طارق متولي يكتب: أنا الذى يشاغب ويعارض ويطالب
ليست كل اختيارات الإنسان دائما صائبة، وألا لما وقع الناس فى الأخطاء بل إن حياتنا كلها تجارب قد تنجح وتكون صحيحة وقد تفشل وتكون خاطئة.
كم تمنيت اشياء بشدة ودعوت الله كثيرا أن يحققها لى ثم اكتشفت انها كانت ستضرنى ‘ وحمدت الله أنه لم يستجب دعائى ‘ نعم يجب أن نحمد الله على إجابة الدعاء وعلى عدم إجابة الدعاء وعلى كل حال.
فكم اوقعتنى اختياراتى فى مشاكل لا حصر لها !
تفاصيل كثيرة من المستحيل الإلمام بها كلها.
كم كنت مخدوعا فى أشياء واشخاص.. كنت أظنها الأفضل فإذا بى اكتشف أنها الأسوأ .
أشياء كثيرة أريدها، بل الحقيقة أننى أريد كل شىء، فنفسى لا تشبع أبدا ولا تتوقف عن التطلع لكل شىء فى الحياة.
ولا استطيع أن أحقق كل هذا، ولا أستطيع أن استمتع بكل شىء فطاقتى محدودة جدا ووقتى محدود أيضا.
اكتشفت أننى أجرى دائما وأسابق الوقت، أركض خلف أشياء كثيرة وليس شىء واحد، كلما حصلت على شىء زهدته واأردت غيره ، اتحسر كل يوم على اشياء ليست لى وليست مهمة لحياتى، لن اموت بدونها لمجرد أن غيرى يمتلكها.
فى هذا السباق المحموم يضيع منى الوق.
وتسقط منى الأشياء التى وجدتها فأقف حائرا بين أشياء فقدتها وأشياء لم أصل إليها.
فلما تأملت قليلا ونظرت إلى السماء والأرض، والمخلوقات، والكون كله من حولى وجدتها كلها خاضعة لله، يٌسيرها حسب مشيئته فى خضوع تام واستسلام، فى هدوء وسكينة، إلا انا الذى يحارب ويشاغب ويعارض ويطالب.
أريد هذه السكينة والسلام، أريد أن أكون مثل النجوم مثل هذا الكون، خاضع لله مستسلم لمشيئته، فمن أكون أنا ؟ حتى أظل اعترض وأطالب طوال الوقت.. من أنا ؟! حتى يسير الكون والأشياء كلها وفق أرادتى !
لست عليما بهذا الكون حتى أصلحه، بل لست عليما حتى بنفسى حتى أصلحها.
كانت جدتى بفطرتها البسيطة تقول لى دائما عبارة: “الخير فيما اختاره الله لنا .”
هذه هى السكينة التى كنت انشدها سكينة الخضوع لله والتسليم له والرضا بما قسمه لى والاطمئنان لرحمته.