“غطاس مجاري”.. محمد “يُنقب” عن لقمة العيش وسط الصرف الصحي
كتب: إسلام فليفل
بملابس رثة وجسد أنهكه التعب، حاملًا فى يده مجموعة من الأسياخ الحديدية وأدوات العدة من أجل “لقمة العيش” خاصة فى ظل حالة الغلاء، وتزداد معاناته خلال فصل الشتاء، فطبيعة عمله أجبرته على تقبل الصعاب وسخافات بعض البشر، اختاره القدر أن يكون ضمن الذين كتب عليهم العيش تحت الأرض.. هكذا حال “غطاس المجارى”.
روى محمد عيد الغطاس-كما لقّبه أهل منطقته بمحافظة المنوفية-صاحب الـ40عامًا، تفاصيل مهنته الشاقة خاصة ما أصابه من مرض نفسى من خلال معايرة البعض له بسبب عمله، قائلًا: “بدأت أعمل فى مهنة غطاس المجارى وأنا عمرى 10 أعوام وكنت أعانى بسبب نظرة الناس لى ولملابسى المتسخة دائمًا، هذه المهنة وراثة من والدى، ففى البداية كنت أنتظره خارج بالوعة المجارى وأتعلم منه وفى سن الثانية عشر كانت أول مرة أغطس فيها، شعرت بأننى فى عالم آخر”.
وأضاف أنه حينما تأتى مهمة عمل “تسليك” بالوعة صرف صحى لا ينظر إلى نفسه والمعاناة التى يتلقاها بل كل ما يجول فى خاطرة هو “قوت” أولاده وأهل بيته، لافتًا إلى أن مساحة غرفة التفتيش “البالوعة” التى ينزل إليها ضيقة جدًا وبها غازات وروائح كريهة سامة، بالإضافة إلى اندفاع المياه الرهيب والتى تؤدى فى بعض الأحيان إلى الاختناق وربما وفاة بعض الغطاسين.
وتابع: “عمل غطاس المجارى هو الأصعب تعب جسدى ونفسى رهيب، وفى النهاية نحصل على ملاليم، وفى بعض الأوقات نظل فترات طويلة بدون عمل، وما يفرق بينى وبين غطاسين الحكومة هو التأمينات الاجتماعية فقط”.
واستطرد: “الشغل مش عيب لكن عدم تقديرنا نفسيًا وماديًا من الزبائن هو العيب، بالإضافة إلى عدم التأمين علينا، نحن الجنود المجهولة والمشكلة أننا لا نعرف سوى هذه المهنة التى أصبحت نادرة، مع مشقة المهنة أثناء الشتاء، ولأن عملى حر أحيانًا أتجول بين المناطق والأحياء لعلى وعسى أن أجد انسدادًا فى أى بلوعة لتسليكها، فمهنتنا جار عليها الزمن ولكنها مطلوبة”.
واختتم: “أعمل فى مجال السباكة والصرف الصحى، واسكن بشقة إيجار بـ1200جنيه، أحاول تدبير احتياجات الأسرة من خلال مساعدات العائلة لى، خاصة أننى أب لثلاثة أطفال فى المدارس، ومصاب بالسكر وأمراض جلدية بسبب الفيروسات والميكروبات الموجودة فى البالوعات، لذا أناشد كل المسئولين بالنظر إلى مهنتنا والتأمين علينا ضد مخاطرها، خاصة أن الذين يعملون فى هذه المهنة يتعدون على أصابع الأيدى”.