السياحة الداخلية في مصر.. الكنز المفقود
كتبت- منال قاسم
تشتهر مصر بالنشاط السياحيّ الكبير فيها، إذ يأتيها السيّاح من جميع أنحاء العالم، وإلى جانب هؤلاء الزوّار القادمين من الخارج فإنّ المواطنين المقيمين فيها يقومون بجولات سياحية متعددة فيها فيما يُعرف بالسياحة الداخليّة، والتي يُمكن تعريفها بأنّها تلك التنقّلات والزيارات التي يمارسها المواطنون داخل حدود دولتهم.
وتشّكل السياحة نسبة كبيرة من الدخل القومي لمصر، لذلك تولي الدولة الاهتمام بالسياحة الداخليّة المصريّة لكونها لا تقلّ أهميّة عن السياحة الدوليّة، فهيَ ذات تأثير مباشر على الجانب الاقتصاديّ، والاجتماعيّ، والثقافيّ لها؛ وذلك من خلال تحفيز السياحة وخفض الأسعار، وتقديم عدد من المبادرات السياحيّة بالتعاون مع وزارة السياحة، وهيئة تنشيط السياحة، وعدد من المؤسسات العاملة بالمجال.
تلعب السياحة الداخليّة دوراً مهمّاً في قطاع السياحة المصري؛ لذلك تسعى الدولة بالتعاون مع تلك المؤسسات إلى وضع برامج علمية خاضعة لأسس منهجيّة لتنميتها، والتغلّب على المعوّقات التي تحول دونَ نموّ هذا القطاع، وتوفير جميع النفقات لدعمه، و المحاور التي تبيّن أهمّية السياحة الداخليّة في مصر كثيرة
للسياحة الداخليّة دوراً مهمّاً في الاقتصاد الوطنيّ، فهيَ تساهم بشكلٍ أكبر من السياحة الوافدة في الدخل القوميّ، وزيادة حصيلة الضرائب المختلفة.
وتحد أيضا من البطالة، حيث تعمل على توفير العديد من فرص العمل في نحو أكثر من 27 قطاع صناعيّ مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالقطاع، مثل القطاع الفندقيّ، كما أنّها تحافظ على العمالة المدرَّبة.
يزداد أعداد المواطنين المرتبطين بالسياحة الداخلية بشكل كبير خلال مواسم الأعياد والمناسبات، لتشكّل بذلك مورداً بديلاً لتعويض الانخفاض في السياحة الخارجية، مما يضمن استقرار صناعة السياحة في الدولة، خاصة بعد فترة طويلة من الركود جراء انتشار فيرس كورونا على مستوى العالم، كما أنها تعزز أيضا من شعور الانتماء الوطنيّ لدى المواطن، وتخلق لديه نوعاً من الاعتزاز بتراثه، ممّا يدفعه للحفاظ على وطنه، ويزيد من الولاء لديه.
وتعمل على زيادة التواصل بينَ أبناء المجتمعات المحليّة، ممّا يؤدي للترابط الاجتماعيّ وتحقيق الوحدة الوطنيّة بينَ أبناء الشعب الواحد، ومع زيادة الإقبال على هذا النشاط فى الآونة الأخيرة ورغم الانتقادات التى قام بها البعض عن الممارسات غير المسئولة لقلة من المواطنين على الشواطئ وفى الأماكن الترفيهية، إلا أنه لابد من تشجيع المواطن وحثة على الإقبال.
وليتحقق ذلك هناك عدة عوامل، منها تطوير السياحة الداخلية في مصر والتى تحتاج إلى عدداً من المتطلبات الأساسيّة للارتقاء بمستواها بينَ دول العالم، ومن أبرز هذه المقوّمات، تشجيع الاستثمار في قطاع السياحة الداخليّة من خلال تطبيق قانون الاستثمار، والقوانين المتعلقة بالمنشآت السياحيّة، وتقديم التسهيلات للمنشآت المختلفة كإعفائها من الضرائب والرسوم الجمركيّة، والعمل على مساعدة هذه المنشآت خلال الأزمة الاقتصاديّة في مصر.
ويمكن أيضا العمل على تجهيز مناطق مختلفة لتشجيع الأنشطة السياحيّة في مصر؛ لجذب كافة فئات المجتمع، كإعداد وتجهيز مناطق الجذب السياحيّ في البلاد؛ كالفيّوم، والقناطر الخيريّة، والعين السخنة، والاسماعيليّة، والاسكندريّة، وغيرها.
كل ذلك مع ضرورة توفير وسائل النقل البريّة والنهريّة بالتعاون مع شركات النقل، وعمل برامج سياحة داخليّة للمواطنين بأسعار مناسبة بالتنسيق مع الشركات والمرشدين السياحيين، ووزارة الشباب، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير المرافق الأساسيّة للسياحة الداخليّة، وتوفير وسائل الإقامة المريحة والترفيهيّة، والتركيز على مرافق البنية الشاطئيّة الموجّهة للسائح الداخليّ.
وأيضا التركيز على موسم الأعياد والمناسبات الوطنيّة؛ لجذب المواطنين للسياحة الداخليّة والترويج من خلال الإعلام المؤثر، مع ضرورة عدم إهمال هذا القطاع في الأوقات التي تنشط بها السياحة الدوليّة، فهى البديل المضمون لعدم كساد سوق السياحة في مصر وتنمية القطاع لتحقيق الاستقرار المجتمعي.