د. قاسم المحبشي يكتب: أمي مدرسة الحنان السعيد
حينما تتوجع أمي من الآلم تبتسم فيمن حولها لتشعرهم بالطمانينة والصحة والعافية، إذ لم نراها تذرف دمعة حزن أمامنا نحن أبناءها وبناتها وأحفادها وأحبابها منذ عرفناها، ليس لقسوة في قلبها ولكن حرصنا منها لكي لا نحزن من حزنها.
لم نراها قط إلا وجها يضيء بالبشر والسعادة حتى وهي مقعدة على فراش العجز والمرض.
وحينما كان أبي رحمة الله عليه يغضب وينفعل بشدة انفعال الرجال لأي سبب ما، كانت أمي تبث في بيتنا مشاعر الأمان والاطمئنان.
لم تشكو يوما من قسوة أبي، أو من تعب المسؤولية، ولم تتبرم يوما من ضيق ذات يد أو نقص معيشة.
وحينما تطمئن بأننا قد خلدنا إلى نومنا يمكنها فقط بث شجونها وشكواها إلى الله سبحانه وتعالي، تتحدث إليه بصوت خفيض، وربما كانت تذرف بعض الدموع من شدة الخشوع، كما كانت تفعل رابعة العدوية.
تشكو إليه وتسأله الستر والجلال والعفو والعافية.
وبعد أن أقعدها العجز وقد بلغت التسعين من العمر، لم نسمعها يوما تتوجع من الضيق والآلم حتى وهي في أشد حالتها المرضية، كما أنها لم تتخاصم أو تحرضنا ضد أحد طوال عمرها.
تحمد الله أنه حباها بأبناء وبنات وأحفاد أحبتهم وأحبوها، ومنهم نخبة متميزة من أفضل الأطباء في مختلف الاختصاصات الطبية أحاطوها بالرعاية والاهتمام الدائم يحفظهم الرحمن الرحيم.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفيها ويمن عليها بالصحة والعافية وحسن الخاتمة