حقيقية مذهلة لمريضة سرطان لم تكن مُصابة بالسرطان

كتب- أسماء خليل

يوجد أنواع من المهن إذا أخطأ القائم بها أثناء ممارسته لعمله، يكون هناك مجالًا للإصلاح، فقد يكون التأثير السلبي الذي وقع للأشخاص ليس مُتعمقًا، ولكن ليس هناك ما هو أكثر فضيحة للمهنيين من أن تصبح رحلة علاجية مؤلمة لمريضة سرطان بلا داع، وتشير الدراسات الطبية إلى أنه إذا أردنا الاستمرار في حماية مرضى السرطان الضعفاء من العلاجات غير المثبتة وحتى الزائفة ، فسنحتاج إلى إشراف تنظيمي قوي وسريع على المستوى الفردي، كذلك التواصل الأفضل.

يقول أطباء بريطانيون، عندما يتم تشخيص شخص ما بالسرطان، هناك عدد لا نهائي من الأشخاص المتحمسين لتقديم المشورة والنصائح، من أحد الأقارب مثل ابن عم أو جار إلى المعالج الطبيعي، يريد الجميع التدخل بالنصائح، وللأسف يستمع المرضى المُربَكون بشكل مفهوم إلى أولئك الذين يبدو أنهم أكثر إقناعًا، وهنا تأتي الوظيفة الحقيقية للطب وهي مضاعفة الجهود لكسب ثقة المرضى الذين يفضلون الاستماع إلى أطبائهم وممرضاتهم ليخبروهم بحقيقة ما لديهم من مرض، بدلًا من أولئك الذين يُضللون أكثر.

قصة السيدة المكلومة

تحكي رانجانا سريفاستافا اختصاصية أورام أسترالية ومؤلفة حائزة على جوائز وباحثة في برنامج فولبرايت، وتشرح نتيجة العلاج لمريضة صدمت وتبكي نتيجة أخبار تحاليل اتضح فيما بعد أنها خاطئة.

ثم تذكر سريفاستافا أن تلك المرأة كانت أمًّا جديدة لا تريد أن تموت. بعد كل شيء ، ولكنها أدركت بشكل أو بآخر أن الاكتشاف المبكر للسرطان هو الكأس المقدس الذي لابد أن تتجرعه وترضى.

كان ذلك قبل عشر سنوات ، عندما دخلت شابة يائسة إلى مكتب اختصاصية الأورام، وقالت: “أنا بحاجة لمساعدتكم. أنا أموت من السرطان”.

تقص الطبيبة وتصف مشاعرها بالاندهاش، فتذكر أن قصة المرأة كانت لا تصدق، في ندوة عن الطب التكاملي ، ثم قامت الطبيبة باختبار دم خاص للمريضة، بإجراء بعض التحاليل، تم إخبارها بأنها لا تعاني من السرطان بعد مفارقة عجيبة حدثت لها في أحد الأيام بتلقي مكالمة تخبرها بأنها مصابة بالسرطان، وبدأت على إثر ذلك بدورة باهظة الثمن من الفيتامينات الوريدية والأدوية الكيماوية، وهنا سأل ابن عمها المتشكك لماذا لم يطلب أحد على الأقل إجراء فحص بالأشعة المقطعية للعثور على السرطان. أقنعت طبيبها العام بطلب الفحص ، الذي اكتشف عقيدتين صغيرتين في الرئة. أرسلها الطبيب العام إلى الجراح الذي أمر بإجراء فحص مختلف ، وفي ذلك الوقت اختفت العقيدات الحميدة. أخبرها الجراح أنها ليست مصابة بالسرطان، اختلطت مشاعرها وبكت فرحًا ولم تصدق.

