” قل شكوتك “.. الحب مقابل المال

كتبت: أسماء خليل

استسلمتُ لبعض المواقف الحياتية وكنت أعتقد أنها مُسلمات، في الوقت الذي باتت تلك الحقائق الواقعية تؤذيني، وتجعل حياتي مليئة بالألم، حينها تيقنتُ أن هناك شيئًا آخر، وربما ظللتُ كثيرًا لا أعرفه، الأهم أنني لستُ بخير.

تلك المقدمة هي جزءٌ مُقتص من شكوى السيدة “ز .ط”، والتي أرسلتها عبر البريد الإلكتروني، وبين سطورها الكثير من الألم، وتتمنى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه أمل، ولكن الذي لا يعلمه الكثير؛ أنه مادامت الحياة فلا يأس معها.

الشكوى

أنا “ز .ط” زوجة أوشكت أن أتم العقد الخامس من سِني عمري، أعيش في أحدى قرى محافظات الوجه البحري، مع زوجي مرورًا برحلة تربينا لبناتنا الثلاث.

لم أحصل على قدر كافٍ من التعليم ولكني أجيد القراءة والكتابة، وكذلك زوجي الذي يعمل بالتجارة، فهو ماهر بالحسابات رغم عدم إتمامه لسنوات دراسته؛ حيث إن ذوينا كانوا من بسطاء القرية التي جمعتنا سويًّا، سواء بالطفولة أو الكِبر.

زوجي يكبرني بعامين فقط ولديه أختان، وكان ومايزال يهديهما مما رزقه الله، فنحن نعيش ببحبوحة مادية، فمتجر زوجي في أكثر المناطق الاستراتيجية بالمدينة.

وبالنسبة لي فلدي أخ وأخت، أخي يعمل بالزراعة ولديه دار كبيرة وأرض، وأخت واحدة هي محل مشاكلي في حياتي، فأختي تلك تصغرني بعامين جميلة جدًّا، لا وجه للمقارنة بيني وبينها من ناحية الجمال.

حينما تزوجتُ حسدني أبناء قريتنا على ذلك الزوج الغني، بينما أختي تزوجت من موظف واصطحبها للعيش في إحدى القرى المجاورة، وبعد إنجابها لثلاث أبناء، دبت بينهما الكثير من الخلافات وطلقها رغم جمالها الأخاذ بعد سبع سنوات من زواجهما.

من هنا بدأت مشكلتي الحقيقة، فقد عادت أختي للعيش ببيت أبي، بعد أن رحل الجميع، كان أخي غليظًا، اتهمها بالتقصير الذي أدى إلى طلاقها، ولم يساعدها بشيء، فكانت البداية صعبة.

ورغم أن زوجي يجعلنا في رغد من العيش كأكثر الأثرياء ببلدنا؛ إلا أنه من المُحال أن يعطيني أي مال ولو قليل في يدي، فيجعل أحدهم يشتري لنا الخضروات واللحوم، وهو يأتي لنا من متجره بما نحتاج إليه، وكذلك هو الذي يشتري لنا ملابسنا بمقاساتنا، فلم أذكر يوما أنني أمسكتُ مصروفًا.

جاءتني أختي منذ أول يوم وطئت قدمها البلدة، وهي تبكي وتريد أن يقتات أولادها، وحكت لي ما فعله أخونا معها، كم أشفقت عليها، طلبت مني بضعًا من المال، ولكني أخبرتها أن زوجي لا يعطيني، لم تصدقني.

فبدأت أعطيها من أكل البيت وخزينة ملابسنا، وزوجي لا يعلم فالخير كثير، ولكنها باتت تبكي وتلح عليّٕ بأن الطعام وحده لا يكفي، وأنها تريد أموالًا لتلحق أولادها بالتعليم أو تذهب بأحدهم للطبيب وهكذا.

لم أجد بُدًّا – أمام إلحاح أختي – من أخذ أموال من زوجي وهو لا يعلم، فهو يأتي ساعة من النهار، يخلع عنه ملابسه ويذهب للوضؤ، ولا يعد ما بجيبه من أموال في تلك الفترة، ثم يرتدي ملابسه ويعود للعمل مرة أخرى.

أخذت يوم فاعتدتُ الأخذ كل يوم، وأعطيت أختي وهي لا تعلم من أين آتي بالنقود، فتعتقد أن زوجي يعطيني، إلى أن أتى يوم وقام قريب لنا بتشغيل أختي في مشغل التطريز والخياطة؛ فهى ماهرة جدًّا في ذلك المجال، ولمهارتها أصبحت رئيسة المشغل من البداية، وبالطبع كانت تحصل على راتب كبير.

اعتقدتُ أن أختي لن تطلب مني أي مال مرة أخرى، ولكنها طالبتني أن أظل كما أنا، كم شرحت لها ولم تفهمني، وتظل قائلة: “ بختي كدا وأختي متجوزة من راجل غني ومش عاوزة تساعدني وجوزي رماني أنا وعيالي”.

