تاريخ أغفله التاريخ: فى حرب فلسطين هل لجأت إسرائيل إلى استخدام أسلحة فوق تقليدية؟
سردية يكتبها: أحمد أبوبيبرس
موضوع جديد وخطير لم يأخذ حقه من الدراسة الكافية والتعريف الكافى، ولا التسليط الإعلامى والتاريخى
حتى الآن .
والموضوع: إن إسرائيل استخدمت أسلحة بيولوجية ضد العرب خلال حرب فلسطين عام 1948 والتى استمرت
منذ شهر مايو 1948 حتى شهر مارس 1949 (حوالى 10 شهور) قتال ضارى دار على تراب فلسطين، وتمخض فى النهاية عن هزيمة الجيوش العربية وبروز ما يسمى بدولة إسرائيل ككيان إستعمارى غاصب على حساب شعب فلسطين العربى.
ولا تشير المراجع العربية والأجنبية، من قريب أو بعيد إلى استخدام إسرائيل لأى نوع من الأسلحة فوق التقليدية سواء كانت ميكروبولوجية أو كيميائية أو نووية ضد الجيوش العربية نظراً لأنها كانت دولة وليدة ناشئة فى ذلك الوقت تكاد تقف على أقدامها بصعوبة وأغلب مؤسساتها فى طور التكوين، وجيشها عبارة عن حثالة اليهود المهاجرين أو المهجّرين من دول أخرى وكذلك اليهود المقاتلين المتطوعين من أصقاع الكرة الأرضية المختلفة وأغلب السلاح الذى حاربت به فى مسرح عمليات فلسطين كان سلاحاً قديماً بالياً من فائض مخلفات أسلحة الحرب العالمية الثانية من كل مسارح عمليات الحرب فى أوروبا وآسيا، جرى – على عجل ـ نقلها إلى إسرائيل بوسائل شرعية وغير شرعية طوال الحرب الطويلة.
إذن من أين تأتى لإسرائيل امتلاك سلاح من أسلحة الدمار الشامل وقتذاك ..؟!.
الكاتب المصرى، جلال عبد الفتاح وهو كاتب علمى رصين متخصص فى الشئون العلمية والعسكرية، كتب منذ سنوات للصحف والمجلات المصرية والعربية مقالات متخصصة وله مؤلفات شتى تتحدث عن الاكتشافات العلمية الحديثة وعلوم الطيران والفضاء والتسليح العسكرى .
هذا الكاتب اللامع من ضمن مؤلفاته كتاب قيم معنون بـ ( أسلحة الدمار الشامل ) ينسب له الفضل فى أنه هو أول من أماط اللثام عن هذه القضية الخطيرة وكشف أن إسرائيل إستخدمت أسلحة ميكروبولوجية ضد مصر إبان حرب فلسطين عام 1948 أدت إلى نشر أوبئة خطيرة قاتلة فى مصر نتج عنها مصرع آلاف مؤلفة من أفراد الشعب المصرى فى نهاية الأربعينيات مصابين بأمراض فتاكة فى جريمة بشعة تضاف إلى سجل جرائم الكيان الصهيونى
الوحشى التى لاتحصى ولا تنتهى أيضاً ضد العرب والمصريين وتستوجب فضح إسرائيل والتشهير بها عالمياً، ومن ثم اعتبار جريمتها هذه فى حق الشعب المصرى جريمة جديدة ضمن جرائم الحرب الدولية التى تستوجب العقوبة.
…………………………….
أغلب مراجع التاريخ العسكرى التى تناولت فترة الحرب العالمية الثانية فى مسرح عمليات أوربا أو المحيط الباسيفكى تحتوى على سطور غامضة تشير إلى الأبحاث التى أجريت على الأسلحة البيولوجية.
كانت السطور القليلة تشير إلى الأبحاث المروعة التى كانت تجرى فى ألمانيا النازية واليابان قبيل الحرب العالمية الثانية ولم تكن هناك وثائق أو تفاصيل حتى عام 1988 حينما بدأت تظهر الكتب والوثائق التى تتناول هذا الموضوع الخطير وكانت البداية فى ألمانيا ذاتها .
