تلوثت بغبار القذائف والحرائق والركام.. مياه الأمطار فى غزة هل تصلح للشرب؟!

 

ما بين المعاناة والفرحة استقبل أهالى غزة المياه النازلة من السماء، وابتهج البعض منهم وشاع أن بعضهم قال: “الله عرف إنه نحنا بنعاني ونزل لنا ماء من عنده”، وسارع الأهالي والأطفال إلى تعبئة الأوعية بمياه الأمطار، لكن آخرون الذين يعيشون فى العراء، بكوا من البرد وتدمير خيامهم بفعل مياه الأمطار.
“إنها مياه حلوة يا جماعة”.. كلمات قالها طفل من غزة تعبيرا عن فرحته بعد طول حرمان من مياه الشرب نتيجة تضييق إسرائيل الحصار على القطاع ما أدى إلى نقص حاد في كل مستلزمات الحياة.

واعتبر كثيرون أنه “غيث السماء” نزل على سكان غزة، بعد قطع إمدادات الماء منذ بدء الحرب التي شنتها إسرائيل على حركة حماس في السابع من أكتوبر ردا على الهجوم الدموي الذي نفذته الأخيرة، سارع الأهالي والأطفال إلى تعبئة الأوعية للارتواء بمياه عذبة أصبحت حلماً لهم في ظل عدم توفّر سوى المياه المالحة.. وبالكاد.

وطرحت قناة “الحرة” الأمريكية سؤالا: “هل فعلاً مياه الأمطار صالحة للشرب والاستخدام أم أنها تلوثت قبل وصولها إلى الأرض بغبار القذائف والحرائق والركام، فأصبحت خطراً صحياً يهدد سكان القطاع؟”.

وأجاب تقرير الحرة موضحا أن معاناة سكان غزة مع التلوث البيئي ليست جديدة لكنها تفاقمت بشكل كبير بسبب الحرب الدائرة.

وأوضح التقرير أن مركز “الميزان لحقوق الإنسان” حذّر من مخاطر استمرار تردي الوضع البيئي في القطاع “الذي يفتقر لمكونات البيئة النظيفة والصحية”، مضيفا في بيان صدر في شهر يونيو الماضى: “تتواصل معاناة سكان قطاع غزة في الحصول على مياه مأمونة وكافية، حيث ينخفض استهلاك الفرد الفلسطيني عن الحد الأدنى بحسب معايير منظمة الصحة العالمية البالغ 100 لتر في اليوم، جراء القيود الإسرائيلية”.

وبلغ معدل الاستهلاك اليومي للفرد في قطاع غزة 82.7 لترا، وإذا ما أخذ في الاعتبار نسبة التلوث العالية للمياه في قطاع غزة، واحتساب كميات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي من الكميات المتاحة، فإن حصة الفرد من المياه المتوافقة مع المعايير الدولية تنخفض، كما ذكر المركز، إلى 21.3 لتراً فقط في اليوم.

وبعد هطول الأمطار، فإن معاناة سكان غزة ستزداد، بحسب ما توقعت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارجريت هاريس، بسبب “تعطل مضخات الصرف الصحي وشح المياه ما أدى إلى زيادة انتشار الأمراض المنقولة عبر الماء والالتهابات البكتيرية”.

وذكرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي أنه تم تسجيل نحو 34 ألف حالة إسهال منذ منتصف أكتوبر غالبيتها بين الأطفال تحت سن 5 سنوات. ويزيد ذلك المعدل بمقدار 16 مرة عما كان يُسجل شهرياً من قبل.
خطورة كبيرة

فيما يؤكد رئيس حزب البيئة العالمي، الدكتور دومط كامل، أنه “أصبحت المتساقطات في جميع أنحاء العالم خطيرة نتيجة التلوث البيئي العالمي”، وذلك “بسبب وجود مواد كيماوية وذرات بلاستيكية في الهواء، تحتوي على كميات مرتفعة من البلاستيكيات ومن ذرات البلاستيك والمواد الأخرى، التي تتسرب إلى المياه الجوفية.

أما تبادل إطلاق النار بين حماس وإسرائيل فأدى إلى زيادة كثافة الملوثات الكيميائية والمعدنية للهواء لاسيما من المعادن الثقيلة كالرصاص، والكادميوم”.

وأضاف كامل في حديث لموقع “الحرة” أنه “في الحروب لا انتصار لأي طرف من الناحية البيئية، وسواء في غزة أو إسرائيل فإن السكان يستنشقون الهواء الملوث بفعل القذائف والصواريخ، وسيزداد تلوث المتساقطات بفعل هذا الهواء بالتالي سسبب أضراراً بيئية جسيمة على المدى القصير والبعيد مهددة حياة الناس والكائنات الحية”.

