طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين ؟

هجوم صاروخى غير مسبوق شهدته جبهة شمال إسرائيل حيث قصف حزب الله اللبنانى مواقع عسكرية ومدنية بأكثر من 270صاروخ ردا على استهداف إسرائيل للقائد أبوطالب وهو قيادى رفيع المستوى في قوة النخبة بحزب الله وهى قوة الرضوان وأعلنت هيئة البث اسرائيل ان صواريخ حزب الله أصابت أهدافها بشكل مباشر ووصل بعضها إلى طبرية وهو مايفتح الباب على مصراعيه أمام حرب مفتوحة على جبهة لبنان وهو مأزق رهيب لإسرائيل فى حالة خوض الحرب وكذلك فى حالة عدم خوضها وخصوصا بعد إعلان اسرائيل مرارا وتكرارا عن حل دبلوماسي في جبهة الشمال وتردد سبعة دبلوماسيين غربيين فى جولات مكوكية إلى لبنان.

بخلاف إعلان حزب الله عن امتلاك مليون صاروخ و طائرة مسيرة مجهزة للإنطلاق وتوقعات بقصف حزب الله لإسرائيل يوميات بأكثر من أربعة آلاف صاروخ خلال الأيام العشرة الأولى للحرب المنتظرة.

وإسرائيل فى تقديرى لن تقدم على فتح جبهة القتال مع حزب الله دون ضمان تدخل أمريكى مباشر فى الحرب إلى جانب اسرائيل وليس مجرد دعم لوجيستى وهو أمر لن تصمت عليه إيران التى ستجد نفسها منخرطة فى الحرب لإنقاذ حليفها الأول حزب الله وهو مايفتح المنطقة كلها على خيار الحرب الإقليمية التى وبالتأكيد ستشهد تصعيد الحوثيين والمقاومة الإسلامية في العراق والتى تستهدف ميناء حيفا على فترات متباعدة.

العقبة الرئيسية أمام فرضية تدخل الولايات المتحدة الامريكية المباشر إلى جانب اسرائيل هو الفاصل الزمنى للإنتخابات الرئاسية الأمريكية بعد عدة أشهر.

صمت اسرائيل على ثلاثين ألف متر مربع من الحرائق في الشمال نتيجة صواريخ حزب الله ليس مقبولا من المجتمع الإسرائيلى وخاصة المستوطنون في الشمال وتحديدا كريات شمونة التى يصرخ سكانها من استهدافات حزب الله ولكن مجلس الحرب((الكابينت)) يضع فى اعتباره تسعة أشهر من إنهاك قتالى في غزة وحصار بحرى على ميناء إيلات فى أطول حرب على الإطلاق تنخرط فيها إسرائيل بخلاف الروح المعنوية المتردية لجنود جيش الدفاع وخاصة قوات الاحتياط التى تم إستدعاء بعض أفرادها أكثر من أربعة مرات ناهيك عن رفض الحريديم المطلق للتجنيد في القوات الإسرائيلية بالإضافة إلى الخسائر الفادحة اليومية فى غزة وخاصة فى رفح وهى كلها موانع ضخمة أمام فتح جبهة جديدة في الشمال مع حزب الله.

على مسار المفاوضات قام إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وزياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي بتسليم رد الفصائل الفلسطينية على مقترح بايدن وهو الرد الذى أعلن بلينكن وزير الخارجية الأمريكى بأنه غير وجه المبادرة حيث تقف نقاط ثلاثة كعقبات منيعة أمام إقرار المبادرة وهى:-
أولا:
إصرار الفصائل الفلسطينية على وقف شامل لإطلاق النار مقابل إصرار إسرائيلى على هدنة مؤقتة.
ثانيا:-
إصرار الفصائل الفلسطينية على انسحاب شامل للجيش الإسرائيلى من كامل قطاع غزة مقابل إصرار إسرائيلى على الإنسحاب من المناطق المأهولة بالسكان فقط بما يضمن لها البقاء في ثلث القطاع.
ثالثا:-
إصرار الفصائل الفلسطينية على عودة جميع النازحين إلى منازلهم مقابل إصرار إسرائيلى على عودة النساء والأطفال والرجال فوق عمر الخمسين عاما فقط.
هذه هى العقبات الثلاثة التى تمنع التوصل إلى أى إتفاق وهو مادفع بلينكن إلى إتهام الفصائل الفلسطينية بأنها العقبة أمام الإتفاق وهو إتهام باطل يخفى رغبة أمريكا فى توفير غطاء الإنقاذ لإسرائيل بتحقيق ماعجزت عنه فى الحرب بإنجاز على طاولة المفاوضات.
وواضح للقاصى والدانى أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك متقدم في الحرب إلى جانب اسرائيل وليست الوسيط الذى يلعب دور الوساطة الحيادية وينصب كامل الإهتمام الأمريكى على تجريد الفصائل الفلسطينية من ورقة الأسرى وانتزاعهم في المرحلة الأولى خلال ستة أسابيع وبعدها تستكمل اسرائيل حربها للقضاء علي الفصائل الفلسطينية وكامل الشعب الفلسطيني.
هذا هو الموقف الحقيقى للإدارة الأمريكية المتشددة في إستكمال الحرب أكثر من نتنياهو نفسه واتضح ذلك جليا في الدعم الأمريكى غير المحدود لعملية إطلاق سراح أربعة رهائن إسرائيليين في مخيم النصيرات وعدم انتقاد إستخدام اسرائيل لشاحنات المساعدات فى هذه العملية وهو أمر تمنعه القوانين الدولية.
وكما توقعت وكتبت هنا مرارا وتكرارا فإن مسرح العمليات العسكرية هوفقط الذى سيضع نهاية لحرب غزة ويفرض الواقع على طاولة المفاوضات وليس العكس وهذه الفرضية تنحاز تماما إلى الفصائل الفلسطينية الثابتة منذ أكثر من 250يوما والشعب الفلسطيني الصامد الأسطورى.
الأيام المقبلة ان شاء الله ستشهد أقوى الإشتباكات على الساحة الميدانية وكذلك على طاولات التفاوض ولكنها لن تكون الأيام الأخيرة فى عمر هذه الحرب الضروس التى لم يشهدها الشرق الأوسط منذ زمن بعيد.

اقرأ أيضا للكاتب: طارق صلاح الدين يكتب: طوفان الأقصى إلى أين 29

زر الذهاب إلى الأعلى