هل يلقى جانتس مصير رابين ؟!
كتب: أشرف التهامي
إسحاق رابين خامس رئيس وزراء إسرائيلي، وتقلّد هذا المنصب في فترتين؛ الأولى من 1974 إلى 1977 والثانية من 1992 حتى قتل بإطلاق الرصاص عليه في 4 نوفمبر 1995 على يد قاتل متطرف دينى يهودي اسمه إيجال عامير، ليصبح رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الوحيد الذي يقضي اغتيالاً.
ويعد رابين من أشهر رجالات البالماخ المتفرعة من الهاجاناه العسكرية.
حادث الاغتيال
في 4 نوفمبر 1995، وخلال مهرجان خطابي مؤيّد للسلام في ميدان «ملوك إسرائيل» (اليوم: ميدان رابين) في مدينة تل أبيب، أقدم اليهودي المتطرّف إيجال عامير على إطلاق النار على إسحق رابين، وكانت الإصابة مميتة إذ مات على إثرها على سرير العمليات في المستشفى أثناء محاولة الأطباء إنقاذ حياته.
تصدع حكومة نتنياهو وتراجع شعبيته
أظهر استطلاع رأي لصحيفة معاريف أن بيني جانتيس حظي بنسبة 50 % من المؤيدين له ليكون رئيسا للوزراء بدلا من نتانياهو. وهذا يظهر تراجع شعبية الحكومة الإسرائيلية الحالية.
كانت الخلافات داخل الحكومة ومجلس الحرب الإسرائيليين قد اتسعت، بعد 149 يوما من الحرب على قطاع غزة، بينما تعالت الأصوات التي تطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتنحي.
ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، شهدت اجتماعات الحكومة الكثير من التوتر وصلت إلى حد تبادل الإهانات والتجريح بين أعضائها.
وفي منتصف شهر يناير الماضي، أثارت مشاركة وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في مظاهرة حاشدة بتل أبيب تعارض الحكومة وتهاجم تعاطيها مع ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، العديد من التساؤلات حول تماسك الحكومة بعد الحرب في غزة.
وتشهد إسرائيل خلافا حادا بين غانتس ونتنياهو، حيث حاول زعيم حزب الوحدة الوطنية وعضو المجلس الوزاري الحربي قبل أسابيع الإطاحة برئيس الوزراء، مستعينا بأعضاء من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، وفق ما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي.
ومنذ تشكيل مجلس الحرب -الذي يرأسه نتنياهو ويضم وزير الدفاع يوآف غالانت وغانتس-تطرقت وسائل إعلام إسرائيلية إلى وجود خلافات في أكثر من مناسبة بين نتنياهو وغالانت من جهة، ونتنياهو وغانتس من جهة أخرى بشأن إدارة الحرب وملف المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
لماذا لا يستطيع نتنياهو السيطرة على بن غفير؟
يعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، من الشخصيات التي حولها جدل كبير في إسرائيل؛ فالوزير الذي ينتمي إلى ما يسمى باليمين المتطرف صاحب التصريحات الأكثر حدة، كطرد سكان غزة، والتهديد بإسقاط الحكومة في صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب مع حركة حماس، ويقود حملة تسليح المستوطنين.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، مردخاي كيدار، يقول إن هناك جناحين داخل الحكومةالإسرائيلية حول التعامل مع الموقف الأميركي والحرب، وهذان الجناحان وفق ما يقول:
الجناح الأول فيه بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
الجناح الآخر يضم نتنياهو وغاتتس، ويتضامن معهما من خارج الحكومة يائير لابيد، زعيم المعارضة.
الجناح الأول يرى أن هناك خطة أميركية لإقامة دولة فلسطينية حتى لو تم توافق إسرائيل، وبن غفير يرفض ذلك، لكن بطريقة عاطفية؛ فهو يعبّر عن أفكاره دون التقيد بسياسة الحكومة، على عكس الجناح الثاني المتمرس سياسيا، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع واشنطن.
في نفس الوقت، فإن تصريحات بن غفير ذات شعبية؛ فهو يعبر عن قطاع كبير داخل المجتمع الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية ويدعم الحرب والاستيطان.
رئيس الوزراء حاول كثيرا السيطرة على تصريحات بن غفير، لكنه فشل، وتأتي قوة بن غفير من كونه شريكا في التحالف الحكومي، وهو قادر على إسقاط الحكومة لو نفذ تهديده بالانسحاب منها.
بدوره، يقول المحلل السياسي جاسبر فيند، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن حكومة الحرب لا تضم جناحين فقط، بل ثلاثة:
الأول، هو جناح حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو.
الثاني، هو جناح اليمين المتطرف بقيادة بن غفير.
الثالث، هو جناح غانتس القادم من المعارضة.
