د. محمد إبراهيم بسيوني يكتب: التنوير وحرية الفكر والسفسطة
بيان
يقولون نحن نريد كسر باب الجمود والكهنوت وتأصيل التنوير وحرية الفكر ولا تهمنا التوابع، فهم بهذا يجعلون حرية الفكر غاية وهذا خطأ.
حرية الفكر وسيلة للوصول إلى الحقيقة.. ويجب أن تخضع لقواعد العلم والعقل وإلا تحوّلت إلى سفسطة.
التنوير من زاوية هؤلاء هو هدم الثوابت الدينية والتلاعب بها، وعندما يشارك الملاحدة دعاة التنوير يعملون صدمة مرعبة لدى الناس ينتج عنها الرفض المطلق للتجديد والتصحيح واتهام كل من يدعو لذلك بالزندقة.
عقل هؤلاء يبحث عن مسائل تعدد الزوجات ورضاع الكبير وبول الإبل قبل البحث عن الله ورسوله والماورائيات.
ومن أمثلة ذلك الحملة على صحيح البخاري فهي في الأساس دعوة لفتح باب النقد مع حفظ مكانة البخاري وقيمته العلمية، لكن استغلها الملاحدة وبعض الشيعة لتصفية حسابات وتمرير أجندات
وتحوّل المشروع من دعوة للتصحيح والاعتدال إلى تطرف مضاد في قبول البخاري بلا نقد أو رده كله بلا تفصيل.
بعض هؤلاء الناس يتعامل مع الشرع بنظرة مادية فيرفض بعض المقررات الشرعية لعدم القدرة على تصورها ذهنياً.. ونسي أن الإيمان بالله من الأساس هو أمر ما ورائي.. ولو تعاملنا معه بالمادية الجامدة فلن ندخل الإيمان.. من الخطوة الأولى.
مناقشة هؤلاء في جزئيات الشريعة (الرق، الميراث أو الفتوحات) خطأ منهجي، ناقشه في الله ورسوله.. فإن آمن لن يضره عدم استيعابه لبعض تفاصيل الشريعة.. وإن لم يؤمن فمناقشتها معه لا تُثبت الإيمان ولا تنفيه، ناقش الأصل أولاً ثم الفرع
أخيرا أكبر عدو لمسيرة التنوير الديني هو العبثيات التي تصوّر دعاة المراجعات الدينية على أنهم مجرد زنادقة لا هم لهم إلا العبث في الدين باسم الدين والقرآن، ولذلك أرى أن هؤلاء يستحقّون النقد والمقاومة أكثر من الأفكار السلفية، فالسلفيون يقودوننا للتشدد وهؤلاء يقودوننا للكفر.