قتلناك يا آخر الأنبياء.. البيان الشعبى لوفاة جمال عبد الناصر
تقرير يكتبه: عاطف عبد الغنى
فى مثل هذا اليوم قبل 53 عاما رحل رئيس الجمهورية الأولى وزعيم الأمة.. جمال عبد الناصر.
قال الشاعر اللبنانى الكبير نزار قباني، فى رثاء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى قصيدة شهيرة: “قتلناك يا آخر الأنبياء.. قتلناك.. وليس جديدا علينا اغتيال الصحابة والأولياء”.
ولد جمال حسين عبد الناصر فى 15 يناير 1918 ، ومسقط رأس عائلته قرية بنى مر بمحافظة أسيوط ، لكنه ولد ونشأ فى الأسكندرية، بحكم عمل والده فى هيئة البريد، ووظيفته فى ذلك الوقت كانت وكيلًا لمكتب بريد حى باكوس، ومتزوجا من السيدة فهيمة (أم عبد الناصر) المولودة فى ملوى بالمنيا، وكان جمال بكرى والديه، لكن الأسرة رزقت بولدين من بعده، وهما عز العرب والليثي.
ويشير كُتّأب سيرة عبد الناصر ومنهم روبرت ستيفنس، وسعيد أبو الريش، إلى أن عائلة عبد الناصر كانت مؤمنة بفكرة العروبة، والمجد العربي ، ويتضح ذلك في اسم شقيق عبد الناصر، وهو عز العرب، وهذا اسم نادر في مصر.
وفيما بعد انتقلت الأسرة إلى القاهرة مع انتقال عمل الوالد، وسكنت حارة الخرنفش بحى الجمالية أحد أحياء القاهرة الخديوية، وفى ظرف سياسى استثنائى (معاهدة 1936 تلتى دعت إلى زيادة أعداد الجيش المصى) ألتحق الشاب جمال عبد الناصر بالكلية الحربية بالقاهرة، وتخرج فيها عام 1938 وتم تعيينه ضابط فى سلاح المشاة فى أسيوط، وخدم فيما بعد فى العلمين والسودان ، قبل أن يتعين مدرسا فى الكليه الحربية.
حرب فلسطين والثورة
اشترك فى حرب فلسطين سنة 1948 وحوصر مع فرقته فى الفالوجا، خلال حرب فلسطين عام 1948، وعندما عاد إلى القاهرة شارك فى تنظيم الضباط الأحرار عام 1951 ، وانتخب رئيسا لهيئتها التأسيسيه فى ديسمبر 1951.
وهو القائد الفعلى لثورة 23 يوليو 1952 التي أطاحت بالملك فاروق (آخر حاكم فعلي من أسرة محمد علي) وحولت نظام مصر من الملكية الوراثية إلى جمهورية رئاسية.
شغل عبد الناصر منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة الجمهورية الجديدة، ثم تولى رئاسة الوزراء وذلك بعد أن قام بالاستقالة من منصبه في الجيش.
محاولة اغتياله
تعرض عبد الناصر إلى محاولة اغتيال عام 1954م من قبل أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فى حادث المنشية المشهور، فقام مجلس قيادة الثورة بحظر تنظيم الإخوان ومحاكمة القتلةن وبدأ الصدام الفعلى والتاريخى بين عبد الناصر ، والتنظيم الإرهابى.
تم اختيار عبد الناصر رئيسًا للجمهورية في 25 يونيو 1956، طبقًا لاستفتاء أجري في 23 يونيو 1956، ليصبح ثاني رؤساء مصر، فى تاريخها الحديث.
ومع تعزيز موقعه الداخلي فى مجلس قيادة الثورة، الذى صار يحكم ، أصبح عبدالناصر قادرا على ضمان أسبقيته على زملائه في مجلس قيادة الثورة، واكتساب سلطة صنع القرار من دون منازع نسبيا، وخاصة في السياسة الخارجية.
طرد الاستعمار ومطاردته
انشغل عبد الناصر بطرد الاستعمار فعليا من مصر والعمل على تحرير البلاد العربية أيضا من الاستعمار، كما انشغل بقضايا العروبة، وسعى إلى وحدة العرب، وفى هذا الصدد كان قائدا للاتحاد العربي الاشتراكي الذي يدعو للوحدة العربية وكان ينادي بالإشتراكية.
