصبحت الأنماط التجارية فيها متعددة الأقطاب، إذ يعتقد صندوق النقد الدولي بأن 26% من صادرات السلع في الشرق الأوسط تذهب إلى الصين والهند، أي ما يعادل نسبة الضعف تقريباً عما كانت عليه في عام 2000، ونحو ضعف الحصة المخصصة لأميركا وأوروبا. أما عملية إعادة ترتيب الأمور على الصعيد الجيوسياسي فقد أدت لظهور رغبة قوية بخفض التصعيد في النزاعات.

ثانياً: التجديد في مجال الطاقة حاجة ماسة للابتعاد عن النمط المعهود من الطفرة النفطية التي يعقبها حالة كساد، إذ ظهر عوضاً عن ذلك دافع شديد لدى الدول الخليجية لرفع إنتاجها من الوقود الأحفوري خلال العقد المقبل وذلك قبل أن يتراجع الطلب عليه بشكل دائم، مع السعي لإنفاق الناتج على تنويع مصادر الاقتصاد المحلي.

التغير الأخير

أما التغير الأخير فيتمثل بالتململ الذي يسود الرأي العام، بعدما أثبتت التجارب السياسية فشلها سواء أكانت ديمقراطية أم إسلامية، ولهذا أصبحت شعوب الشرق الأوسط تتوق لفرص اقتصادية أكبر، إذ تظهر استطلاعات الرأي بأن أولى الدول التي تجذب الشباب العربي هي دولة الإمارات، وذلك بفضل استقرارها واقتصادها المزدهر في ظل حكم عائلي يمسك بالسلطة بقبضة حديدية.

وفي الوقت ذاته، نكتشف بأن تراجع التدخل الغربي بأمن المنطقة وتجارتها يعني أيضاً انحسار الضغط من أجل حماية حقوق الإنسان أو الديمقراطية.

………………………………………………………………………………………………………………..
المصدر: The Economist

رابط المقال: https://www.economist.com/leaders/2023/09/07/the-gulfs-boundless-ambition-to-change-the-world

………………………………………………………………………………………………………………..

اقرأ أيضا:

المذيع الجزائري عُمر ملايني: تجربتي في مصر فريدة من نوعها.. وعملت في البداية دون أجر

زر الذهاب إلى الأعلى