“ليتُن يتعلّمن منهُن”.. القراءة تداوي “نساء الفقر” في أعمارهن المتأخرة

كتب: إسلام فليفل

نساء تتأرجح حياتهن بين البساطة والفقر، لكنهن خرجن عن المعتاد، فهن لسن أصحاب شهادات، لكنهن تمردن على جهلهن، وقررن مواكبة العصر والأحداث، عبر تثقيف أنفسهن، وقضوا أغلب وقتهن فى القراءة والتعلم لمواكبة الأحداث الجارية ليعملوا بالحكمة القائلة “العلم فى الراس مش فى الكراس”.

افرأ أيضا.. السعودية تتبرع بـ3 ملايين دولار من أجل التعليم

“خضرة” سيدة خمسينية صاحبة جسد ممتلئ، سمراء الوجه وصاحبة عينين بنيتين، تشيران إلى جمال نيل الأقصر، حيث نشأت، يزين ذقنها وتد مدقوق، تحمل تقاسيم وجهها آثارًا لتجارب شاقة عاشتها خلال سنوات عمرها، وتحملت عبء تربية أولادها الخمسة بعد موت أبيهم، فهي تعمل حارسة عقار بشبين الكوم، حين تمر عليها ستلاحظ الكتاب، لا يفارق يدها، تغوص وتختبىء تحت طرحتها الملفوفة على رأسها لتنعزل عن العالم الذى حولها، وتسرح فى عالمها الخاص بها، فتتحول بين سطور الكتاب الممسكة به.
قالت خضرة، إنها لا تمر من تحت يدها ورقة إلا وتقرأها، فهي تحب القراءة منذ زمن وتسلي بها نفسها، وهي جالسة تحرس العقار والسيارات التى أمامه.
وأضافت أنها تقرأ جريدة الأخبار يوميًا لتعرف الأحداث الجارية وما يدور بالبلد، لكنها لا تحب الكلام فى السياسة، وبطريقة منمقة وحديث يغلب عليه الثقافة، أوضحت أنها أيضا تحب أن تقرأ القصص البوليسية، وقصص الخيال العلمى ورواية كوكتيل للكاتب نبيل فاروق.
وأشارت إلى أنها تمتلك مجموعة من الكتب تقرأ منها، كما تعير بعض الكتب لمن يريدها من الأقارب والأصدقاء.
بجانب ثقافة خضرة ووعيها المنقطع النظير فهى امرأة مصرية قوية ربت بنتين وثلاثة  أولاد بعد وفاة زوجها فالبنت الأولى زهرة خريجة هندسة والثانية رنا خريجة كلية الآداب، أما الأولاد فقد اكتفوا بالدبلوم على حد قولها.
“خضرة” ليست الوحيدة  فغيرها الكثير اللاتى تمردن على حياتهن، منهن “أم قاسم” تلك السيدة ذات الستين خريفًا، تجدها مفترشة  الرصيف، بعد أن أخذت من الشارع سكنًا لها، فهى تجلس فى شارع المرور أمام جامعة القاهرة، تلتف ببطانية تفرشها تحتها لتنام عليها ليلًا وأمامها قفص عليه علب المناديل وبجوارها عدد من كتب التفسير والسنة والفقه وكتب للشعراوى وغيره أغلبها كتب دينية، ترتدى نظارتها المقعرة وتقرأ فيهم فى أغلب الوقت لتسلى نفسها، وفى آخر النهار تجد الكثير من قطط الشارع بجوارها تتقاسم معهم أكلها.
“أم قاسم” قالت، إنها تشفق على قطط الشارع من السيارات التى تدهسن دون رحمة ولا شفقة، مضيفة أن أبناؤها الأربعة لم يعدوا يسألون عنها، بعدما خسرت كل مالها وفقدت منزلها منذ ثلاث سنوات.
وأشارت إلى أنها لا تريد أن تجلس فى دار للمسنين لأنها تخشى أن تعامل بطريقة سيئة، فهى تشعر بالراحة فى الشارع، وتقضى معظم الوقت تقرأ كتب الشعراوي وتتلو آيات من القرآن وتصلى الفروض فى أوقاتها ويؤنس وحدتها القطط التى تطعمها ليلا وينامون بجوارها.

زر الذهاب إلى الأعلى