إذ ستؤدي كما يقول “إلى انتشار الأمراض كالإسهال والكوليرا والتهاب الكبد وحتى شلل الأطفال وكذلك إلى تلف الأعضاء وصولاً إلى الوفاة”.

وأكدت “سلطة جودة البيئة” أن القصف الإسرائيلي لقطاع غزة أدى إلى “إنتاج كميات هائلة من مخلفات الدمار والركام المختلطة بكميات كبيرة من النفايات الخطرة، لافتة إلى “تدمير البنية التحتية بما فيها شبكات ومحطات الصرف الصحي ونظم إدارة النفايات والمرافق الخاصة بالمياه ومرافق التزود بالطاقة بجميع أنواعها”.

وأوضحت في بيان صادر في الثامن من الشهر الجاري، فى مناسبة اليوم الدولي لمنع استخدام البيئة في الحروب أن “إلقاء القذائف والمتفجرات يؤدي إلى إحداث خلل كبير بالتركيبة الجيولوجية التي قد تفاقم من سوء الوضع فيما يتعلق بالمياه الجوفية في قطاع غزة وما ينتج عنه من إنتاج كميات كبيرة من نفايات الهدم واختلاطها بالمواد الخطرة الناتجة عن القذائف”.

ويؤكد الدكتور حسن حجازي، رئيس جمعية “فكر وإنسان”، أن الخطورة لا تكمن فقط في تجميع المتساقطات وشربها في غزة مباشرة خلال الحرب،” ولكن “تسحب مياه الأمطار المخلّفات الكيميائية من القنابل لاسيما الفسفورية ‏إلى المجاري المائية القريبة، وتستقر، في رواسب الأنهار ‏والأحواض المائية المحيطة، وتتسرب هذه الرواسب إلى التربة وتتركز فيها مما يؤدى لاحقاً إلى تجمعها في المزروعات وانتقالها إلى الناس مسببة الأمراض الخطيرة ولا سيما السرطان”.

ويشدد حجازي في حديث لموقع “الحرة” على أنه “لا يمكن التخلص من الأثر السلبي للقنابل المحرمة دولياً خلال سنوات قليلة، فهو يمتد لسنوات طويلة وكذلك خطورته على صحة السكان وحياتهم”.

وسبق أن نفت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، الرائدة إيلا، في تصريحات لموقع “الحرة” استخدام أسلحة محرمة دولياً.
أضرار بالغة.

طالع المزيد:

الصحة العالمية: غزة تعاني من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب والأدوية

خلال اجتماع لجنة الممثلين الدائمين لبرنامج الأمم المتحدة المنعقدة بتاريخ 31 أكتوبر في مقر الأمم المتحدة في نيروبي، قدّم السفير الفلسطيني والمراقب الدائم لدى برنامج الأمم المتحدة للبيئة حازم شبات بياناً أوضح فيه أن النفايات الناتجة عن المخلفات الطبية في غزة لا تزال دون معالجة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة.

كما تناول شبات ما أشارت إليه التقارير الدولية حول “حجم المتفجرات التي ألقاها الجيش الإسرائيلي وأثرها التدميري على كل جوانب الحياة في قطاع غزة وما تناولته حول احتمالية استخدام الفسفور الأبيض الذي يعد سلاحاً محظورا دولياً بسبب أضراره البالغة على حياة المدنيين والبيئة الفلسطينية على المديين القريب والبعيد”.

وأشار أيضاً إلى مقررات الأمم المتحدة التي تؤكد على حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وعلى أهمية حماية البيئة في المناطق المتأثرة بالنزاع المسلح، ومبدأ إعلان ريو حول البيئة والتنمية لعام 1992.

“ولمواصلة الأنشطة المنقذة للحياة في غزة”، تلقت الأونروا الأربعاء نحو 23,027 لتر من الوقود، إلا أن هذه الكمية تشكل فقط 9 في المئة فقط من احتياجها اليومي، كما قال مدير شؤون وكالة الأونروا في غزة، توماس وايت.

وذكر وايت على موقع “إكس” أن السلطات الإسرائيلية قيّدت استخدام الوقود ليقتصر فقط على نقل المساعدات من رفح، بحيث لا يستخدم للمستشفيات أو لتوفير المياه.

وأضاف المسؤول الأممي أن نفاد الوقود أدى إلى توقف جميع مضخات الصرف الصحي الثلاث في رفح، ومحطة تحلية المياه في خانيونس التي توفر المياه لمئات آلاف الأشخاص، وقال إن جميع الآبار في رفح، وهي المصدر الوحيد للماء في المدينة، قد توقفت عن ضخ المياه بسبب نفاد الوقود.

من جانبه شدد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني على أنه “بنهاية اليوم لن يتمكن نحو 70 في المئة من سكان غزة من الحصول على المياه النظيفة”.

زر الذهاب إلى الأعلى