أحمد أبو بيبرس يكتب للتاريخ: إنجازات عبد الناصر (2) تأميم قناة السويس

بيان

لنجاح قرار تأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 هذا النجاح الدولي المبهر زخم سياسي كبير وسلسلة تمهيدات سياسية طويلة قلما توقف أحد عندها للفحص والعبرة.

لم يكن القرار الذي اتخذه جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس قرارًا معلقًا في الهواء أو كان قرارًا ناجحًا بمحض الصدفة كما ادعى بذلك بعض الجهلة والمغرضون.

ولست أقصد بذلك الدراسات المطولة التي تمت منذ عام 1953 من الناحية القانونية لسلامة القرار وحدها وإنما:

1- حضور الزعيم جمال عبد الناصر مؤتمر باندونج في إندونيسيا في إبريل عام 1955 كان بمثابة بداية بزوغ نجم جمال عبد الناصر الدولي والذي مهد بعد ذلك لظهور حركة عدم الانحياز بعده وبداية تعرف العالم على مصر ما بعد ثورة 23 يوليو. وقد أكسب المؤتمر مصر دورًا سياسيًا دوليًا بارزًا وعلامة فارقة في السياسة الدولية.

2- في 27 سبتمبر 1955 تم توقيع صفقة الأسلحة التشيكية بين مصر والاتحاد السوفيتي لكسر احتكار السلاح الغربي لمصر. وكانت أول وأكبر صفقة سلاح بين الاتحاد السوفيتي ودولة عربية. وبذلك تأكدت حدوث القطيعة التامة بين مصر والسياسات الإمبريالية الأمريكية البريطانية وبداية الخروج من دائرة التبعية القديمة لهما. مما أدى إلى وقوف الاتحاد السوفيتي في ظهر مصر إبان وقوع العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر 1956 بدعمه السياسي الكبير واستعداده لخوض غمار حرب عالمية ثالثة من أجلها.

3- في 16 مايو 1956 اعترفت مصر بنظام الصين الشعبية. صحيح أن دولة العصابات المتحدة الأمريكية (اعتبرته عملًا لا يغتفر) لكن مقابل ذلك أيدت الصين حق مصر في تأميم قناة السويس لاحقًا وكانت على استعداد لإرسال متطوعين للقتال في صفوف الجيش المصري ضد قوى العدوان الثلاثي على مصر.
مراجعة الإملاء فقط

4- كل تلك الإنجازات التاريخية الضخمة التي تحققت ما كانت أن تتحقق لولا نجاح جمال عبد الناصر في توقيع اتفاقية الجلاء مع قوات الاحتلال البريطاني في 19 أكتوبر 1954 بعد احتلال دام 72 عامًا. لأنه لولا التمكن من التخلص من الاحتلال البريطاني ما استطاعت مصر أن تمتلك إراداتها السياسية بتحررها من الاستعمار لكي تقوم بواجباتها القومية حيال قضايا الاستقلال والتقدم للارتقاء بين الأمم.

5- وقبل ذلك كله كان انتصار جمال عبد الناصر في معركة أزمة مارس الشهيرة 1954 على الخائن الطرطور محمد نجيب ومن خلفه قوى الرجعية والثورة المضادة من الإخوان والإقطاع والشيوعيين وانفراده بحكم مصر بشرعية الثورة بعد إزاحة القوى القديمة المرتبطة بالاستعمار عامل حسم خطير في قدرته على اتخاذ قرارات ثورة يوليو التاريخية الكبرى.

وهكذا يتضح أن قرار تأميم قناة السويس لم يكن قرارًا عشوائيًا نجح بمحض الصدفة وإنما سبقه بناء سياسي واستراتيجي متكاملين على مدار سنوات سابقة شكلا قاعدة رائعة لنجاح عملية التأميم والانتصار في معركة العدوان الثلاثي على مصر بوجود حلفاء أقوياء داعمين لمصر في الساحة السياسية الدولية. وقد خرج الزعيم جمال عبد الناصر من معركة التأميم والعدوان أقوى مما كان وتأكدت زعامته محليًا وعربيًا ودوليًا بفضل جرأته وعبقريته السياسية التي لا مزيد عليها والتي تجعله بحق هو صاحب لقب (سابق عصره) الحقيقي.

اقرأ فى هذه السلسلة:

أحمد أبو بيبرس يكتب للتاريخ: إنجازات عبد الناصر (1) الجلاء

 

زر الذهاب إلى الأعلى