د. ناجح إبراهيم يكتب: الشهيد مراد سيد .. فخرنا وعزنا
بيان
في مثل هذا اليوم منذ خمسون عاماً استشهد ابن خالتي، مراد سيد الحاصل علي نجمة سيناء بتوقيع الرئيس الراحل محمد أنور السادات وبقلمه، وقد كرّم المشير أحمد إسماعيل شخصياً والسيدة جيهان السادات، خالتي وابنها أحمد سيد عبدالحافظ في حفل مهيب، وأمر خالتي بالحديث لأسر الشهداء , وفى التالى نص مقالي عنه ، وقد نشر في جريدة الوطن هذا الأسبوع وهذا نصه:
• تفخر أسرتنا فخرا ً عظيما ًلحصول أحد أبنائها على وسام نجمة سيناء من الطبقة الثانية ممهورا بتوقيع وقلم الرئيس أنور السادات وليس بمجرد ختم له، وهو ابن خالتي الشهيد/ مراد سيد عبد الحافظ نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا ً.
• ولم يحصل على وسام نجمة سيناء سوى عدد قليل وفي ديروط اثنين أحدهما الشهيد إبراهيم عبدالتواب والشهيد مراد وقد جاء في نص وثيقة حصوله على هذا الوسام العسكري الرفيع ما نصه: ” من أنور السادات رئيس جمهورية مصر العربية، إلي أسرة الشهيد رقيب أول مراد سيد عبد الحافظ من الإبرار الجوي سابقاً،تقديرا ً لما أظهره المرحوم فقيدكم من أعمال ممتازة تدل على التضحية والشجاعة في ميدان القتال أثناء حرب رمضان سنة 1393 قد منحنا اسمه وسام نجمة سيناء من الطبقة الثانية وأمرنا بإصدار هذه البراءة ” وكان ذلك يوم 19 فبراير عام 1974.
• وقد أصدرت هيئة البحوث العسكرية بوزارة الدفاع كتابا ً خاصا ً عن الشهيد مراد في سلسلة التاريخ العسكري التي كانت تصدرها تباعا ً وتوزع على المكتبات العامة والجامعية، وهذا الكتاب اسمه ” فارس الحصان الأبيض ” قصة الشهيد مراد عبد الحافظ من قوات المظلات عام 1979 وكان يحمل رقم الكود 3/68 وله رقم مسلسل (165) ، وكان الكتاب ينقسم إلي قسمين:
• الأول بعنوان ” خلفية تاريخية عن الشهيد البطل “، ويحكي دوره في تدمير الثغرة والذي استحق من أجله أن ينال أرفع وسام عسكري مصري.
• أما القسم الثاني: فهو عبارة عن مسرحية تحكي قصة بطولة واستشهاد مراد وقد اسماها مؤلفها باسم ” فارس الحصان الأبيض “، وهي مسرحية حقيقية تصور بطولته وزملاءه في تدمير القوات الإسرائيلية بالثغرة.
• وقد حكي الكتاب الصادر عن وزارة الدفاع المصرية قصة بطولته بالتفصيل وكذلك استشهاده ومجهوده العظيم مع سريته في تصفية ثغرة الدفرسوار ولولا ضيق المساحة لعرضناها كلها ولكن جاء فيها.
• كان يمر على أفراد وحدته يحثهم على القتال قائلا ً: “هذه هي اللحظة التي نثبت فيها للعالم كفاءة الجندي المصري وضراوته وشراسته في القتال” هيا يا رجال المظلات.
• وقد احتل مع بعض الأفراد موقعا ًفي مصطبة الدبابات رقم 4،واشتبك مع العناصر الإسرائيلية التي تحتل المصاطب الأخرى حتى قاموا بتطهيرها وتأمنيها، وقام باقي السرية باحتلال المصاطب الأخرى 5,3 وبهذا تمكنت السرية من تحقيق مهمتها بنجاح.
• وعلى الضفة الشرقية رأي ” الشهيد” عددا ً من صناديق الصواريخ الفردية المضادة للطائرات طراز سام07 وهي الصواريخ التي أسقطت عددا ً كبيرا ً من الطائرات الإسرائيلية التي تطير على ارتفاعات منخفضة، وقد حاولت مجموعات صغيرة من القوات الإسرائيلية في الضفة الشرقية المواجهة لمصاطب الدبابات الاستيلاء على هذه الصناديق، ولكنه تمكن من إحباط نواياها واستعان بأحد القوارب الراسية على الضفة الغربية, وصمم على ضرورة إحضار هذه الصناديق مهما كان تأثير القصف الجوي والمدفعي شديدا ً عليه.