فىشهر يناير من سنة 1956، أُعلن عن الدُستور المصري الجديد، الذي نص على تأسيس نظام الحزب الواحد تحت مظلَّة الاتحاد القومي، الذى قال عنه عبد الناصر إن “الاتحاد القومي ليس حزبًا، وإنما هو وطن بأكمله داخل إطار واحد.. ويحقق أهداف ثورته التي لا بد من تحقيقها”.
اصطدمت سياسات عبد الناصر الخارجية والداخلية المستقلة بشكل متزايد مع المصالح الإقليمية لكل من المملكة المتحدة وفرنسا، التى أدانت دعمه القوي لثورة استقلال الجزائر، واهتاجت حكومة أنطوني إيدن في المملكة المتحدة من حملة عبد الناصر ضد حلف بغداد.
كما أدى تمسك عبد الناصر بالحياد بشأن الحرب الباردة، والاعتراف بالصين الشيوعية، وصفقة الأسلحة مع الكتلة الشرقية إلى انزعاج للولايات المتحدة الأمريكية، ما أدى إلى سحب الولايات المتحدة وبريطانيا فجأة عرضهما لتمويل بناء السد العالى فى شهر يوليو عام 1956، بحجة خوفهما من أن الاقتصاد المصري سوف يغرق بسبب هذا المشروع.
تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى
وجاء رد عبد الناصر على الغرب بقرار أشبه بالزلزال، وهو تأميم قناة السويس، واستردادها من يد المغتصبين، بريطانيا وفرنسا، وهو يدرك جيدا أن تأميم القناة سوف يحدث أزمة دولية، لكنه اعتقد أن احتمال التدخل العسكري من قبل الدولتين (بريطانيا وفرنسا) 80%، ومع ذلك، اتخذ قرارا بتأميم قناة السويس، متصورا أن بريطانيا لن تكون قادرة على التدخل عسكريا لمدة شهرين على الأقل بعد الإعلان، فيما رأى التدخل الإسرائيلي شبه مستحيل.
لكن بعد وقت قصير، عقدت كل من بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل اتفاقا سريا للاستيلاء على قناة السويس، واحتلال أجزاء من مصر، وإسقاط عبد الناصر، واندلعت حرب 56 أو العدوان الثلاثى على مصر في 29 أكتوبر 1956.
وعلى الرغم من السهولة النسبية التي تم بها احتلال سيناء، لم يلحق بهيبة عبد الناصر في الداخل وبين العرب أي أذى، وقررت مصر مقاومة الغزو ، وأذن الناصر بتوزيع حوالي 400000 بندقية على المتطوعين المدنيين ومئات من الميليشيات التي تشكلت في جميع أنحاء مصر، والتي قادها كثير من المعارضين السياسيين لجمال عبد الناصر.
وبسبب حسابات القوى على المستوى الدولى أدانت الإدارة الأمريكية برئاسة أيزنهاور الغزو الثلاثي على مصر، انضم لها الاتحاد السوفيتى، ودعما قرارات الأمم المتحدة المطالبة بسحب قوات الدول الثلاثة الغازية، وأكد عبد الناصر إن أيزنهاور لعب «أكبر الأدوار وأكثرها حسما» في وقف «المؤامرة الثلاثية».
ولادة بطل
ومع حلول نهاية شهر ديسمبر، انسحبت القوات البريطانية والفرنسية تماما من الأراضي المصرية، في حين أنهت إسرائيل انسحابها في مارس 1957 وأطلقت سراح جميع أسرى الحرب المصريين. ونتيجة لأزمة السويس، أصدر ناصر مجموعة من اللوائح فرضت شروطا صارمة للحصول على الإقامة والمواطنة، وكان مقصودا طرد الصهاينة من البلاد.
يوم 8 أبريل، أعيد فتح القناة، وتم تعزيز الموقف السياسي لعبد الناصر بشكل كبير بسبب فشل الغزو ومحاولة الإطاحة به، يقول أنتوني نوتنج أن هذه الأزمة «هي التي جعلت ناصر أخيرا وبشكل كامل، رئيسا لمصر»
في الأول من فبراير 1958، أعلنت الوحدة مع سوريا تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة، وكانت ردة الفعل الأولية في الوطن العربي هي الذهول وفقا للكثير من المؤرخين، ولكن سرعان ما تحول الذهول إلى نشوة كبيرة.
