محمد أنور يكتب: الجواهر المائة.. الجوهر الثالث: الأمثال في القرآن
نتعرف على المثل من أهل علوم القرآن فالمثل وسيلة إدراك ما لا يمكن إدراكه، وقال عنه الأدباء بأنه القول السائر الممثل بمضربه أى المشبه حالة مضربه بحالة مورده أى الحالة التي ورد فيها القول، وهو استعارة تمثيلية مبنية على التشبيه المركب.
يتميز المثل بإيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية، ولقد وردت الأمثال في القرآن الكريم بكثره، وجاءت مشرقة بمكانتها، وتعلو وتسمو بمنازلها وتعظم لما تضمنه من أحكام، ولقد امتن الله تعالى على الناس بضرب الأمثال في القرآن الكريم، قال الله تعالى: ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل….) ، وكانت الأمثلة من الأسلحة الفعالة التي كان لها أثرها الفعال في الصراع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين خصومه.
أحرقت الأمثال القرآنية كل أباطيل المبطلين، وكانت نورا كشف للناس ألغى من الرشاد، والهدى من الضلال ويميز الله به الخبيث من ن الطيب، وجاءت هذه الأمثال القرآنية احقاقا للحق وازهاقا للباطل وحكم للشىء او عليه، وفيها العبرة لمن أعتبر، والتذكرة لمن شاء أن يتذكر.
قال الله تعالى ( ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون) وجاءت الأمثال أيضا كتشريعات وأحكام، ومنها الأمثلة الكامنة وهى التى لم يصرح فيها بلفظ التمثيل ولكنها تدل على معان رائعة في إيجاز يكون لها وقعها إذا نقلت إلى ما يشبهها.
وجاءت الأمثال كنوع من الأمثال المرسلة وهى جمل أرسلت ارساالا من غير تصريح بلفظ التشبيه فهى آيات تجرى مجرى الأمثال ومن أمثلة ذلك قوله تعالى ( الآن حصحص الحق)،( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم).
ومن فوائد الامثال إبراز المعقول في صورة المحسوس، وكشف الحقائق وعرض الغائب في معرض الحاضر، وجمع المعانى المسهبة في عبارات موجزة، وقد يضرب المثل للتنفير والنهى عنه كما في قوله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) ، ويضرب الله المثل في المدح لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الله تعالى ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم……الخ).
لا تقل الامثال شأنا ولا خطرا في السنة النبوية الشريفة عنها في القرآن الكريم، والأمثال أوقع في النفوس وأبلغ في الوعظ وأقوى في الزجر وابهى في الإقناع، فالمثل هو القول الموجز السائر الممثل مضربه بمورده، ولكل أمة أمثالها وهى خلاصة تجاربها ومحصول خبراتها، ولقد بلغت الأمثال القرآنية غاية الأهمية لما بلغته من براعة التصوير ودقة التعبير ولتناولها كل ما من شأنه أن ينير للإنسان طريقه في الحياة ويبدد أمامه ظلمات الجهل والضلال.