• وقام بإحضار هذه الصناديق بمعونة بعض الأفراد, وتحت ستر نيران باقي أفراد السرية.
• وكان ” الشهيد ” سباقا ًفي إخلاء الجرحى والمصابين وإمداد سريته بالذخيرة على المصاطب المختلفة رغم بعد المسافات بينهم.
• وطلب أن يقود جماعة ستر الارتداد للسرية ،وبعد تمام الارتداد للكتيبة إلي منطقة طوسون نصب كمينا ً لقوة فصيلة دبابات إسرائيلية مدعمة (4دبابات ومعها 2عربة نصف مجنزرة)، وقام بالسيطرة على قوة الكمين ولم يكن معهم سوى قاذف RBG 7 – واحد مضاد للدبابات، ولكنه لمح قاذف RBG7- آخر ملقى على الأرض بجوار جثمان أحد الشهداء، فتناوله وانتخب موقعا ً مناسبا ًلضرب الدبابات الإسرائيلية،وأطلق مقذوفا ً أصاب الدبابة القائدة للدورية،ودمر الدبابة القائدة وقتل قائد دوريه القتال الإسرائيلية، وهربت باقي الدبابات وأخذت تطلق نيرانها في كل اتجاه أشتاتا ً مؤثرة على الموقع
• ولكن الرقيب أول مراد لم يصب بأي من هذه الطلقات،وعند عودته إلي باقي أفراد السرية أصابته طلقة غادرة من إحدى الدبابات, فلقي الشهادة مبتسما ً فرحا ً بما حققه لوحدته، وكان ذلك الساعة 17من يوم 20أكتوبر 1973 حيث دفن في هذه البقعة الطاهرة.
• واتخذت الوحدة مواقعها الجديدة في منطقة طوسون تاركة على أرضها الطاهرة دماء البطل الشهيد الذي ضرب أروع الأمثلة في البطولة والفداء، وقد نقل رفات البطل بعد ذلك إلي مقابر الشهداء في الإسماعيلية في موكب مهيب.
• وفي ختام الكتاب فصل بعنوان “أضواء على ما تميز به البطل” وفيه: “وقد امتاز بين زملائه بالخلق الكريم , فكان نادرا ً ما يغضب أو يغضب منه أحد , فإن فعل بادر إلي استدارك حقيقة الموقف وشرح ظروفه والاعتذار عما بدر منه إن كان مخطئا ً والصفح عن المسيء, وكان رحمه الله محبا ً للعلم العسكري، يحصل على الفرق العسكرية كلما سنحت له الفرص، دؤوبا ً على التدريب الشاق المتواصل، حريصا ً على صلاحية أسلحته وذخيرته وقد وصفه بعض أقرانه باسم ” الشهم الأصيل ” نظرا ً لبروز هذه الصفات فيه, وكان شجاعا ً, قوى الأعصاب، حكيم التصرف في المواقف الحرجة، فقد كانت روحه هجومية بحكم تربيته وبيئته وتدريبه , وكان يوفر في المعركة الذخيرة في كل مكان ويتعرض من أجل ذلك للكثير من المخاطر , وليس أدل على هذا من عبوره القناة وحصوله على صناديق ذخيرة القاذف RBG 7 قبل أن تستولي عليها الجماعات الإسرائيلية.
• ولا تفخر أسرتنا بالوسام فحسب ولكنها تفخر أكثر ببطولته وشجاعته وتدينه ورجولته مع رقته ورحمته وبره بأهله وأحبته،كما تفخر وتسعد كلما مر واحد منها على المدرسة العريقة في ديروط والتي أطلق عليها اسمه، وكنا نزداد فخرا ً كلما قابلنا زوجته الصابرة الصامدة التي ظلت أرملة منذ يوم استشهاده وحتى وفاتها, فقد أبت أن تتزوج غيره, لتمنح ابنتها كل حنانها وعطفها.
• لم يترك الشهيد مراد سوي ابنة وحيدة أسماها / عبير وبعد سنوات من استشهاده تزوجت هذه الابنة من ابن عمتها ليكون للشهيد مراد وزوجته أحفاد يذكرون بطولات جدهم وشجاعته والأوسمة الكثيرة التي حصل عليها .
• سلام علي الشهداء، سلام علي الشهيد مراد سيد واسأل الله أن يشفع فيَّ لأنني أكتب عنه كثيراً.