انهيار العقارات.. حقائق مخيفة
تقرير يكتبه: هاني الجمل
من إمبابة وفيصل مروراً بالفجّالة وجسر السويس بالقاهرة ، إلى أبي قير ومحرم بك بالإسكندرية ، وغيرها الكثير بمدن مصر تتساقط العقارات وتذهق الأرواح ، فما حقيقة هذا الملف المرعب، ومن المسؤل عنه ؟
التقارير الرسمية التي تتحدث عن حالة العقارات في مصر مخيفة جداً ، وتستدعي وقفة موضوعية والكثير من الاجراءات الجادة والعملية بعيداً عن الحلول المؤقتة التي تحاول امتصاص غضب أسر الضحايا والمتعاطفين معهم ولنقرأ بامعان التقارير والأرقام التالية.
فقد أكّدت دراسة بجامعة القاهرة أن 90% من عقارات مصر مخالفة وأن 50% من تلك العقارات تحتاج للصيانة، بينما نعيش على قنبلة موقوتة اسمها العقارات الآيلة للسقوط، وفي محافظات الجمهورية يوجد 2 مليون عقار آيل للسقوط و132 ألف قرار إزالة مجمَّدة. التقرير ذاته أشار إلى أن ” عقارات الخطورة الداهمة” تقع في حي وسط القاهرة، وتضم مناطق الحسين والجمالية والدرب الأحمر والحمزاوي والأزهر والباطنية وباب الخلق، وهي المناطق التي تشكل مصر الفاطمية، وتضم 38 ألف عقار، منها عقارات أثرية يقع أسفلها 55 ألف محل تمثل ثروة لسكانه وشاغليه، وهي أقدم عقارات أحياء القاهرة، حيث مرَّ على معظمها أكثر من 150 عاماً، وصنف منها 433 عقاراً تحت بند الخطورة الشديدة.
وفي الإطار ذاته وحسب تقرير لمحافظة القاهرة، احتلت أحياء وسط العاصمة النصيب الأكبر من قرارات الإزالة بعدد 2700 عقار، فيما بلغ إجمالي القرارات بالمحافظة 8800 عقار، وتلتها أحياء المنطقة الجنوبية 2500 عقار، حيث المناطق الشعبية بالسيدة زينب والخليفة ومصر القديمة، التي تشكِّل نسيج وروح القاهرة الشعبية، ثم 2000 عقار في أحياء المنطقة الشمالية شبرا والساحل وروض الفرج والزاوية والشرابية وحدائق القبة والزيتون.
كما أكّدت دراسة لوزارة الإسكان، أن 10% من الثروة العقارية مهددة بالانهيار،وأن 50 مليار دولار مهددة بالضياع، و50% من العقارات لم تجر صيانتها منذ إنشائها، و200 ألف قرار تنكس وإزالة لم تنفذ بسبب الرشاوى.
الدراسة ذاتها قالت إن القاهرة الكبرى تحتل المركز الأول فى العقارات الآيلة للسقوط، و40% من أحيائها بحاجة ماسة إلى إعادة تجديدها، بينما أصدرت محافظة الإسكندرية 57 ألف قرار إزالة لم يتم تنفيذها، ويوجد بها حسب التقارير الرسمية 5000 عقار آيل للسقوط، خلاف الكثير من العقارات المتهالكة بمناطق متفرقة بين محرم بك وكرموز والجمرك والعطارين واللبان، وهناك ما لا يقل عن 2400 عقار تجاوزت أعمارهم 75 سنة، وتم بنائهم متلاصقين وعندما يقع عقار ينهار الباقين بجواره وهناك منازل تحتاج إلى الإزالة والباقي يحتاج ترميم لأن معظمها تتأثر كثيراً بعوامل الطقس والأمطار.
أمّا الإحصائيات الصادرة عن وزارة التنمية المحلية، فقد كشفت أن إجمالي عدد قرارات الهدم الصادرة لمبان على مستوى الجمهورية بلغ 111 ألفًا و875 قراراً، تم تنفيذ 69 ألفاً منها، و648 قراراً مطعون عليها أمام القضاء، وصدرت أحكام نهائية بشأن 9527 قراراً.
وتمثل حالات الخطورة الداهمة، والمهددة بالانهيار 1838 مبنى، في حين بلغ عدد قرارات الترميم 98 ألفًا و392 قراراً، تم تنفيذ 39 ألفاً و97 قراراً منها، بنسبة 40% تقريبا. وفي السياق ذاته حدد تقرير صندوق تطوير العشوائيات 189 مدينة بها عشوائيات، تم حصر 304 مناطق غير آمنة، منها 31 منطقة خطيرة يجب هدمها، و186 منطقة خطيرة بدرجة أقل، وهي عشش متهدمة، و 54 منطقة خطيرة بدرجة ثالثة.
ولسنا هنا بصدد الحديث عن أسياب المشكلة وتراكم الفساد وإن ارجعه البعض لسنوات طويلة حتى تَـجذَّر وأصبح أمراً واقعاً، فعلى الرغم من صدور عشرات التقارير الرسمية التي تُعتبَـر كارثية، لا يتحرّك أحد، إذ تسجل إحصائيات وزارة الإسكان أن عدد المباني في مصر يبلغ نحو 9.4 مليون مبنى، منها 102 ألف مبنى لا تتوفّر فيها اشتراطات الصيانة.
وبالاضافة إلى كل ما سبق تؤكد وزارة الإسكان أن الفساد فى المحليات من أهم أسباب إنهيار العقارات، فيما تشير الدراسات إلى أن أكثر من 90% من العاملين بالإدارات الهندسية، الموجودة فى 27 محافظة، و186 مركزًا، و92 حيًا، و1411 وحدة محلية، و214 مدينة، غير متخصصين، فهم من حملة المؤهلات المتوسطة، وهم المسؤولون عن قرارات الإزالة وتحصيل رسوم المخالفات.
هل تعرف حكومتنا كل هذه الحقائق ؟ ومن المسؤل عن وقوع ضحايا كل يوم ، ومتى يظهر للنور مشروع الرقم القومي للعقار والمُدوَّن فيه كل بياناته من تاريخ إنشائه، ومواصفاته وأعمال الترميمات التي تمّت عليه وسجل الصيانة المُرتبِط به؟ .
خلاصة القول ..أرواح المصريين غالية أو ينبغي أن تكون كذلك ، ومواجهة كارثة انهيار العقارات يجب أن تصبح مشروعاً قومياً أسوة مبادرة ” حياة كريمة ” وعلى الجميع الارتفاع إلى مستوى الحدث وللحديث تكملة ، إن كان في العمر بقية .