يوم 28 سبتمبر 1961، شنت وحدات انفصالية من الجيش بقيادة مدير مكتب المشير عامر عبد الكريم النحلاوي انقلابا في دمشق، معلنة انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة، وردا على ذلك اشتبكت معهم وحدات الجيش الموالية للاتحاد في شمال سوريا، وحدثت مظاهرات مؤيدة لناصر في المدن السورية الكبرى. أرسل ناصر القوات الخاصة المصرية إلى اللاذقية لدعم حلفائه، لكنه انسحب منها بعد يومين، معللا ذلك برغبته عدم حدوث قتال بين الدول العربية. وقبل ناصر انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة يوم 5 أكتوبر، وأعلن أن مصر سوف تعترف بالحكومة السورية المنتخبة، وألقى باللوم في تفكك الوحدة على التدخل من قبل الحكومات العربية المعادية له. وفقا للكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، عانى ناصر ما يشبه الانهيار العصبي وبدأت صحته في التدهور بعد حل الاتحاد، كما بدأ في التدخين بشكل أكبر.
إنجازات الداخل
على مستوى الداخل سعى عبد الناصر إلى ترسيخ مكانة مصر كقائدة للعالم العربي، وسعى للترويج لثورة ثانية في مصر بهدف دمج الفكر الإسلامي والاشتراكي، ولتحقيق ذلك، بادر بالعديد من الإصلاحات لتحديث الأزهر، والذي هو بمثابة السلطة الرائدة في الإسلام السني، وسعى إلى تمكين علماء الأزهر للحد من نفوذ الإخوان المسلمين، وسيطرة فكرهم وسط الجماهير.
فى أكتوبر سنة 1961، بدأ عبد الناصر برنامجًا كبيرًا للتأميم في مصر، معتبرًا أن اعتماد قراراته الاشتراكية سيكون الحل لمشاكل البلاده.
وسعيا لتنظيم وترسيخ قاعدته الشعبية مع المواطنين في مصر ومواجهة نفوذ الجيش، قدم ناصر الميثاق الوطني في سنة 1962 ووضع دستورًا جديدًا، ودعا فى الميثاق الجديد للرعاية الشاملة والصحة، وتوفير الإسكان بأسعار معقولة، ونشر المدارس المهنية، كما دعا إلى مزيد من الحقوق للمرأة وبرنامج تنظيم الأسرة، فضلا عن توسيع قناة السويس.
أعيد الاستفتاء على عبد الناصر لولاية ثانية كرئيس للجمهورية العربية المتحدة بعد استفتاء في البلاد، وحلف ناصر اليمين الدستورية يوم 25 مارس 1965.
النكسة
في أوائل سنة 1967، حذر الاتحاد السوفيتي ناصر من هجوم إسرائيلي وشيك على سوريا، على الرغم من أن رئيس هيئة الأركان المصرية محمد فوزي وصف ذلك التحذير بأنه «لا أساس له من الصحة».
ودون إذن عبد الناصر، استخدم عبد الحكيم عامررئيس أركان الجيش المصري، التحذيرات كذريعة لإرسال قوات إلى سيناء يوم 14 مايو، وطالب عبد الناصر في وقت لاحق بسحب قوات الطوارئ الدولية في شمال سيناء، وفي وقت سابق من ذلك اليوم، تلقى عبد الناصر تحذيرا من الملك حسين من التواطؤ الإسرائيلي الأمريكي لجر مصر إلى الحرب.
حدث هذا على الرغم من أنه في الأشهر السابقة، كان الرئيس عبد الناصر والملك حسن قد اتهما بعضهما البعض بتجنب معركة مع إسرائيل، وكان الأخير مع ذلك خائفا من أن الحرب المصرية الإسرائيلية المحتملة ستتسبب في احتلال الضفة الغربية من قبل إسرائيل، فيما كان عبد الناصر مازال يرى أن الولايات المتحدة تستطيع كبح جماح إسرائيل من مهاجمة مصر بسبب التأكيدات التي تلقاها من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وفي المقابل، طمأن ناصر أيضًا كلا القوتين أن مصر ستدافع عن نفسها.
يوم 21 مايو 1967، ودون الحصول على إذن عبد الناصر، أمر عبد الحكيم عامر بمحاصرة مضيق تيران، في خطوة اعتقد عبد الناصر أن إسرائيل ستعتبرها سببا للحرب، وطمأنه عامر أن الجيش مستعدا للمواجهة، ولكن عبد الناصر كان يشك في ذلك.
