د. ناجح إبراهيم يكتب: الأم والأمة

بيان

الأم والأمة صنوان, الأم الصالحة نواة الأمة الصالحة, والعكس صحيح, الأم أمة وحدها, الأم هي أقدس شيء بعد الرب سبحانه, هي أقرب شيء لعطاء الربوبية, فالله يعطي بغير حساب, ودون من َّ, ويعطي من يطيعه ومن يعصيه من عبادة, لا ينتظر مقابلاً من عباده.
• والأم – ولله المثل الأعلى – هي أقرب شيء لعطاء الرب سبحانه – فعطاؤها متواصل لا ينقطع ودون منَّ ولا أذى ولا انتظار مقابل وتعطي أولادها جميعاً من يطيعها ومن يعصيها تشفق علي العاصي من أولادها وتمنحه مئات الفرص لكي يثوب إلي رشده ولا تقطعه أبداً.
• إذا أردت أن تعرف عطاء الأم الحقيقي فتأمل ألاف الأمهات حول أسرة أطفالهن المرضى في المستشفيات, أو خارج غرف العلميات والعناية المركزة ساهرة ليالي متواصلة, لا يغمض لها جفن, تنام وهي جالسة, وقد تفترش الأرض أمام المستشفيات العامة, حيث يكون ابنها مريضاً داخل المستشفي, وهي تتذلل تارة للطبيب أو الممرضة أو أفراد الأمن, ولا يهدأ بالها إلا حينما تعود بابنها المريض إلي المنزل.
• لك أن تقترب من أي أم لها ابن مريض في المستشفي لتسمع دعاءها وتوسلاتها لربها من أجل شفاء ابنها .
• الأم هي الوحيدة المستعدة لتبيع كل شيء لعلاج ابنها ابتداءً من حليها “ذهبها” وانتهاءً بالتسول من الآخرين لتجمع أجر جراحة أو أشعة أو جلسة كيماوي أو إشعاعي.
• الأم هي الوحيدة التي تتمني مرضها وشفاء ابنها, وفقرها ليغتني ابنها,وتعبها ليستريح ابنها.
• أكثر ما يحزنني أنني كنت أهم أسباب عنت أمي ومشقتها وسفرها وترحالها إلي المعتقلات والبلاد التي لم تكن تعرفها، كم حملت الطعام والشراب، كم باتت في عز البرد والمطر انتظاراً للزيارات، وما أدراك ما يلقاه الزائر من عنت ومشقة وكدر فوق كدر السفر، وأحيانا يرد علي عقبيه بعد أن قطع مئات الكيلومترات وانتظر ساعات بحجج واهية، كل ذلك وهي تخفي عني ألمها وأحزانها.
• لم توبخني يوماً رغم استحقاقي لذلك،لم تهجرني أو تلومني أو يتكدر صفوها نحوي رغم أنني جدير باللوم والتقريع وذلك من حكمتها ورقة مشاعرها وحسن سياستها لأولادها.
• أمي قصة كفاح طويلة جداً ، كنت أنا واحداً من فصولها، كان أعظم دعائها أن تراني قبل أن تموت والحمدلله تحقق ذلك،وكانت أروع لحظة جمعت بيننا بعدها حينما سددت لها بعض دينها باستضافتها في رحلة الحج لنعيش سوياً أجمل الحظات في رحاب البيت الحرام وروضة النبي الكريم.
• الأم هي الوحيدة المستعدة أن تضحي بنفسها من أجلك, وأن تذهب لجميع أقسام الشرطة خلف ابنها, وأن تذهب إلي جميع سجون مصر خلف ابنها, وهي الوحيدة المستعدة أن تطوف بابنها مستشفيات مصر, وهي الوحيدة التي تدعم ابنها المخطئ حتى لو كانت تكره خطأه, وتكره أن تفضحه أو يفضحه أحد, تعرف خطأه ولكنها لا تقسو عليه في محنته, بل تطيب خاطره, وتقوي عزيمته ,وتشد من أزره, وتدعوه للمراجعة والتصحيح, وتسانده حتى ينهض من كبوته, ويقوم من سقطته,ولا تمن عليه بعطائها مهما كثر وغلا وطال, أنها نفثة ربانية تركض علي الأرض.

اقرأ أيضا للكاتب:

د. ناجح إبراهيم يكتب: يحدث في الحرم المكي

د. ناجح إبراهيم يكتب: فى وداع رجل المهام الصعبة د. أحمد شريت

زر الذهاب إلى الأعلى