حمَّلَتني أختي هم طلاقها، وكم كان قلبي طيبا، فظللتُ هكذا أقتص من أموال زوجي وأعطيها، وخاصة أن زوجي كان له وجهة نظر في موضوع أختي؛ فقد ناقشته في مشكلتها على استحياء، ولكنه كان مصممًا على أن أخي هو الذي يساعدها لأنه غني، وكانت له جملة شهيرة:“ هتسيب اخوها وتاخد من جوز اختها؟!”.

حينما كنت أزور أختي؛ كنت أجدها تجعل أولادها يعيشون عيشة الأغنياء، فكانت تشتري لأولادها كل شيء ببذخ ولا تدخر أي شيء.. نصحتها كثيرًا، وهي تقول أعوضهم الحرمان من أبيهم الذي زج بهم نحو الهاوية.

المشكلة الحقيقة في انقيادي لها رغم مرور كل تلك السنوات، وزواج أبنائي وأبنائها، إنني أحبها جدَّا وأتعلق بها أكثر من أولادي، فهي الوحيدة التي أرتاح لها وسط كل العالم، وتذكرني بالماضي الجميل.

ولكنها تريد المال.. المال وفقط، مررتُ بفترة عصيبة في حياتي وهي إصابتي بمرض كان يحتاج للعناية حتى التعافي؛ فكنت أستجديها بالمال لكي تزورني أو تبيت معي ليلة، والآن علاقتنا هكذا بنفس الشكل، رغم أن راتبها ارتفع جدًّا، وخاصة بعد أن ضمت إحدى المؤسسات الحكومية المشغل، وأصبح لها راتب ثابت وأنا ربة منزل، إلا أنها ما تزال تحبني مقابل المال.

لا أعلم ماذا أفعل، وهي من لي بتلك الحياة، وتذكرني بكل ما هو جميل بدار أبي وأمي، وإذا لم أعطها المال سوف تقطع عني زياراتها ومؤازرتي حينما أمر بأي وعكة صحية.. ماذا أفعل بحق الله؟!.

الحل

عزيزتي “ز .ط”..كان الله بالعون..

من المؤكد أن الحب مقابل المال نوع من أنواع الاستغلال، ولا نستطيع إطلاق مسمى الحب عليه، فتلك كلمة لها معان راقية سامية، لا تقوم المادة بتدنيسها.

لقد أخطأتِ في الماضي وما تزالين تخطئين بالاحتيال على أموال زوجكِ بدون علمه، فالحالة الوحيدة التي أباح فيها علماء الفقه أخذ الزوجة من مال زوجها بدون علمه؛ هي أن يكون مقترًا بخيلًا، فتأخذ بقدر الطعام وربما الملبس أو العلاج وفقط، بدون إسراف أو شراء ما لا ينبغي.

لقد ظلمتِ نفسكِ بتحميلها فوق طاقتها، فحينما أمر الله – سبحانه وتعالى – المسلمين بالحج، وهو ركن أساسي من أركان الإسلام، قال“ لمن استطاع إليه سبيلا”..فشرط الاستطاعة تنافى عنكُ، فسرقتِ لتعطي أختكِ.

فعن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة بن ربيعة زوجة أبي سفيان بن حرب، وأبو سفيان من سادات قريش ومن رؤساء قريش، اشتكت على النبي- صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة – وقالت: “يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذته من ماله بغير علمه فهل لي ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بيتكِ”.

“إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب”..فحتى تلك الأموال لن تُحتسب من الصدقات، فعليكِ الآن الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، والعزم على عدم فعل ذلك الذنب مرة أخرى، وإذا كان اعترافكِ لزوجكِ بتلك الأفعال سيهدم منزل الزوجية فلا تقولي له، فهناك ما هو أقوى وهو حفاظكِ على بيتكِ وأولادكِ.

أمَّا تمسك أختكِ- حتى الآن- بالزج بكِ لتأخذين أموالا لها بدون علم زوجكِ، رغم مرور السنوات وتقاضيها راتب يكفيها وزواج أبنائها؛ فهذا من الهراء والافتراء، وكل من أولادها في بيت زوجه له مسؤوليته، لماذا تحتملين كل ذلك؟!.

إن أختكِ عزيزتي تحبكِ “ الحب المشروط”..فالحب مقابل أي شيء مشروط، إذًا فكيف يكون ذلك في العلاقات الإنسانية، والحب هو أساس لكل المشاعر النابعة من الإنسان، إن تلك علاقات مريضة، لا تدل سوى على مفهوم مختلف وليس الحب بأي حال من الأحوال.

عليكِ الآن أن تستفيقي وتنظري للأمام، وتحاولين البحث عن شيءٍ ما يشغلكِ، فيبدو أن لديكِ فراغ عاطفي جعلكِ شديدة التعلق باختكِ، واهتمي بزوجكِ وأولادك وأزواجهم وأحفادكِ، وحياتك بنظرة مشرقة نحو مستقبل أفضل.

منحكِ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلي بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

اقرأ فى هذه السلسلة:

 – “قل شكوتك”.. صورة للحلال في الحرام

– “قل شكوتك”.. كائن من الدرجة الثانية

زر الذهاب إلى الأعلى