القس بولا فؤاد رياض يكتب لـ”بيان” العذراء مريم في المسيحية والإسلام
يصوم المسيحيون كل عام صوم للسيدة العذراء مريم مدته خمسة عشر يومًا، يبدأ من يوم ٧ أغسطس حتى ٢٢ أغسطس.
وفى هذه المناسبة نتحدث عن كرامة القديسة العذراء مريم في المسيحية والإسلام.
أولاً: في الإسلام
القديسة العذراء مريم وكرامتها في الإسلام، كبيرة فقد وَرَدَ اسم العذراء مريم في القرآن الكريم أربعة وثلاثون مرة، ومن مجموع سور القرآن يُخصص سورة باسمها وهي سورة “مريم”.
بينما يذكرها القرآن في إحدى عشر سورة اخرى منها على سبيل المثال ” وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ” (سورة البقرة ٨٧)، ” إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ” (آلّ عمران 3: 45).
ومن خلال النصوص القرآنية التي ذُكر اسم مريم فيها نجد الأمور التالية:
1- ذُكر اسم مريم مرتبط بأبيها عمران (التحريم 66: 12)
2- ذُكر اسم مريم مرتبط بأمها امرأة عمران (حنة بنت فاقود بن قنبل (آلّ عمران 3: 36)
3- ذُكر اسم مريم مرتبط بالمسيح عيسى ابنها ٢٣ مرة.
4- ذُكر اسم مريم من غير ارتباط بأحد ١٠ مرات.
5- اسم المسيح لم تُطلقه العذراء عليه بل لَقبه به الله.
فالعذراء مريم لها كرامتها في الإسلام ” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ” (آلّ عمران ٤٢).
جاء في تفسير الجامع لأحكام القرآن للإمام عبد الله محمد القرطبي ج٤ ص٨٢-٨٤ ما نصه: قال تعالى “إن الله اصطفاكِ” أي اختارك، وطهرك من الكفر (عن مجاهد والحسن) ومن سائر الأدناس من الحيض والنفاس وغيرهما، واصطفاكِ لولادة عيسى، وكلمة (على نساء العالمين) بمعنى عالمي زمانها، وقيل على نساء العالمين أجمع إلى يوم الصدر، وهو الصحيح على ما نُبينه. وكرر الاصطفاء “مرتين” المعنى الأول لعبادته، والمعنى الثاني لولادة عيسى.
وروى مسلم عن أبي موسى: قال رسول الله: كمل من الرجال كثيرون، ولو يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الزبد على الطعام.
مريم العذراء نبية: جاء في تفسير القرطبي السابق ذكره أن مريم نبية لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملاك كما أوحي إلى سائر النبيين، أما آسية فلم يرد ما يدل على نبوءتها دلالة واضحة. وفي حديث بن عباس عن النبي محمد “أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون”.
فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة، فإن الملائكة بلغتها الوحي عن الله عز وجل بالتكليف، والأخبار، والبشارة كما بلغت سائر الأنبياء فهي إذاً نبية، والنبي أفضل من الولي، فهي أفضل من كل النساء الأولين والآخرين مُطلقاً.
في العقيدة المسيحية
ثانيًا: السيدة العذراء في العقيدة المسيحية هي التي أُختيرت لتكون خيمة الاجتماع الجديدة الذي يسكن فيها الله مع الناس، وهي تابوت العهد العقلي الذي يحوي غير المُحوى، وهي قسط المن الذي يحمل لنا خبز الحياة النازل من السماء واهباً الحياة للعالم، وهي العليقة المشتعلة أغصانها بالنار ولم تحترق التي رآها موسى النبي في برية سيناء، وهي عصا هارون الكاهن التي أنبتت وأثمرت بغير غرس ولا سقى، وهي حمامة نوح التي بشرت الخليقة كلها بسلام الله الذي صار للبشر، وهي المجمرة الذهبية حاملة النور الحقيقي الذي يُضيء لكل إنسان آتٍ إلى العالم، وهي رفقة الجديدة التي خطبها الروح القدس لإسحق الجديد ابن الموعد يسوع المسيح، وهي السحابة الخفيفة، وهي باب المشارق الذي رآه حزقيال وتكلم عنها قائلاً: “هذا الباب يكون مُغلق لا يفتح ولا يدخل منه إنسان”.
هي المرأة التي نسلها المسيح يسحق رأس الحية، هي السُلم الذي رآه أبونا يعقوب منصوبًا على الأرض ورأسه يمس السماء، وهي العروس الطاهرة التي أنشد عنها سليمان الحكيم في سفر الأناشيد قائلاً: “أختي العروس جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع مختوم”.
وهي التي بشرها الملاك جبرائيل العظيم بفرح السماء والأرض قائلا: “السلام لكِ أيتها الممتلئة نعمة الرب معكِ. مباركة أنتِ في النساء، وها أنتِ ستحبلين وتلدين ابناً وتسميه يسوع والروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللك فلذلك المولود منكِ يدعي ابن الله” ويُطلق عليها الثيئوطوكوس وهي العذراء دائمة البتولية.
هي أم النور.
هي أم المخلّص، وهي التي باركت بلادنا مصر بزيارتها مع ابنها السيد المسيح، وظهورها في أماكن وكنائس كثيرة منها على قباب كنيسة الزيتون ٢ أبريل عام ١٩٦٨م، وكذلك كنيسة القديسة دميانة بابا دبلو بشبرا وأيضا في كنيسة العذراء بالوراق وفي كنيسة المرقسية بمحافظة أسيوط.
بركة صلواتها وشفاعتها تكون معنا.