أحمد عاطف آدم يكتب: فرائس وذئاب فيسبوكية (٣)
أنا بطبيعتي لا أميل إلي ارتكاب أخطاء تصل إلى حد المعصية أو الخيانة لأنني تربيت علي الفضيلة واحترام خصوصيات الآخر وليس اختراقها.
وربما تتفق معي أيضا صديقي الكاتب بأن هناك فرق كبير بين ترسيخ الفضيلة لدي الأبناء بالكبت والقهر وبين الحرية المقترنة بالثقة الحذرة، بمعني أن كل ولي أمر طبيعي يجب أن يعامل أبناءه بتوازن، لا أن يدفعهم إلي ما أعاني منه الآن من فراغ.
كنت طفلًا ذكيًّا منطلقًا يسأل عن كل شيء حتى فاجأني والدي بالصد وعدم الرد، لا يريدني أن أقول رأيي في شيء ولا يدعمني من خبراته كلما سألته، فقط أسمع في صمت، مما أضعف شخصيتي وصبغها بالعنف وعشوائية رد الفعل.
في المدرسة كان بنياني قوي يفرض السيطرة المطلوبة علي الزملاء لإسقاط عُقدي الدفينة، أفتعل “خناقة” يوميًا للتعدي علي أحدهم بالضرب المبرح، كُرههم لا يشغلني، بل رهبتهم كانت كفيلة بانتشائي وإرضاء غروري.
بمرور الوقت وبعد زواجي ووصولي لمرحلة الخرس الزوجي أو “كل واحد مع نفسه”، اقتحمت التواصل الصامت مثل “الفيس بوك”، فتلك البيئات الخصبة اكتشفت أن اعتمادها سيكون وسيلة اتصالية فعالة للخلاص من عشرة زوجتي الكئيبة والدلوف لهذا العالم الهلامي، عالم لا يراك فيه من تتطفل عليهم بعقدك، كما وجدتها تجربة واعدة للتعرف علي المعذبين أمثالي.
“ن” صديقة مثالية ساقها القدر لمصادفة طريقي بالجروب بعد تعليقها علي “بوست” أتابعه وتفاعلي معها، فهي تعاني من جحود وقسوة زوجها كما ذكرت لك سابقًا.
قبلت طلب صداقتي وبدأت الفضفضة معي علي تطبيق التواصل النصي.
إنسانة رقيقة صريحة ومهذبة لكن زوجها حرمها من الرومانسية التي تقدر تلك الصفات، لدرجة أنها خصصت لحسابها فى الفيسبوك صورة طفلة باكية تدل علي شقائها وتعاستها.
بدأ كلا منا يعترف للآخر .. أخبرتها بأن زوجتي مملة كئيبة عندما تجلس معي تشتكي كل شيء في الحياة ومن الروتين بالعمل حتي الأجواء الحارة، مع العلم بأن كل غرفة بشقتنا مزودة بجهاز تكييف، مشكلتها الكبرى أنها عدوة الرومانسية ولا تجيد قول كلمة واحدة تلهب الجو رغم أنها تعيش مع رجل وسيم تغار عليه من “طوب الأرض”.
والآن صديقي الكاتب ما رأيك في علاقتي بتلك السيدة وطريقتي في الوصول إلي قلبها وأسرارها.
أنا: سأتركك تكمل حديثك لكنني أعترض علي خداعك لها،، وهل نسيت يا رجل في بادئ حديثك معي القول بأنك بعيدًا عن الوسامة، أنت من اعترفت بذلك، لماذا كذبت علي تلك السيدة إذا وأخبرتها بأنك وسيم!؟، ولماذا تفتري علي زوجتك المسكينة وتقول بأنها شكاءة، هل نسيت أيضًا بأنها بدأت طريقها معك بالصبر بعد رحلة طويلة من الضغوط في بداية حياتكما.
وللحديث بقية.