توقع عبد الحكيم عامر هجوما إسرائيليا وشيكا ودعا لضربة استباقية، رفض عبد الناصر الدعوة، حيث قال أن سلاح الجو يفتقر للطيارين الأكفاء، ومع ذلك، قال ناصر أنه إذا هاجمت إسرائيل، ستكون لمصر ميزة كثرة القوى العاملة والأسلحة، مما يمكنها من درء القوات الإسرائيلية لمدة أسبوعين على الأقل، مما يسمح ببدء الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار.
طالع المزيد:
–عاطف عبد الغنى يكتب: الثورة (2) مولانا وعبد الناصر والإخوان واليهود
– طارق صلاح الدين يفند أشهر الأكاذيب التى تم إطلاقها على عصر عبد الناصر (15) دور محمد نجيب فى أزمة مارس
كانت هناك لضغوط متزايدة للتحرك العسكري من قبل كل الجماهير العربية والحكومات العربية المختلفة.
وفي 26 مايو أعلن ناصر أنه «سوف يكون هدفنا الرئيسي تدمير إسرائيل».
وفي 30 مايو انضم الملك حسين بالأردن في تحالف مع مصر وسوريا.
في صباح يوم 5 يونيو، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي القواعد الجوية المصرية، ودمر جزءا كبيرا من القوات الجوية المصرية.
قبل انتهاء اليوم الأول من الحرب، كانت وحدات مدرعة إسرائيلية قد اخترقت خطوط الدفاع المصرية واستولت على مدينة العريش. وفي اليوم التالي، أمر عبد الحكيم عامر بانسحاب فوري للقوات المصرية من سيناء، مما تسبب في سقوط غالبية الضحايا المصريين خلال الحرب.
وفقا للسادات، لم يعلم ناصر بخطورة الوضع الحالي إلا عندما استولى الإسرائيليون على شرم الشيخ. أسرع ناصر إلى مقر قيادة الجيش للاستفسار عن الوضع العسكري. ذكر الضباط الحاضرون أن ناصر وعامر قد انفجرا في «مباراة من الصراخ دون توقف».
اللجنة التنفيذية العليا، التي شكلها ناصر للإشراف على أوضاع الحرب، أرجعت النكسة فى 67 إلى التنافس بين عبد الناصر وعامر والعجز الكلي لعامر.
الموت الأول
كانت نكسة 67 الميتة الأولى لجمال عبد الناصر حسب المقربين منه ، وأعلن التنحى عن منصبه كرئيس للجمهورية فى 8 يونيو، لكنه عاد عن القرار بعد أنفجار الجماهير ومطالبته بالبقاء، والحرب لاسترداد الأرض والكرامة،
وفي 19 يونيو 1967 أصدر عبد الناصر قرارا تولى بموجبه رئاسة الوزراء، واختفى المشير عبد الحكيم عامر من المشهد بالانتحار، وتولى عبد الناصر قائدا أعلى للقوات المسلحة، وأعلن غضبته من نظر المحكمة العسكرية التساهل مع ضباط القوات الجوية المتهمين بالتقصير خلال حرب 1967.
وفي يناير 1968، بدأ عبد الناصر حرب الاستنزاف لاستعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل، أمر بشن هجمات ضد مواقع إسرائيلية شرق قناة السويس ثم حاصر القناة.
وفي مارس عرض ناصر مساعدة حركة فتح الفلسطنية بالأسلحة والأموال بعد أدائهم ضد القوات الإسرائيلية في معركة الكرامة في ذلك الشهر.
وفى نفس الوقت نصح ياسر عرفات رئيس منظمة فتح بالتفكير في السلام مع إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة.
فى الداخل
فى الداخل أطلق العمال والطلاب احتجاجات تطالب بإصلاحات سياسية كبرى في أواخر فبراير من العام التالى 1968، وكان ذلك هو التحدي الأكبر أمام ناصر منذ احتجاجات العمال في مارس 1954.
رد ناصر على المظاهرات بتعيين ثمانية مدنيين بدلًا من العديد من أعضاء الاتحاد الاشتراكي العربي في الحكومة.
وردت إسرائيل على هجمات المصريين شرق القناة والقصف المصري لمواقعها والإغارة عليها بقوات الكوماندوز، عن طريق القصف المدفعي والغارات الجوية على مدن القناة القريبة، وأدى ذلك إلى نزوح المدنيين من المدن المصرية على طول الضفة الغربية لقناة السويس.