ووفق فيند، فإن لكل جناح منهم حساباته الخاصة، لكن جناح اليمين المتطرف غالبا ما يثير غضب الباقين بسبب تصريحاته المنفلتة، وهذا ناتج عن أن المنتمين لليمين المتطرف حديثو عهد بالحكومة، ويحركهم ما يغازل المستوطنين.
كما أن الباحث في الشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين من عرب 48 (المقيمين داخل إسرائيل)، يرى أن تصريحات بن غفير “ليست مجرد ذلة لسان، لكنها استراتيجية تنم عن عقيدة لديه، بأن إسرائيل لا يجب أن تلتزم بشروط في علاقتها مع الولايات المتحدة، وهذا يكشف عدم تمرسه السياسي”.
وعن الفرق بين نتنياهو وبن غفير، يقول جبارين إن رغم التوافق بينهما في عدة ملفات فإن نتنياهو يتعامل بشكل سياسي برغماتي، خاصة في قضية الاستيطان، بينما يتحرك بن غفير من منظور توراتي؛ ما يسبب إحراجا دبلوماسيا لإسرائيل.
من هو إيتمار بن غفير؟
إيتمار بن غفير محام وناشط سياسي إسرائيلي يعرف بانتمائه لليمين المتطرف، رئيس فصيل “العظمة اليهودية” (عوتسما يهودت)، وأحد أعضاء الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، ومشارك أكثر من مرة في محاولات اقتحام المسجد الأقصى. وتولى بن غفير منصب وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوم 29 ديسمبر الأول 2022.
عرف بعنصريته تجاه العرب وانتمائه لحركات معادية لوجودهم في فلسطين منذ مراهقته، فقد انضم وهو ابن 16 عاما لحركة الشباب التابعة لـ”مولديت”، ثم لحركة “كاخ” المؤسسة عام 1972 بزعامة الحاخام المتطرف مائير كاهانا.
وبعد إتمامه الثانوية، انضم لمدرسة “الفكر اليهودية”، وانخرط بعد ذلك في جيش الاحتلال الذي أعفي من الخدمة الإلزامية فيه بعد عامين من انضمامه بسبب مواقفه اليمينية المتشددة، وقد علق بن غفير على ذلك في تصريح لصحيفة إسرائيلية قائلا “لقد خسرني الجيش الإسرائيلي”.
بن غفير و إغتيال رابين؟
دخل إيتمار بن غفير السياسة عام 1995 وهو ابن 19 عاما، عقب توقيع “اتفاقية أوسلو” بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في سبتمبر 1993، فقد ظهر أمام الكاميرات وهو يحمل زخرفة مزقت من سيارة كاديلاك الخاصة بإسحاق رابين -رئيس الحكومة آنذاك-وقال “استطعنا الوصول إلى السيارة، وسنصل إلى رابين أيضا”.
وقد اغتيل رابين بعد أسابيع من تلك الحادثة، وقاد بن غفير حملة لإخلاء سبيل قاتله.
دفاعه عن “المارقين”
درس بن غفير القانون وتخرج من كلية أونو الأكاديمية للحقوق عام 2008، ثم عمل مساعدا برلمانيا لمايكل بن آري عضو حزب الاتحاد الوطني اليميني، وحاول الانضمام إلى نقابة المحامين، لكن طلبه رفض بسبب سجله الجنائي ولتورطه في مظاهرات وأنشطة لليمين المتطرف.
فقد دافع في 2006 عن مراهقين اتهما بالمشاركة في حادثة حرق متعمدة بقرية دوما، راح ضحيتها زوجان وطفلهما، كما حوكم في القضية نفسها بنتزي غوبشتاين رئيس جماعة “لاهافا”، وهي حركة “متشددة” تدعو لمنع الزواج بين اليهود وغيرهم، وأدين بالتحريض على العنصرية في 2007 بسبب حمله لافتة كتب عليها “اطردوا العدو العربي”.
وردا على رفض نقابة المحامين انضمامه إليها، قاد بن غفير احتجاجا على قرارها حتى سمح له بالانضمام عام 2012، واجتاز اختبار النقابة بعد محاولات.
استمر بن غفير في تمثيل من وصفتهم الصحف الإسرائيلية بـ”المستوطنين المارقين”، مثل “شباب التلال” المتورطين في بناء مستوطنات غير قانونية، وقد سماهم بن غفير “ملح الأرض”، في حين اعتبرهم غالبية الإسرائيليين جناة.
وقال بن غفير لصحيفة إسرائيلية “لا أفعل هذا لأجل المال، وفي أحسن الأحوال أغطي نفقات بنزين سيارتي فقط، وسبب فعلي هذا هو إيماني بأن هؤلاء الأشخاص بحاجة لمساعدتي”.
فهل سيصل ايتمار بن غفيرو مؤيديه لغانتس؟
هذا ما ستخبره عنه الأيام والأحداث القادمة.