استراتيجية إيران العسكرية تجاه التواجد الأمريكي شرق سورية
كتب: أشرف التهامي
شهدت الأسابيع الثلاثة الماضية زيادة كبيرة في الهجمات على قواعد التحالف الدولي شمال شرق سورية؛ من قِبل القوت الإيرانية التي تنشط في كل من العراق وسورية.
وهناك تقارير تشير إلى إنشاء مراكز لتنسيق تلك الضربات، وعلى ما يبدو أن الهدف منها استغلال السخط على الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف إنهاء النفوذ الأمريكي في سورية، ودعم المقاومة الإسلامية في فلسطين.
تصعيد فصائل المقاومة
يتزامن هذا التوتُّر مع الصراع الدائر في غزة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، خاصة حماس، فقد شهد الأسبوعان الماضيان هجمات متكررة على قواعد القوات الأمريكية شرق سورية، واستهدفت الهجمات مواقع مختلفة، منها حقل العمر وحقل غاز كونيكو وخراب الجير وتل بيدر والشدادي ومنطقة التنف القريبة من الحدود السورية العراقية الأردنية.
وتعتمد تلك الهجمات على أساليبَ مختلفةً، مثل ضربات الطائرات بدون طيار والصواريخ البدائية الصنع وقذائف الهاون، كما تم الإبلاغ عن أنشطة مماثلة في العراق، مع تهديدات بمزيد من التصعيد.
الرد الأمريكي
من جانب آخر، قامت القوات الأمريكية بشنّ غارات جوية ضد القوات الإيرانية في دير الزور بتاريخ 26 أكتوبر و 9 نوفمبر، وضربات دقيقة في 12 نوفمبر في البوكمال والميادين.
وصرحت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” أن هذه الإجراءات هي دفاع عن النفس لحماية القوات الأمريكية وليس المقصود منها تصعيد الصراع، كما أن الجماعات التي تعلن مسؤوليتها عن الهجمات على القوات الأمريكية في سورية تعرّف عن نفسها باسم “المقاومة الإسلامية في العراق”، وفيما يبدو أن اختيار الاسم، على غرار تسمية حزب الله اللبناني، يتجنَّب توريط فصائل عراقية أو سورية محددة، مما يمنع ممارسة الضغط السياسي على حكومات تلك البلدان، علماً أنّ اجتماعاً عُقد في البوكمال بهدف تنسيق أعمال “المقاومة الإسلامية في العراق”، ضمّ مختلف القوات، بينها الحشد الشعبي في العراق، وفاطميون وزينبيون، وحزب الله اللبناني، والفوج 47، وسرايا الخراساني، ومجموعات مسلّحة محلية بحسب البنتاجون.
مركز العمليات
يقوم مركز العمليات بتنسيق الأنشطة على طول 3 محاور إستراتيجية تشمل الضربات الصاروخية والطائرات المُسيّرة، مع التركيز على قواعد التحالف، لا سيما في الضفة الشرقية لنهر الفرات وقاعدة التنف، وتنفذ هذه العملياتِ قواتُ النخبة المُدرَّبة في معسكر الديماس قرب دمشق ومعسكرات التدريب قرب مدينة الميادين، والهدف هو تصعيد محسوب ضد القواعد الأمريكية، وتنسيق الهجمات بشكل فعّال مع تجنُّب الانتقام الأمريكي الواسع النطاق.
وتشبه هذه الإستراتيجية النهج الذي يَتَّبِعه حزب الله جنوب لبنان ضدّ إسرائيل، إذ يعتمد التهديد بمزيد من التصعيد على ردّ قوات التحالف الدولي على الهجمات الحالية، ويعزز التردُّد الأمريكي توسيع الصراع.
وفي الأشهر الأخيرة، تم إدخال المزيد من الأسلحة إلى ريف القامشلي ومدينة الحسكة، وتصل الإمدادات كلَّ أسبوع من دمشق إلى مطار القامشلي باستخدام طائرات “إليوشن”.
جاء ذلك ضِمن خطة لتعزيز القوات العسكرية في القامشلي والمناطق المحيطة بها، وتشمل الشحنات في الغالب قناصات دقيقة، ومناظير رؤية ليلية، وطائرات بدون طيار صغيرة، وعبوات ناسفة، ورشاشات متوسطة الحجم، ومدافع هاون.
المجموعات المحلية
المجموعات المحلية تتلقى أيضاً تدريبات مُكثّفة، ويتم إرسال بعضها إلى دمشق ودير الزور، كما تقوم عناصر من فصائل سرايا الخراساني بالتحرُّك نحو ريف دير الزور، حتى باتت وحدات أمنية تابعة للقوات قريبة من الشدادي وتل حميس، بغرض مراقبة قوات التحالف في قواعد الشدادي وخراب الجير في ريف الحسكة.
التصعيد الأخير في الهجمات الإيرانية كان متوقَّعاً؛ حيث تحدثت تقارير من معهد الشرق الأوسط العام الماضي عن مساعي إيران لتعزيز نفوذها في شرق سورية، ويتضمن ذلك خُطَطاً لاستهداف قواعد التحالف الدولي باستخدام “المقاومة الشعبية” والعمليات الأمنية ضدّ القوات الأمريكية، والهدف هو إخراجهم إنهاء الوجود الأمريكي.
ويلعب فصيل سرايا الخراساني المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والناشط في مدينة الحسكة، وقوات حزب الله في ريف القامشلي الجنوبي دوراً حاسماً في جهود إيران لإنهاء الوجود الأمريكي، وتحاول إيران أيضاً الحصول على الدعم من خلال دعم زعماء القبائل العربية، مستغِلّة الاستياء القَبَليّ من تصرُّفات قوات سوريا الديمقراطية الانفصالية واللامبالاة الظاهرة من جانب التحالف الدولي.
وتشير الأحداث الأخيرة إلى أن إيران – من خلال حلفائها شرق سورية – تستعدّ لمواصلة مهاجمة قواعد التحالف الدولي، ويبدو أنهم يختارون الأوقات المناسبة لشنّ هجمات أكثر تأثيراً، وتسبب خسائر كبيرة، وقد تستفيد هذه الإستراتيجية من ردّ فعل التحالف البطيء على هذه الهجمات.
وتشير مصادر أنّ القوت الإيرانية، ربما تستعدّ لهجمات أكبر من مناطق سيطرة قسد الانفصالية القريبة من القواعد الأمريكية.
وهذا التصعيد مهم، ويُعرّض قوات التحالف الأمريكي للخطر.
وبينما تحاول القوات تأليب السكان المحليين ضدّ القوات الأمريكية وربط تحرُّكاتها بالهجوم الإسرائيلي على غزة فإنها بالتالي تخلق شعوراً واسعاً لدى سُكّان المنطقة بضرورة المقاومة الشعبية، التي تبدو متنامية، وقد تدفع قوات التحالف إلى التفكير في مغادرة المنطقة أو البقاء داخل قواعدها.
طالع المزيد:
– البحرية الإيرانية تصادر ناقلة نفط أميركية في بحر عُمان