مسلحين بنتائج زائفة ، هكذا قالت المُختصة، إذ تذكر مُتألمة : “رفضت مريضتي الصغيرة تصديق أنها ليست مريضة عضال، وكان العبء يقع على عاتقي لإثبات أنها ليست مصابة بالسرطان. ومسؤوليتي أن أقنعها بالاستمتاع بطفلها بدلًا من أن يحكمها الخوف من الموت. بعد قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت ، كان علي أن أخبرها أنه ببساطة لم يكن هناك مكان في عيادة السرطان الخاصة بي لرؤية المرضى غير المصابين بالسرطان. لقد اعترفت برشاقة ولم أسمع منها مرة أخرى ، لكنني ما زلت أتذكر وجهها المنكوب بالرعب”.
وأكملت الطبيبة : “إنني حزينة ماذا يقول الأطباء عند وفاة المريض بعد خطأ بالتشخيص؟ لا شيء. نحن لا نتحدث ابدا”.

تعتقد سريفاستافا أن كل شخص يستحق الوصول إلى المعلومات التي تستند إلى العلم والحقيقة ، والتحليل المتجذر في النزاهة، ولن يستغرق الأمر سوى دقيقة واحدة لتأكيد ما إذا كانوا مصابين أم لا، فيستحق الناس أفضل من سيل لا ينتهي من الممارسات غير المثبتة التي تتدلى أمامهم تحت ستار الأمل.

تُعد قصة تلك المرأة التي تم تشخيص حالتها بشكل خاطئ هي أكبر مثال على الإهمال واللامبالاة لدى بعض المعالجين، فبعد شهور من تداوي السيدة والاستشارات الخاصة المكلفة التي لا تنتهي يتضح أنها سليمة.. وكم كانت حاجتها لبصيص أمل للشفاء فقد كانت أمًّا جديدة لا تريد أن تموت!!

النظرية الجذابة

قام الأطباء باختبار قائم على مبدأ رائع، فبالرغم من أن العديد من الأطباء في هذا الوقت بالكاد ما سمعوا عن انتشار الخلايا السرطانية ، وهي شظايا مجهرية من السرطان تتسرب إلى مجرى الدم؛ فقد استحدث هؤلاء الأطباء النظرية الجذابة وهي أن اختبار الدم البسيط لمثل هذه الخلايا يمكن أن يكتشف السرطان بدون أعراض تمامًا.

يقول الخبراء أن هناك سببًا وجيهًا للتفاؤل لكن الباحثين يحذرون من أن قياس الخلايا السرطانية المنتشرة يظل أداة تجريبية. هناك غموض كافٍ يستلزم إجراء دراسات شاقة وعشوائية لإثبات الصلاحية التحليلية للاختبار، والأهم من ذلك الصلة السريرية، فإن القدرة على قياس شيء لابد له من الدقة والاختبار الجديد ليس بالضرورة أفضل من الاختبار القديم.

تحسن في العلاجات وتأخر في رعاية المرضى

يرى الباحثون البريطانيون أنه من المتوقع أن يدفع المرضى الذين لا يتمتعون بصحة جيدة مقابل إجراء اختبار غير مثبت وتلقي نصيحة مثيرة للجدل ، والتي يُطلب منهم لاحقًا مراجعة طبيب الأورام الخاص بهم و إرسال إشارة مطمئنة مفادها “نحن جميعًا في هذا معًا”. يحتاج مرضى السرطان إلى كل التعاون الذي يمكنهم الحصول عليه.

ويرون أن العلاج الكيميائي هو أداة غير حادة ولكنها سامة في نفس الوقت، يجب استخدامها باعتدال ، ولكن بعض العلاجات تطيل نوعية الحياة ومداها ؛ بالنسبة لطبيب الأورام لابد عليه من رؤية مستنيرة حول تجنب العلاج الكيميائي، فلابد من التحقق جيدا بالإصابة

ويختتم العلماء آراءهم بتلك الكلمات المؤثرة : “طالما أن هناك سوقًا ، فإن الزيوت والجرعات الباهظة من الأدوية وغيرها من العلاجات الواعدة وربما غير المُثبتة ستبقى على قيد الحياة”.

زر الذهاب إلى الأعلى