أوقف عبد الناصر الأنشطة العسكرية مؤقتا وبدأ برنامجا لبناء شبكة من الدفاعات الداخلية، (حائط الصواريخ) في حين تلقى الدعم المالي من مختلف الدول العربية.
استأنف المصريون القتال في مارس 1969، وفي نوفمبر من نفس العام وبوساطة عبد الناصر تم عقد اتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية والجيش اللبناني الذي منح المقاتلين الفلسطينيين الحق في استخدام الأراضي اللبنانية لمهاجمة إسرائيل.
في يونيو 1970، أعلن عبد الناصر عن قبوله مبادرة “روجرز” هي مبادرة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في 5 يونيو 1970 عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإيقاف النيران لمدة 90 يوم بين مصر وإسرائيل وأن يدخل الطرفان في مفاوضات جديدة لتنفيذ القرار 242 للأمم المتحدة.
والمبادرة التى التي دعت إلى وضع حد للأعمال العسكرية والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المصرية، رفضها عبد الناصر في البداية رافضا الخطة، لكنه قبل تحت ضغط من الاتحاد السوفيتي، والذي كان يخشى من احتمال جره إلى حرب مع الولايات المتحدة نتيجة تصاعد الصراع الإقليمي.
استجاب الطرفان (مصر وإسرائيل) لإيقاف النيران في 8 أغسطس 1970 إلا أن إسرائيل لم تفي بالشق الثاني.، وسقطت المبادرة في 4 فبراير 1971 حيث أعلنت مصر رفضها تمديد وقف إطلاق النيران واستمرار حالة اللاسلم واللاحرب.
دخلت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة في الأردن فى توترات ما لبثت أن تزايدت، وأطلقت الأردن حملة عسكرية للقضاء على قوات منظمة التحرير الفلسطينية فى الأردن غرفت باسم مذبحة أيلول الأسود .
تحرك عبد الناصر لإيقاف نزيف الدم العربى وقد دفعته المخاوف من حدوث حرب إقليمية إلى عقد قمة عربية طارئة في 27 سبتمبر، للدعوة لوقف إطلاق النار، وإنقاذ المقاومة الفلسطينية من النحر بيد عربية.
بعد نجاح عبد الناصر فى مهمته ومع انتهاء القمة يوم 28 سبتمبر 1970، وبعد توديع أخر ضيف عربى (أمير الكويت) عاد عبد الناصر إلى منزله منهكا يعانى من نوبة قلبية، وتوفي فى نفس اليوم حوالي الساعة السادسة مساءً.
ووفقا لطبيبه، الصاوي حبيبي، فأن السبب المرجح لوفاة عبد الناصر هو تصلب الشرايين، والدوالي، والمضاعفات من مرض السكري منذ فترة طويلة.
كان ناصر يدخن بكثرة، هذا بالإضافة إلى تاريخ عائلته في أمراض القلب التي تسببت في وفاة اثنين من أشقائه في الخمسينات من نفس الحالة ، بالرغم من كل ذلك فإن الحالة الصحية لناصر لم تكن معروفة للجمهور قبل وفاته، المحصلة أن جمال عبد الناصر مات، وأن البعض لم يقبل بالرواية الرسمية لوفاته، وانطلقت روايات بديلة تقول بقتله، بل خرجت شهادات من أفراد مقربون منه، تعلن الطريقة التى مات بها عبد الناصر، وهو في الثانية والخمسين من عمره، وقالت إن موته غير طبيعي وأنه كان اغتيالا بطيئا نتج عن سم دس في جسده عبر جلسات التدليك (المساج) التي كان يخضع لها
هل قُتل عبدالناصر فعلا؟!.. وهل كان يدرك وهو يودع أمير الكويت بعد انتهاء القمة، أنه في لحظاته الأخيرة، وأن سبتمبر/ أيلول سيعود بظلاله الثقيلة لينهي حياته كما أنهى من قبل الوحدة مع سوريا؟.
الرواية المؤكدة أن الأحزان تراكمت على الزعيم والرئيس جمال عبد الناصر بعد سنة 1961، وكسرته نكسة يونيو 1967، وبعدها بأشهر قليلة غياب صديق عمره ورفيق دربه عبدالحكيم عامر، المسؤول المباشر عن النكسة.
وأخيرا لم يأخذ البعض بصيحة نزار قبانى: “قتلناك يا آخر الأنبياء” على سبيل المجاز، بل اعتبروها بيان رسميا لوفاته.
شاهد الفيديو التالى: