وساطة روسيا بين إسرائيل وإيران جنوب سورية يعزز موقفها بأوكرانيا
سوريا من: أشرف التهامي
بعد توقُّفها منذ أكثر من عام، أعادت روسيا تسيير دورياتها جنوب سورية من جديد، حيث سيّرت دورية في 31 أكتوبر، الماضى، وتجوّلت بالقرب من الحدود مع الأراضي المحتلة جنوب مدينة القنيطرة بين بلدتَي “المعلقة وغدير البستان”.
إذ تجولت جنوبي القنيطرة بين بلدة المعلقة وغدير البستان بالقرب من سرية “الصفرة التابعة للواء 90” التابعة للدولة السورية جنوبي المحافظة.
وغابت الدوريات الروسية عن المنطقة بشكل فاعل منذ أكثر من عام، إذ أخلت الشرطة العسكرية الروسية نقطة «التلول الحمر» شمالي المحافظة منتصف 2021، ولم تعد للمنطقة منذ ذلك الحين قبل ان تعود أمس الأول وتقوم بجولتين في المنطقة نفسها.
وأفاد الموقع بأن الآليات العسكرية الروسية شوهدت للمرة الأخيرة مذ نحو ستة أشهر بمدينة البعث في مركز محافظة القنيطرة، وخان أرنبة شمالي المحافظة.
تحركات عسكرية
وتشهد المحافظة تحركات عسكرية خلال فترة الليل من قبل قوات يرجح تبعيتها لإيران و«حزب الله» اللبناني، منذ إطلاق اسرائيل حربها على قطاع غزة ردا على عملية «طوفان الأقصى» التي باغتتها بها حركة حماس، حيث استهدف مجهولون انطلاقا من المنطقة نفسها مواقع إسرائيلية في الجولان المحتل، ردت إسرائيل عليها بقصف مواقع لقوات سورية، بحسب ما أعلنت رسميا.
طالع المزيد:
– روسيا تراقب «طوفان الأقصى» فماذا تنتظر؟.. المصالح والحسابات
وتكررت عمليات الاستهداف الإسرائيلي للجنوب السوري في محافظتي درعا والقنيطرة، ردا على مصادر إطلاق نار خلال فترات زمنية غير منتظمة.
ويشهد خطّ سير الدورية منذ مطلع الشهر الماضي تحرُّكات عسكرية ليلية -يُرجَّح أنها-تتبع القوات الإيرانية، التي يبدو أنّها تستغل:
1- انشغال روسيا في الحرب الأوكرانية على حساب التزاماتها جنوب سورية.
2- أو لأنّ روسيا تتجاهل تحرُّكاتها وتتحيّن الفرصة من أجل العودة لتأكيد أهمية دورها كوسيط وضامن للاستقرار والأمن الإقليمي على الحدود بين سورية ولبنان وإسرائيل والأردن.
دور الوسيط
وعودة تسيير روسيا لدورياتها في المنطقة يُشير بالفعل إلى رغبتها في أخذ دور الوسيط لوضع حدّ للتصعيد العسكري بين إسرائيل والقوات الإيرانية عَبْر الجبهة السورية، لا سيما أنّ روسيا سبق أن أدّت دور الضامن لخفض التصعيد في المنطقة الجنوبية كأحد مخرجات قمة هلسنكي الرئاسية مع الولايات المتحدة عام 2018 والقمة الأمنية الثلاثية التي جمعت إسرائيل وأمريكا وروسيا في القدس المحتلة عام 2019.
في الواقع، تتوفّر جملة من العوامل التي تُعزّز من فرصة قيام روسيا بدور الوسيط والضامن لمنع انزلاق الجبهة السورية إلى حرب أو تصعيد غير مضبوط بين إسرائيل والقوات الإيرانية، وأبرزها:
1- رغبة الغرب وإسرائيل -المحتملة-بإعادة تفعيل اتفاق خفض التصعيد جنوب سورية والذي كان يقضي بانسحاب القوات الإيرانية بعيداً عن الحدود الإسرائيلية والأردنية، لا سيما أنّ روسيا ما تزال قادرة على الإمساك بالقرار العسكري في المنطقة الجنوبية، من ناحية إعادة الانتشار في مواقع الاشتباك وتسيير الدوريات وتقييد استخدام أنظمة الدفاع الجوي وغيرها من الأدوات التي من شأنها أن تحدّ من استفادة القوات الإيرانية باستخدام الوحدات العسكرية أو ممارسة أنشطة غير منضبطة على الحدود مع إسرائيل والأردن.
2- رغبة الغرب وإسرائيل -الواضحة-بتحديد مسرح العمليات القتالية وحصره في غزة، خاصة أن القضاء على حماس يُعتبر أهم هدف للعملية العسكرية الإسرائيلية، وهو ليس هدفاً سهلاً بما يستدعي تركيز الجهود العسكرية والدبلوماسية على جبهة واحدة. بالتالي فإنّ روسيا تلوّح بقدرتها على تحييد الجبهة السورية عن الحرب على فرض أن ذلك -ربما-يُسهم في امتلاكها لأوراق تفاوُضية قوية مع الغرب فيما يتعلّق بالمسألة الأوكرانية وغيرها.
فرص روسيا بسوريا وأوكرانيا
فضلاً عن إعادة تأكيد دورها وحضورها كفاعل رئيسي في سورية؛ لقد منحت الحرب في غزّة فرصة لروسيا من أجل تخفيف الضغوط الغربية عليها في أوكرانيا، حيث أظهرت قدرتها على التحكُّم بمستوى التصعيد على الجبهة السورية، من ناحية خفض وتيرته أو زيادتها.
الخلاصة
في المحصلة يبدو أن روسيا لا تزال تتحرك بهدوء وبطء في الجبهة السورية لتأكيد دورها وحضورها في المنطقة وتوظيفه، وهي تأخذ بالاعتبار المستوى المرتفع للدعم الغربي العسكري والمادي لإسرائيل، الذي من شأنه تقليص حجم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وأن استمرار الصراع في الشرق الأوسط أو اتساعه يُعَدّ أكثر كلفة بكثير على المصالح الغربية في المنطقة عنه في أوروبا.