في أسبوع القاهرة للمياه: أبو الغيط يحذر من التحديات المتضاعفة للأمن المائي
كتبت: مونيكا عياد
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعه الدول العربية، أن الأمن المائي العربي يتعرض لتحديات متعاظمة ، تهدد باستمرار تراجع كميات المياه على نحو مقلق في منطقة تعاني أصلا من شح المياه، مما يتطلب مضاعفة الاستثمارات العربية في قطاع المياه وتعزيز العمل العربي المشترك، لافتا إلى أن إسرائيل وبعض الدول الغربية تستخدم سلاح المياه ضد المنطقة.
وأشاد أبو الغيط بجهود مصر خلال قمة المناخ COP28 بشرم الشيخ، ونجاحها في بناء توافق دولي حول ثلاث ركائز تهم الدول النامية وهي “صندوق الخسائر والأضرار”وإدراج المياه كوسيلة لمجابهة التغيرات المناخية عبر إطلاق مبادرة “المياه من أجل التكيف المناخي AWARe”، واعتماد مبادرة “الانذار المبكر للجميع” التي تقدمت بها الأمم المتحدة.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح أعمال النسخة السادسة من أسبوع القاهرة للمياه، برئاسة سامح شكري وزير الخارجية والدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري.
وقال أبو الغيط إن هذا المؤتمر الدولي يعتبر الحدث المائي الأبرز في المنطقة العربية بفضل جهود الحكومة المصرية التي عملت على تطويره وإثراء نقاشاته منذ إطلاقه في عام 2018، مشيدا بمخرجاته التي تحرص الجامعة العربية على عرضها دوريا ضمن أعمال المجلس الوزاري العربي للمياه، لما لها من أثر في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك في مجال المياه.
وعن الإنذار المبكر للتحذير من مخاطر الكوارث الطبيعية ، قال أبو الغيط : ” تتذكرون جميعا كيف تسبب إعصار دانيال في انهيار سد درنة بليبيا مسببا كارثة إنسانية ، وأرى أنه من المهم العمل على تعزيز قدرات الإنذار العربية استعدادا لأسوأ الاحتمالات”.
وأكد أن تكلفة الاستعداد لكوارث المياه أقل بكثير من خسائرها، مضيفا أن هناك مشكلة حقيقية تتعلق بجغرافية المنطقة العربية ، حيث تقع العديد من السدود خارج حدودها ولا تملك الدول العربية معلومات كافية حول وضعها وظروف صيانتها.
كما أكد الأمين العام لجامعه الدول العربية، أن التاريخ يسجل مرة أخرى أن إسرائيل تطبق بلا رحمة “سياسة الأرض المحروقة” عبر استهدافها المقصود لمحطات المياه والصرف الصحي والمستشفيات في غزة من شمالها إلى جنوبها ، بأسلحة شديدة التدمير لتهجير الفلسطينيين بشكل قسري، سعيا منها لتصفية قضيتهم على حساب حقوقهم وعلى حساب دول الجوار.
ولفت إلى أن شدة التدمير التي لحقت بالمرافق الأساسية تدل على رغبة مقيتة لصناعة الخراب وجعل ما تبقى من الأراضي الفلسطينية غير صالح للحياة، ظنّا منها أن نشر اليأس في قلوب الفلسطينيين عبر سياسات العقاب الهمجي سيدفعهم إلى الاستسلام.
وأوضح الأمين العام أن إسرائيل تستهدف البنى التحتية الفلسطينية كما فعلت من قبل في جنوب لبنان وفي سوريا بدون أية قيود ودون مراعاة لقواعد القانون الدولي الإنساني ، مؤكدا أن القانون جرم في المادة 54 من البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف مهاجمة أو تعطيل نقل المواد التي لا غنى عنها، ومنها مرافق المياه وشبكات الري.
طالع المزيد:
– أبو الغيط : الجمعية العامة للأمم المتحدة انتصرت للإنسانية بوقف الحرب في غزة
– أبو الغيط : القوي الدولية تمنح إسرائيل ضوءً أخضر لممارسة القتل والتدمير
كما اعتبر ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تدمير البنية التحتية وشبكات المياه جرائم حرب،وغيرها من المواثيق الدولية التي تحظر استخدام المياه كسلاح ضد المدنيين.
وأشار أبو الغيط أن الاعتداء الأخير فضح مواقف أولئك الذين يكيلون بمكيالين ويبررون جرائم استهداف شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء التي تقترفها إسرائيل بأنها دفاع عن النفس ، ويستنكرون نفس الأفعال في مواقف أخرى، وأضاف قائلا :” قد رأينا تلك الازدواجية أيضا في باقي قضايا المياه العربية فعندما تطالب مصر بحقها في الحياة ، يتحدثون عن حق أثيوبيا في التنمية، وعندما تطلق الدول العربية مشروعات استراتيجية في قطاع المياه ، تراهم يشككون فيها وينتقدون آثارها المحتملة على البيئة.
وشدد الأمين العام لجامعة الدول العربية على أن إسرائيل ليست المرة الأولى التي تقوم فيها باستخدام المياه كسلاح، فهي لم تكتف بسرقة المياه العربية فحسب ، بل استهدفت بشكل ممنهج كل منشآت المياه لإدراكها بأهمية ذلك المورد الأساسي في الحياة والاستقرار والتنمية،ورغبة منها في التضييق على الفلسطينيين وإبقائهم تحت رحمة العطش والجوع والأمراض.
وأوضح أن جامعة الدول العربية تدرك خطورة تلك الممارسات التي تهدد الأمن المائي العربي وتبذل من خلال المجلس الوزاري العربي للمياه جهودا كبيرة للتصدي لها ، كان آخرها الدراسات التي أعدتها “شبكة خبراء المياه العربية” العاملة تحت مظلة المجلس لتقييم أضرار قطاع المياه في غزة ، حيث قامت الأمانة العامة للجامعة بحشد الأموال اللازمة لإعدادها.
وأشار أبو الغيط إلى أن هذه الدراسة دقّت ناقوس الخطر حول الأوضاع الكارثية التي آلت إليها شبكات المياه والصرف الصحي جراء الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، متسائلا مستنكرا ان الوضع في غزة منذ سنتين كان كارثيا، فكيف هي الأوضاع اليوم في ظل ما نراه من مشاهد مروعة؟!.
وكان الأمين العام قد استهل كلمته بالقول: ” إننا اليوم هنا في القاهرة نجتمع وقلوبنا مع غزة الجريحة، التي ترتكب فيها إسرائيل مرة أخرى وعلى مرأى العالم جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائمها المليء بما ارتكبته من انتهاكات ممنهجة منذ النكبة، بهدف استكمال مخططها بدفع سكان غزة إلى الهجرة مرة أخرى وذلك بقصفهم عشوائيا، و أيضا من خلال حرمانهم من أدنى الحقوق الإنسانية ، وهو “الحق في المياه” و “الحق في الغذاء” و “الحق في العلاج”.