تحركات مصر للحد من الإضرار بقناة السويس.. هجمات الحوثيين وكابوس قناة بن جويون
تقرير: أشرف التهامي
يشكّل إعلان أكبر 4 شركات ملاحة في العالم – نهاية الأسبوع الماضى – تعليق الإبحار عبر قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين في منطقة باب المندب بمثابة ضربة قاسية ليس للتجارة العالمية فحسب، بل أيضا، لقناة السويس ودخل مصر منها، أولا وقبل غيرها.
تهديد أخر
فى تهديد أخر كانت إسرائيل قد طرحت مشاريع عديدة لتحويل صحراء النقب إلى جسر تجاري بري يربط البحرين الأحمر والمتوسط، لإيصال أوروبا بآسيا بعيداً عن قناة السويس.
ومن تلك المشاريع خط أنابيب النفط بين إيلات وعسقلان، والذي كان يحمل النفط الإيراني في عهد الشاه إلى أوروبا.
كما تنتشر العديد من التقارير والمقالات المحلية والأجنبية حول مشروع قناة بن غوريون، ومشروعها الذى يمتد من خليج العقبة إلى البحر الأبيض المتوسط، لتوفر بديلاً عن قناة السويس.
وكان ورد أول ذكر معروف لها في مذكرة أميركية سرية تعود إلى عام 1963، حيث تم رفع السرية عنها عام ،1996
وتدرس المذكرة إمكانية استخدام التفجيرات النووية لشق القناة بطول 160 ميلاً، أو 260 كيلومتراً، أي أنها أطول من قناة السويس بنحو 70 كيلو متراً.
وتظهر خريطة القناة في تلك الوثيقة السرية أنها لا تمر في قطاع غزة، بل تمتد من إيلات على خليج العقبة إلى أسدود على البحر المتوسط، على بعد كيلومترات قليلة إلى شمال قطاع غزة، الذي كان في ذلك الحين تحت سيطرة الجيش المصري، قبل نكسة 1967.
الأمن القومى المصرى
وفي الحالتين السابقتين هناك مسّ وإضرار بالأمن القومي المصري حيث من المتوقع أن تؤدى هجمات الحوثيين في منطقة باب المندب إلى تقليص حركة السفن في قناة السويس بشكل كبير وبالتالي دخل مصر أيضًا، حيث يمر نحو 20% من استهلاك العالم من النفط والغاز عبر مضائق باب المندب.
كما أن حوالي 98%من السفن التي تمر عبرها تستخدم أيضًا قناة السويس، سواء باتجاه أوروبا (شمالًا) أو آسيا (المرور جنوبًا)، هذا غير مرور نحو 30% من حركة الحاويات في العالم وحوالي 12% من تجارة البضائع العالمية تمر عبر قناة السويس.
مصدر هام للدخل
وتعتبر قناة السويس أحد أهم مصادر دخل الاقتصاد المصري من العملة الأجنبية، حيث وصل الدخل السنوي من القناة إلى ذروة بلغت 9.4 مليار دولار في العام المالي الماضي (المنتهي في 30 يونيو)، بعد قفزة بنحو 35%، بينما ارتفع عدد السفن التي عبرتها خلال ذلك العام بنحو 18% والنسبة تمثل نحو 26 ألف سفينة، بحسب البيانات المصرية الرسمية التي نشرتها “هيئة قناة السويس”، الهيئة الحكومية المسؤولة عن تشغيل القناة.
وبحساب تقريبي، فإن كل يوم من أيام عمل القناة يزود مصر بمبلغ متوسط يتراوح بين 25 إلى 30 مليون دولار، وذلك من الرسوم المحصلة من السفن وكذلك من الخدمات الإضافية التي تقدمها هيئة السفن.
حادث إيفرجرين وتأثيره
وفي مارس 2021، عندما توقفت حركة المرور في قناة السويس بعد “شحوط” سفينة “إيفرجرين EVER GIVEN” وتعطيل حركة المرور لمدة ستة أيام، قُدرت الأضرار التي لحقت بالخزينة العامة المصرية بنحو 100 مليون دولار.
إلا أن إجمالي الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي خلال هذه الأيام الستة قدرت بعشرات المليارات من الدولارات، مما يوضح الأهمية الهائلة للقناة لحركة التجارة العالمية.
صحيح أن القناة هذه الأيام مفتوحة أمام حركة المرور، ومن المرجح أن تستمر حركة المرور فيها حتى بعد إعلان الشركات الكبرى، ولكن ليس بالمستوى الذي يمنع الأضرار الاقتصادية الكبيرة على مصر والاقتصاد العالمي.
وإضافةً إلى الأضرار التي لحقت بإيرادات الدولة المصرية، خاصة في هذه الفترة التي تئن مصر تحت ضائقة اقتصادية متزايدة، فإن تضاؤل حركة المرور في قناة السويس يشكل ضرراً كبيراً لصورة البلاد.
وتعتبر القناة رمزا وطنيا في دولة نهر النيل، وبذلت السلطات في القاهرة خلال السنوات القليلة الماضية كل الجهود لتأمين حركة المرور هناك، خوفا من مؤامرات التنظيمات الجهادية للإضرار بها من أجل إضعاف مكانة مصر في عيون جهات إقليمية وعالمية.
منع التصعيد
وإذ حاولت مصر، حتى إعلان شركات الملاحة الكبرى، الابتعاد عن الأضواء، لمنع التصعيد والادعاء علنًا على الأقل أن حركة المرور في القناة لن تتأثر بهجمات الحوثيين الصاروخية والطائرات بدون طيار، فستتصعب الآن في الاستمرار في هذه السياسة وسوف تكون ملزمة بالتصرف من أجل تقليل الضرر.
تحركات مصر
ومن المتوقع أن تحاول مصر إيجاد مخرج من الأزمة الحالية من خلال الوسائل الدبلوماسية المتاحة لها.
وبحسب تقارير عربية، فإن سلطنة عمان بدأت بنقل رسائل للحوثيين من “أطراف ثالثة”، ويبدو أن مصر إحداها، لكن في الوقت الحالي لا يوجد رد من الحوثيين.
كما أنه من المؤكد أنه لن تنضم مصر إلى التحالف الدولي الذي ستنشئه الولايات المتحدة لتوفير الحماية لحركة الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب،
أن مصر ستسعى لحل الأزمة من جذورها بالعمل على وقف الحرب في قطاع غزة، ما يدفع الحوثيون لخفض تصعيدهم، جنبًا إلى جنب مع التنسيق مع القوى الدولية في تأمين حركة الملاحة وضمان العبور الآمن للسفن التجارية.