وقد لايعرف الكثيرون أن الأسلحة البيولوجية قد استخدمت بالفعل خلال حرب فلسطين 1948 وتشير الوثائق المصرية حول هذه الفترة أن العصابات الصهيونية استخدمت قنابل الجراثيم ضد الجيش المصرى والشعب الفلسطينى بكثافة .
ثم استخدمت ضد الشعب المصرى نفسه فى وادى النيل، وذلك لإرباك المجهود الحربى لدعم الجيش المصرى فى فلسطين .
وعندما كانت إحدى دوريات الجيش المصرى خلال حرب فلسطين تطوف بمدينة غزة وضواحيها شاهدت شخصين فى حالة مريبة بجوار بئر منعزل عند الغروب فاعتقلتهما، وعثر معهما على زجاجات صغيرة مغلقة ورفضا الإجابة على أية أسئلة خلال التحقيق معهما .
وأرسلت الزجاجات مع عينة من ماء البئر المشكوك فيه والآبار الأخرى إلى القاهرة لفحصها فى المعامل .
واتضح بالفحص والتحليل البكتريولوجى ( الجرثومى ) الذى قام به الدكتور أحمد حسين سامى كبير الأطباء فى مصلحة الطب الشرعى فى ذلك الوقت، أن الزجاجات تحتوى على مجموعة مركزة من ميكروبات “الباراتينود” من النوع “B” ، كما أسفر التحليل عن تلوث بئرين أحدهما البئر الذى ضبط بجواره الرجلان .
وخلال الأيام التالية قبضت الدورية المصرية على أخرين يحملون زمزميات بها سوائل مركزة بميكروبات “التيفود والدوسنتاريا” .
وحدث نفس الشيئ فى المناطق الفلسطينية الأخرى التى كانت ضمن نطاق الجيش الأردنى فى الضفة الغربية وكذلك المناطق العربية الشمالية من فلسطين.
وفى 29 مايو 1948 أصدرت وزارة الحربية المصرية بياناً بما تم ضبطه كما اتخذت القيادة المصرية على الفور كافة الاحتياطات للمحافظة على صحة القوات المصرية والمدنيين فى فلسطين، حيث وضعت جميع الآبار فى منطقة عمليات الجيش المصرى تحت الحراسة المشددة بما فى ذلك مستودعات المياه الطبيعية والصناعية، كما تم ردم الآبار الملوثة.
وقد اعترف “عزرا جودين” أحد المقبوض عليهم كتابة بجرائمه، مؤكدا أن الهدف من ذلك هو تسميم مصادر المياه لنشر الأمراض بين القوات المصرية فى فلسطين.
ومع ذلك فقد انتشر وباء الكوليرا بشكل مفاجئ ومخيف فى صيف عام 1949 حيث بدأ الوباء فى منطقة القناطر الخيرية حيث يتفرع نهر النيل إلى فرعين رئيسيين.
وسرعان ماانتشر المرض فى دلتا مصر عن طريق مياه النيل وشبكة الترع والمصارف الهائلة، ولم تثبت التحقيقات التى جرت عن كيفية تلوث مياه النيل بهذا الميكروب، وإن كان يسهل ذلك بزجاجات مماثلة من الميكروب المركّز.
وقد مات نتيجة هذا الوباء الآلاف حيث لم يكن هناك علاج، كما أن الأمصال محدودة، وهى على أية حال لايمكن أن تؤدى مفعولاً إلا بعد عشرة أيام من تعاطيها.
أما الضرر الاقتصادى فقد كان فادحاً فى ظل الاحتلال البريطانى لمصر، وفساد حكومات العهد الملكي، إذ انتشر الذعر وتوقف الإنتاج فى معظم القطاعات وأصاب الشلل مدن الدلتا وقراها.
