د. هاني الجمل يكتب: الممر الهندي وقناة السويس
ما هو الهدف الحقيقي من وراء إطلاق مبادرة الممر الاقتصادي الهندي، وما علاقة ذلك بمشروع الحزام والطريق الذي تتبناه الصين، وهل يمكن أن يؤثر ذلك على حركة الملاحة بقناة السويس؟
فمبادرة “الممر الاقتصادي”، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الهندي، نارندرا مودي، وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مؤتمر قمة العشرين الأخيرة في دلهي، تعد في نظر بعض المحللين ” طموحة وعملاقة” ويمكن أن تنقل العديد من الدول النامية نقلة اقتصادية نوعية، لكنها تحتاج إلى تمويل هائل، قد يصل الى 47 ترليون دولار، وإلى سنوات عديدة قد تمتد إلى عقود كي تؤتي أكلها.
ويرى بعض المحللين أن المبادرة التي تتضمن إنشاء ممرين، الأول بحري، يبدأ من الهند وينتهي بمواني الخليج العربي، والثاني بري، يمتد من السعودية والإمارات ويصل إلى البحر المتوسط مروراً بالأردن وإسرائيل، وصولاً إلى أوروبا، تستهدف وقف مشروع الحزام والطريق الذي أطلقته بكين من عشر سنوات لربط الصين ودول آسيا عموماً بأوروبا، وتقديم صورة جديدة عنها كدولة عظمى مستعدة لإنصاف الدول الفقيرة، وإحداث تنمية اقتصادية واسعة في العالم.
ومما شجع دول العالم الثالث على التفاعل مع مبادرة “الحزام والطريق”، هو أن الصين لا تفرض على الدول التي تتعامل معها، شروطاً سياسية، كأن تطالبها بتحسين حقوق الإنسان أو تغيير أنظمتها السياسية واتباع النظام الديمقراطي، كما تفعل الدول الغربية، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، التي تربط بين النظم السياسية وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية.
ويرى بعض المحللين أن تعثر مبادرة الحزام والطريق وتنامي الشكوك حول قدرة بكين على مواصلة تطبيقها، في ضوء تباطؤ الاقتصاد الصيني، قد شجّع مجموعة العشرين على طرح مبادرة “الممر الاقتصادي”، التي سوف تقلل من أهمية المبادرة الصينية المتعثرة أصلاً، وتنقل الاهتمام من الصين إلى الهند والشرق الأوسط، وتعزز الارتباط التجاري بين دول آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. ورغم أن المبادرة الأخيرة لمجموعة العشرين ستوفر طريقاً تجارياً عملاقاً، يربط آسيا والشرق الأوسط بأوروبا، لكنها لن تكون بديلاً لقناة السويس، كما يتوهم البعض، لأن العالم يتطور ويحتاج إلى مزيد من التكامل والتفاعل الاقتصادي.
وفي هذا السياق يتفق جميع الخبراء والمحللين على أن خطوة الممر الاقتصادي الجديد ورغم الهالة التي أحيطت بها، فإنها لن تنحي جانباً أهمية قناة السويس، التي تخدم التجارة الدولية منذ 154 عاماً، ويمر من خلالها 13% من التجارة العالمية، وهي نسبة لا يستهان بها، حيث تشكل تلك التجارة نحو 23 تريليون دولار.
ولا يمكن لعين المراقب أن تغض الطرف عن أهمية قناة السويس، وكيف اضطربت التجارة العالمية عام 2021 عندما تعطلت إحدى السفن فيها وتسببت في إغلاقها ستة أيام فقط، الأمر الذي يؤكد أن القناة ستبقى ممراً مائيا حيوياً رابطاً بين آسيا أفريقيا وأوروبا.
خلاصة القول.. بغض النظر عن الأهداف الحقيقية وراء انطلاق مبادرة الممر الهندي وعلاقة الصين بذلك، فإن قناة السويس ستظل الممر الأهم عالمياً نظراً لما تتمتع به من موقع ممتاز وما يتوفر لها من أمن وأمان.