ما بين 8 إلى 16 عامًا.. حكاية أطفال قادوا المسئولية منذُ الصغر

كتب: إسلام فليفل

155 ألف طفل فى مصر تتراوح أعمارهم ما بين 8 إلى 16عامًا، يحلمون بغذ أفضل ويحملون على عاتقهم مسئولية إعالة اسرهم، ليشكلون نسبة عمالة بواقع 40 فى المائة، الظاهرة ليست جديدة ولكنها فى تزايد، لذا ندق ناقوس الخطر حول أطفال حملوا أعباء أسرهم منذ الصغر وكأنهم أصبحوا آباء مسئولين عن الأسرة رغم أن معظمهم أعمارهم صغيرة.

خلف ابتسامته العريضة يخفى محمد عبد الجواد، 8 أعوام، حزنًا جمًا وإرهاقًا لا يليق بطفولته، مؤكدًا أنه تلميذ بالصف الثالث الإبتدائى، وأقصى طموح والده، عامل اليومية، أن ينال محمد تعليمًا عاليًا ينتشله من الفقر والعوز.

ويتابع: كان أبى يدخر الأموال مع والدتى من أجل مصاريف المدرسة ولكنه أصيب مؤخرًا بسرطان فى المخ وجلس قعيدًا بالمنزل، رافضًا مقاومته بالعلاج حتى لا يضطر إلى سحب أموال تعليمى، مما دفعنى إلى النزول إلى سوق العمل، حيث تخبز أمى وخالتى خبزًا فلاحى وأبيعه أنا بالشارع منذ الساعة 5صباحًا حتى الثامنة ثم أتوجه إلى مدرستى على الفور.
يفيد محمد بأن خالته لا تتقاضى أجرًا على مساعدة أمه، وأن مكسبه يوميًا 40 جنيهًا بحد أقصى و10جنيهات بحد أدنى تكفى لشراء طعام الأسرة، لافتًا إلى أنه يتوقع يوميًا سماع خبر وفاة والده الرافض للعلاج، لكنه مُصر على النجاح فى التعليم وأن يصبح محاميًا تحقيقًا لرغبة والده.

قصة أخرى بطلها متولى رجب 8أعوام الذى يستيقظ يوميًا مع آذان الفجر، متوجهًا إلى ورشة الميكانيكا التى يملكها والده، ويتابع عمله فى مساعدته بإصلاح السيارات، وفى تمام الساعة الثامنة يغير ملابسه على عجلة من أمره ليذهب إلى المدرسة، لكنه لا يسلم من تهكم زملائه على الشحم العالق على يديه وملامح وجهه، ولكنه هذا العام تسرب من التعليم بعدما حرقت يد والده، وأصبح قعيدًا، وبالتالى أصبح هو عائله الوحيد خاصة وأنه ليس لديه أشقاء وأمه متوفية.
متولى الذى يعمل فى ورشة الميكانيكا، يؤكد أنه يشعر بالسعادة والرضا عندما يحصل على اليومية التى لا تتجاوز ال35جنيهًا.

بينما يرى أسامة ياسر فوزى، البالغ من العمر 14 عامًا، أن رسالته فى الحياة هى رعاية والديه اللذين يعانيان من الصمم.
الجميع يرون حياة أسامة مأساة ولكنه يراها مسئولية، حيث أصبح أذان ولسان والديه، فالأب الأصم امتهن الخياطة، وتزوج من فتاة بنفس ظروفه وغادرا محافظة المنوفية بحثًا عن فرصة حياة أفضل فى القاهرة فنزلا بمنظقة إمبابة، وبالفعل استطاع تكوين قاعدة لا بأس بها من الزبائن، وجعل الأب شغله الشاغل تعليم المهنة لأسامة إلى جانب التعليم، فأصبح أسامة طالبًا بالصف الثالث الإعدادى فضلًا عن كونه وسيلة التواصل بين والده والزبائن حيث يترجم لغة الإشارة إليهم.
فى يوم الإجازة يصاحب أسامة والدته إلى السوق ليترجم لغة الإشارة إلى البائعين فتشترى احتياجات الأسرة، وفى النهاية يؤكد أنه من الواجب خدمة والديه حتى آخر يوم فى عمره.

أما أحمد حسين الطفل البالغ من العمر 16 عامًا، توفت والدته منذ ولادته حيث كانت تعانى أمراضًا بسبب كبر سنها، أما والده البالغ من العمر 70عامًا فيعمل عامل نظافة ويعاونه أحمد منذ بلوغة ال5أعوام فى جمع القمامة.
يستكمل أحمد قصته قائلًا: تنازلت عن حلم التعليم نظرًا لظروف الفقر المدقع الذى نعيشه وأعمل فى جمع القمامة منذ الفجر ولكن الحلم الذى يراودنى حاليًا هو التعيين بالهيئة العامة للنظافة مثل والدى حتى أصبح موظفًا حكوميًا.

بينما يستنكر الدكتور عزيز أحمد أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، غياب الدراسات الاجتماعية حول ظاهرة عمالة الأطفال التى تغزو المجتمع المصرى، مؤكدًا أن أسباب هذه الظاهرة تعود إلى الفقر واهتراء المنظومة التربوية والتعليمية.

فى المقابل تؤكد الدكتورة عزة العشماوى، رئيس المجلس القومى للطفولة والأمومة، أن قضية عمالة الأطفال على رأس اهتمامات المجلس، موضحة أن وزارة الصحة تعاونت مع برنامج الغذاء العالمى بدعم من الاتحاد الأوربى، لتعزيز اتاحة الفرص التعليمية ومكافحة عمالة الأطفال فى مصر.

زر الذهاب إلى الأعلى