كاتب إسرائيلى: 10 أسباب وراء الهزيمة سياسياً وعسكريا ً واستخبارياً أمام فصائل المقاومة الفلسطينية
ترجمة: أشرف التهامي
تحت عنوان: “هجوم 7 اكتوبر عكَسَ فشل التصور الإسرائيلي القائم على عشرة أسس هشة” نشر الكاتب العبري د. ميخائيل ميلشتاين، في صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الخميس 2023/12/7، مقالا ً يقيّم فيه هجوم طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر ويوضح، أسباب الفشل الإسرائيلي، والهزيمة سياسياً وعسكريا ً واستخبارياً أمام فصائل المقاومة ويضع روشتة إسرائيلية للقضاء على التهديدات و إدارة الاتصالات مؤكدا ًعلى أهمية تعلم لغة وثقافة الآخر.
وكاتب المقال هو رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب، وباحث كبير في معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان.
وفى التالى النص المترجم للمقال دون تدّخل منا:
يقول ميلشتاين:
إن هجوم السابع من أكتوبر، مثله مثل حرب يوم الغفران، كان بمثابة صدمة فاصلة في مركزها فشل استخباراتي ـ ولكنه يعكس عجزاً جماعياً واسع النطاق و نقصاً شديد اًفي فهم الواقع، الذي في إطاره تشكل “تصوّر” ارتكز على عشرة أسس هشة:
1- تصور مغلوط بشأن حماس.
ساد الاعتقاد في إسرائيل أن المنظمة تشهد تطوراً، أدى إلى اعتدال قطبها الأيديولوجي والتركيز على ترسيخ حكمها. وهكذا تم تجاهل حقيقة أن التنظيم المتطرف يرى في الحكم وسيلة لتحقيق رؤيته، وليس مرحلة تتطلب الاعتدال. وقد جسد هذا أيضًا فجوة بين التصور الإسرائيلي (الغربي)، الذي يعتمد إلى حد كبير على اعتبارات “السياسة الواقعية”، وبين الثقافة التي يلعب فيها المعتقد الديني المشتعل دورًا مركزيًا.
2- التمسك بالتسوية الاقتصادية.
ونتيجة التصور بأن حماس كهيئة تركز على تدعيم حكمها، تعززت التقديرات بأنه يمكن استدراجها من خلال “جزرات اقتصادية”. وبالتالي، تم الادعاء أن إرسال العمال للعمل في إسرائيل وتحسين البنية التحتية المدنية سيخلقان ثمن خسارة من شأنه أن يقلل من احتمالية التصعيد. وعمليًا، بينما كانت إسرائيل تدفع نحو المبادرات المدنية، انكبّت حماس على التحضير لهجوم السابع من أكتوبر. هذه الفجوة توضح الافتقار الحاد إلى فهم جوهر المنظمة.
3- النظرة إلى أن حماس مردوعة.
وبعد عملية “حارس الأسوار” في مايو 2021، أصر السياسيون والعسكريون على الاعتقاد بأن حماس تلقت ضربة قاسية، وبالتالي تم ردعها. ومن الناحية العملية، شجعت حماس الإرهاب والتحريض في الضفة الغربية والقدس، وسمحت لحركة الجهاد الإسلامي بالقيام بجولات تصعيد في غزة. هذا السلوك أشار إلى أن حماس لم ترتدع، لكنه لم يؤثر على التصور الاسرائيلي العام، أو يتسبب في إلغاء اللفتات الطيبة المدنية.
4- المبالغة في تقدير وزن الجمهور.
وكجزء من فكرة التسوية، تعزز التقدير بأن تحسين وضع الجمهور في غزة من شأنه أن يعزز الاستقرار، وزُعم أنه في حالة حدوث تصعيد، فسوف تنشأ احتجاجات ضد حماس. عملياً، منذ بداية الحرب، لم يُظهر الجمهور الفلسطيني أي انتقاد حقيقي لحماس، وبشكل عام يتصرف كمجموع يقبل بحكم القدَر.
5- التراجع عن القضية الفلسطينية.
