د. هاني الجمل يكتب: مصر والعبور الأهم
بيان
في حياة كل أمة أيام مجيدة تستحق الوقوف والتأمل، كي يعرف أبناؤها إلى أين يمضي بهم الطريق، ويستلهموا في الوقت نفسه دروس تلك الأيام الخالدة ليستشرفوا من خلالها خيوط فجرهم الجديد.
المصريون اليوم وهو يحيون بفخر الذكرى الخمسين لحرب السادس من أكتوبر المجيدة، ويستعدون للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، مطالبون جميعاً بوقفة مع أنفسهم أولاً لمراجعة ما تحقق، وما لم يتحقق خلال السنوات الماضية، ويرسمون لأنفسهم خارطة طريق جديدة تستند على منهج علمي واضح ومدروس يأخذ من الماضي العبرة والدرس.
وكي تكون الانتخابات نزيهة، فلابد أن تتوفر لها عناصر النجاح التي يعرفها الجميع وفي مقدمتها حرية الاختيار واشراف قضائي، مع وجود برنامج واضح المعالم لكل مرشح ، ليعرف من خلاله الناخبون إلى أين تمضي بهم السفينة، وما هي ملامح مستقبلهم، وما هو مطلوب منهم كي تعبر مصر المرحلة الحالية.
ولا يمكن لعاقل أو منصف أن يغض الطرف عمّا تحقق خلال السنوات العشر الماضية من إنجازات يشهد بها القاصي والداني، ولن نسرد هنا المشروعات العملاقة التي انتشرت في ربوع الوطن، ولكني أقول يكفي أننا نجونا من براثن الاخوان الذين حكموا مصر 369 يوماً عرف خلال المصريون حقيقة هذه الجماعة التي كادت أن تودي بمقدرات الوطن وتسلم بعضاً من أجزائه إلى الفلسطينيين مقابل بقائهم في السلطة.
وإذا كان المستقبل هو الأهم الآن، فإن العبور إليه لن يتأتى بالتمني، ولكن بالعمل الجاد من قبل الشعب والحكومة شريطة أن نتحلى كشعب بالإرادة القوية وكحكومة بالشفافية والمكاشفة، وأن يلتف الجميع حول مشروع وطني واضح المعالم من أجل إقامة الجمهورية الجديدة.
ولتحقيق تلك الأماني أتطلع إلى ترجمة بعض الرؤى إلى واقع ملموس من خلال خطوات عملية في مقدمتها اتاحة الفرصة للمرشحين للرئاسة لشرح برامجهم الانتخابية من خلال القنوات الإعلامية التي تمتلكها الدولة والتي يمولها الشعب.
وكم أتمنى أن تعقد مناظرات بين المرشحين كي يتعرف الشعب عن قرب على فكر ورؤية الرئيس القادم لكيفية الولوج بمصر إلى عصر جديد تستحقه، ومدى فهمه وإدراكه لما يدور حولنا من تحديات وكيف سيتغلب عليها.
وقد يرى البعض أن تلك المطالب رغم أهميتها، قد تكون صعبة المنال، ولكني أقول إنها ضرورية في مرحلة بالغة الدقة ينظر العالم كله لمصر وقيادتها وكيف ستتعامل مع هذا الحدث الديموقراطي الأهم.
أنا هنا لا أتحدث باسم مرشح بعينه، وليس لي أية انتماءات حزبية، ولكنها مصر ومستقبلها هو الذي يفرض أن نقف جميعاً في خندق واحد من أجل تحقيق العبور الأهم في تاريخها.
خلاصة القول.. حينما تكون مصلحة مصر العليا هي الأهم، فلابد أن يرتفع الجميع إلى مستوى هذا الحدث وينحون جانباً مصالحهم الضيقة ويستلهمون روح أكتوبر، لأن التاريخ لا يرحم.