د. محمد إبراهيم بسيوني يكتب: ثورة 23 يوليو: تقييم موضوعي أم أحكام مسبقة؟

بيان

اثنان وسبعون عامًا من الجدل حول ثورة يوليو 1952: بين من يراها مجموعة من المساوئ والأخطاء القاتلة التي أدت في النهاية إلى نكسة يونيو، وبين من ينظر إليها نظرة دوجماتية خالية من العيوب والأخطاء أو يعتبر أخطاءها أشياء طبيعية لا يمكن تجنبها في ذلك الوقت، معتبراً أن قوى الشر كانت متربصة متحفزة تحاول القضاء على الثورة منذ قيامها بكل وسيلة ممكنة.

عند تقييم أي حدث تاريخي قديم أو حديث، لا يجب أن ننزعه من سياقه التاريخي والظروف المحيطة به. بمعنى، لو أردنا تقييم تجربة ثورة يوليو 1952، يجب تقييمها في ضوء القوى العظمى التي كانت موجودة في عصرها، وكذلك في ظل وجود الاحتلال ومشاكل اجتماعية ضخمة وحالة انكسار شعبي كانت سائدة في ذلك الوقت.

أَكِيدًا، تجربة الرئيس جمال عبد الناصر ورفاقه كان فيها سلبيات، لكن أعتقد في ضوء ظروفها المحيطة، سنجدها تجربة ناجحة. هذا الكلام ينطبق على أي تجربة أو حدث تاريخي قديم أو حديث.

بين محب لا يرى سوى المحاسن وكاره لا يرى سوى المساويء، لا مكان للتقييم الموضوعي. المحبة والكراهية مشاعر، والمشاعر لا تصلح للحكم على معطيات التاريخ.

أغلب من يتناولون هذا الحدث يعتمدون أسلوب مشجعي كرة القدم، أي الانحياز التام لفريقهم بغض النظر عن الحقائق. لا أحد يفعل ما نفعله نحن بتاريخنا، والسبب أخطاء منهجية عند تقييم أحداث وشخصيات التاريخ.

أول خطأ منهجي عند تقييم أحداث وشخصيات التاريخ هو استعمال معيار العصر الحالي في التقييم. الثاني تجاهل كافة الاحتمالات الأخرى التي كان من الممكن أن تسير بها الأحداث، إما سلبًا أو إيجابًا. الثالث تلوين الأحداث والشخصيات والاستدلال بمصادر تاريخية منحازة مع أو ضد. هذه أبرز الأخطاء المنهجية، بالإضافة إلى الهوى والميول السياسي والأيديولوجي، وأهمها السطحية ونقص المعرفة. انظر إلى كل هذا، ثم ابدأ تقييمك.

اقرأ أيضا للكاتب:

زر الذهاب إلى الأعلى