وهو اتجاه نشأ بعد التقاء سياسيين يخشون التعامل مع قضية حساسة ستكلفهم ثمناً سياسياً، وبين جمهور محبط من احتمال التوصل الى تسوية، وحذر المؤسسة الأمنية من التطرق إلى قضية سياسية مشحونة. وعندما أثيرت تحذيرات استراتيجية بشأن القضية الفلسطينية، فقد تم التركيز على يهودا والسامرة، فيما تم تعريف التهديد القادم من غزة بأنه “تم احتواؤه”.
6- الاعتماد على “الحاجز الأرضي”.
وكما هو الحال مع خط ماجينو الذي بنته فرنسا قبل الحرب العالمية الثانية، كان الجدار البري الذي أقيم في قطاع غزة ناجحاً من الناحية العملياتية، لكنه لم ينجح أمام اختبار الخداع من حماس. لقد تجاوز الألمان خط ماجينو بالمناورة عبر بلجيكا، ولم تتوغل قوات حماس عبر الأنفاق كما فعلت في “تسوك إيتان”، بل ببساطة هدمت الجدار والأسيجة.
7- التقليل من شأن خطر اجتياح بري.
خطة التسلل إلى إسرائيل المصحوبة بحملة قتل جماعي تم صياغتها قبل حوالي عقد من الزمن وكانت معروفة لدى المخابرات الاسرائيلية. لكن التهديد المتخيَل كان عبارة عن تسلل محدود، وليس حملة مركزة من عشرات نقاط التسلل بمشاركة حوالي 3000 شخص، بمصاحبة جهود بحرية وجوية.
8- تقديس التكنولوجيا.
كان الاعتماد على المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال الوسائل المتطورة واسعًا، مما زرع شعورًا بالتفوق الاستخباراتي. لكن المصادر نفسها لم تطرح مؤشرات أولية لهجوم تم التقاطها من خلال معلومات استخباراتية بسيطة، مثل وسائل الإعلام المرئية وابراج المراقبة والاتصال التكتيكي. في الخلفية هناك فجوة خطيرة تتمثل في نقص المخابرات البشرية.
9- صعوبة فهم شخصية السنوار.
على مر السنين، أجريت تحليلات نفسية على زعيم حماس الذي أعدّ هجوم 7 أكتوبر واعتبره مهمة حياته. في هذا الإطار، تم تحديد أنه مسياني – وهو تشخيص دقيق، لأننا نتحدث عن زعيم يعيش في أجواء “الدنيا الآخرة” – ولكن تم أيضًا طرح ادعاء مغلوط بأنه منفصل عن الواقع. وهكذا، بدلاً من فهم المنطق الأصلي للعدو، تم اعتماد انعكاسات المنطق الإسرائيلي عنه.
10- الفشل السياسي.
إن الادعاء بأن إسرائيل قوّت حماس في ضوء رغبتها في إضعاف السلطة الفلسطينية ليس صحيحا ولكنه يتطلب الدقة.
أولاً، إن حماس متجذرة بعمق المنظومة الفلسطينية. لقد سهّلت عليها إسرائيل الأمر في بعض الأحيان، لكنها كانت ستولد وتتقوى حتى بدونها.
ثانياً، كانت جميع الأطراف السياسية في العقدين الأخيرين شريكة في التصور المتعلق بحماس.
المسؤولية الكبرى تقع على عاتق نتنياهو، لكن حكومة التغيير ساهمت أيضاً من خلال مشروع العمال من غزة. ولم يدفع أي منهم لتحرك سياسي في القضية الفلسطينية، وجميعهم كانوا مكتفين بالسلام الاقتصادي.
وفي نهاية الحرب
لن يكون التحقيق العسكري كافياً وحده. من الضروري أن يتم إجراء نقاش وطني، يتمحور حول مسألة ما إذا كان المجتمع الإسرائيلي يفهم بعمق الفضاء المحيط به. وفي هذا الإطار، من الضروري الحد من الإدمان على تعظيم التكنولوجيا، وإحياء المهارات التي انخفضت قيمتها، وفي المقام الأول تعلم لغة وثقافة “الآخر”، سواء لغرض القضاء على التهديدات أو لإدارة الاتصالات.