وفى يناير عام 1950 إاتشر وباء “التيفود” أيضاً وكانت الإصابة شديدة فى صعيد مصر، ولم تكن المضادات الحيوية متوافرة كما هى الآن بل كانت باهظة التكاليف لإكتشافها حديثاً .
تعقيب
– لاشك أن إسرائيل كانت وراء نشر تلك الأمراض الفتاكة فى ربوع مصر والتى أودت بحياة الآلاف من أبناء الشعب المصرى بعد حرب فلسطين بعد فشل محاولتها تسميم و إمراض جنود الجيش المصرى البواسل فى فلسطين عام 1948 بهذه الأمراض والبكتريات القاتلة.
وطوال عشرات السنين الماضية لم يتم التحقق أو توثيق تلك الجريمة الإسرائلية القديمة البشعة التى تندرج ولا شك تحت بند جرائم الإبادة الإنسانية حتى لو لم توجد أدلة موثقة على ذلك .
– إن جرائم إسرائيل الوحشية فى حق العرب أكبر من أن تحصى على مدار 75 سنة كبيسة بائسة قدم العرب فيها مئات الآلاف من الشهداء من العسكريين والمدنيين من الرجال والنساء والأطفال غير من قتلوا فى حروب مباشرة مع إسرائيل أو تعرضوا لمذابح وتصفيات عرقية دموية فضلا عن مذابح الأسرى الشهداء المصريين خلال حروبنا مع إسرائيل.
حتى حرب أكتوبر نفسها لم تتورع إسرائيل عن قتل وتعذيب واعتقال آلاف المدنيين من الفلاحين المصريين البؤساء غرب قناة السويس حينما فتحت الثغرة وعبرت قواتها إلى غرب القناة.
وحتى المواد الكيمائية الخطرة الضارة بالبيئة والتربة عاقبت إسرائيل فلاحى الضفة الغربية برشها على محاصيلهم وأشجارهم وأراضيهم بقصد تدمير الثروة الزراعية المصرية فى تلك المنطقة من أرض مصر غرب قناة السويس كتعبير صريح من الإسرائليين عن حقدهم وغلهم من هزيمتهم فى الضفتين الشرقية والغربية لقناة السويس خلال حرب أكتوبر
– وبالنسبة للأسلحة فوق التقليدية لم تتورع إسرائيل بدورها عن استخدامها فى كثيرمن مواجهاتها مع العرب بدءاً من حرب فلسطين كما رأينا وفى خلال حرب أكتوبر كادت إسرائيل تلجأ إلى إستخدام السلاح النووى فى اليوم الثالث للحرب حينما تحرج موقفها فى القتال ضد الجيش المصرى والسورى ولم يردعها عن ذلك سوى طوفان الأسلحة الأمريكية الذى تدفق إليها لينقذها فى اللحظات الأخيرة، ويحسّن من موقفها العسكرى ولو بعض الشيئ.
وخلال حرب البقاع فى لبنان عام 1982 بين إسرائيل وسوريا ومعها قوات المقاومة الفلسطينية توجد إشارات عن استخدام الجيش الصهيونى الغازات السامة ضد القوات السورية بعد أن عجزت القوات الإسرائيلية عن طرد قوات المشاة السورية الباسلة من موقع قلعة الشقيف أرنون فى لبنان.
– وختاماً: متى سيأتى اليوم الذى تدفع فيه إسرائيل ـ بالدم والنار ـ ثمن ما ارتكبته من فظائع وجرائم فى حق الأمة العربية وهى تعض بنان الندم ؟!.. غالب الظن أن ذلك اليوم اقترب جداً.
………………………………………………………..
المصـــادر:
– كتاب أسلحة الدمار الشامل . الكيميائية . البيولوجية . النووية ــ جلال عبد الفتاح 1990
– مقال قديم بأحد أعداد جريدة الأهرام حول قلعة الشقيف أرنون الأثرية فى لبنان
ــ جيشنا فى فلسطين ـ سلسلة كتب للجميع